أمراضنا النفسية التي نصدرها لابنائنا .. (2)
4 صفر 1436
د. خالد رُوشه

كثيرا ما يشكوا الآباء من تصلب أبنائهم وعدم طاعتهم لهم , وأنهم يرفضون طلباتهم دوما , أو أنهم لا يتوقفون عن الامور التي يسالونهم الامتناع عنها .

 

وكثيرا ما يلاحظ الآباء في ابنائهم التعنت وتصلب الرأي , مع ما يصحب ذلك من رغبة في تنفيذ آرائهم وطلباتهم , ومع تشديد الطلب نرى امورا اخرى كالبكاء والصراخ والاستلقاء على الارض أو إدارة الوجه مع الغضب أو الهروب إلى غرفة بعيدة مع غلق الباب والبكاء في الداخل وغير ذلك كثيرا ..

 

وقد يتطور الأمر عند الكبر تطورا اكبر فيصل الى حد ترك البيت عند عدم تنفيذ طلبه او عندما يطلب منه شىء يرفضه , ويصل الأمر بالابن أنه يعيش مع اسرته وحيدا في قراراته يرفض كل ما يطلب منه ..!

 

علماء النفس يربطون بين هذا السلوك والسلوك الذي يصير عدوانيا مع بدء مرحلة اشتداد العود عند الابناء وهو الذي يتطور فيصير عدوانيا فعليا مع سن المراهقة وبداية عمر الشباب .

 

هذا المرض النفسي من اهم اسبابه بعد الوالدين عن الطفل واقتصار حياتهم معه على الإطعام واعطاء المال وجلب ما يريده الابن , مع اهمال العلاقات النفسية مع الابن , واهمال جلسات التفريغ الوجداني بين الاب وابنه وبين الام وابنتها , وكذلك اقتصار حوار الاب مع الابناء على الأوامر والنصائح والتوجيهات , وكذلك عدم مخاطبة العقل في افعل ولا تفعل .

 

لقد لاحظ العلماء ان العناد يزداد ايضا عندما يعطي الابوان اهتماما كبيرا لأطفالهم إذا رفضوا اوامرهم – ويكبرون الموقف وينفخون فيه فيتعاظم – فيزيد الابن عنادا ( هذا في مرحلة الصغر – فينصح الىباء بتقليل الاهتمام بالعناد في مرحلة الطفولة )
إن علاج حالات العناد يجب ان يراعي سوابق افعال الابناء وتاريخ هذه الصفة , والمواقف الشديدة التي تطور فيها العناد الى مواقف وأحداث اكبر , كما لابد ان يراعي البيئة المحيطة بالابناء وموقفهم من دعمه معنويا وما يسمى بالتعزيز الاجتماعي .

 

إن رفض الآباء اقتراحات الأمهات بصورة دائمة مع تهميش رأيها واستقلاله واستصغاره وتكرار هذا الرفض مع آراء الأبناء , وترسيخ مفاهيم التنفيذ قبل المشورة هو سبب اساسي في ذلك المرض فلنحذر.

 

شىء آخر سببه نفسي أيضا و يتطور الى مرض نفسي ونوع من المخاوف الذاتية لدى الابناء وهو ما يحدث للابناء عند نومهم من كوابيس وأحلام مفزعة , وقد بينت الدراسات النفسية ان قرابة ثلث الاطفال يعانون من هذه الكوابيس الليلية وان نسبة كبيرة منهم لا يتحدثون عن ذلك لكن يمثل لهم الليل والنوم شيئا ثقيلا عليهم خصوصا الابناء من سن السادسة وحتى الثانية عشرة ..

 

لاشك أن للشيطان - لعنه الله - دورا في بث الحزن في قلوب الاطفال بل والكبار , "  ليحزن الذين آمنوا " , ولاشك أنه يتحين الفرص لبث ذلك الحزن والوهن في قلوب العباد .

 

لكن الشيطان يستغل الفرص والمواقف المحيطة بالأبناء فيكبرها ويعظمها في قلب الابناء , ويعيد عليهم الصور المكروهة لديهم , ومع ضعف نفسية الطفل , وقدرته الواسعة على التخيل ييسيطر الوهن والرعب والفزع .

 

وتمثل سلوكيات الوالدين والأهل سببا مباشرا في الأحلام المفزعة والكوابيس التي يراها الابناء , فالضرب القاسي , وشكل الوجه الغاضب من الاب عند خطأ الابناء , والعقوبة اثناء الغضب , واللطم على الوجه , ومواقف الصراع بين الأب والأم لمع صراخهما , تترك في ذهنية الابناء استعدادا كبيرا لتضخيمها في الأحلام .

 

كذلك الحكايات السلبية كحكايات الاشباح والمخاوف والسارقين والخاطفين والقاتلين وغيرهم , وما يمكن ان يسمعه الابناء الصغار من احاديث الكبار حول كل ما يفزع , اضف الى ذلك ترك الابناء في وحدتهم وعدم القرب منهم واهمال طمأنتهم وغير ذلك كلها مؤثرات سلبية .

 

وههنا ننصح بتعليم الابناء الوضوء والصلاة وذكر الله سبحانه في الصباح والمساء ( وفي حالة الأطفال الصغار ان تتم رقيتهم بالفاتحة والمعوذات وما ورد في السنة من الرقى الصحيحة الثابتة  دائما ومتكررا ) , كما ينبغي علينا تعليمهم التصرف عند رؤية الأحلام المخيفة من التعوذ بالله والتقلب الى جنب آخر والتفل عن الشمال وعدم الحديث عن المخاوف كما ورد في الحديث الشريف .

 

كما ننصح بالقرب من الأبناء الذين يشكون من ذلك وتخفيف الأمر عليهم وبث الطمأنينة في نفوسهم , وأن نراعي المعاملة الرفيقة بهم بقدر المستطاع فإن الابناء رقاق النفوس لا يقوون على مواقف القسوة النفسية السلبية التي ربما يقوم بها بعض الجهلاء من الآباء والأمهات فيتسببون في كسر نفسية الأبناء بجروح يصعب اندمالها مع الايام ...

 

...............................يتبع أيضا ان شاء الله