عقود المعاوضات المالية غير المحضة
21 محرم 1436
معاذ بن عبدالله بن عبدالعزيز المحيش

 عقود المعاوضات المالية غير المحضة: مثل الجعالة والمسابقة، والكلام عنهما في المطلبين الآتيين:

المطلب الأول: حكم الجعالة في المسجد.

يعتبر الفقهاء عقد الجعالة من عقود المعاوضات؛ قال الدسوقي في حاشيته: أحال عاقد الإجارة على البيع وتقدم في البيع ما نصه وشرط عاقده تمييز إلا بكسر فتردد ولزومه تكليف إلخ وكأن المصنف لم يحل عاقد الجعل على البيع بل على الإجارة؛ لأن الجعل للإجارة أقرب، وإشارة إلى أن الأصل في بيع المنافع الإجارة والجعل رخصة اتفاقا لما فيه من الجهالة أ.هـ(1)، وقال النووي: وما يعتبر في العمل لجواز الإجارة، يعتبر في الجعالة، سوى كونه معلوما أ.هـ(2)، وجاء في الإنصاف: الجعالة نوع إجارة لوقوع العوض في مقابلة منفعة أ.هـ(3).

ولكن يعتبرها الفقهاء من عقود المعاوضات غير المحضة؛ إذ المقصود منها مكافأة العامل على منفعة يقدمها للجاعل، ولهذا تساهل أهل العلم فيها، فجعلوا عقدها جائزاً من الطرفين، وأجازوا فيها الغرر وعدم معرفة مقدار العمل، وعدم معرفة الطرف الآخر من العقد، قال ابن قدامة في الفروق بين الجعالة والإجارة: يفارق الإجارة في أنه عقد جائز, وهي لازمة, وأنه لا يعتبر العلم بالمدة, ولا بمقدار العمل, ولا يعتبر وقوع العقد مع واحد معين أ.هـ(4)، وجاء في حاشيتي قليوبي وعميرة: هي كالإجارة إلا في أربعة أمور: جوازها وصحتها مع غير معين , وعلى عمل مجهول وتوقف استحقاق العوض فيها على فراغ العمل . وبقي أمر خامس وهو عدم قبول العامل , وسادس وهو جهل العوض, وسابع وهو سقوط كل العوض بفسخ العامل أ.هـ(5)، ومن الفروق كذلك عدم ثبوت خيار المجلس في الجعالة، ويجوز فيها الجمع بين تقدير المدة والعمل.

وبناءً على ذلك فقد يقال بجواز عقد الجعالة في المسجد، قياساً على النكاح بجامع أن المعاوضة غير مقصودة من الطرفين.

وقد يقال بالنهي عنها في المسجد؛ لأنها نوع من الإجارة فتأخذ أحكامها.

والذي يظهر للباحث أن الجعالة جائزة في المسجد بشرط ألا يرفع الجاعل صوته في المسجد وإلا كان مكروهاً، ويحرم إن أزعج أهل المسجد بذلك؛ لما سبق تقريره من المقصود من النهي عن البيع في المسجد(6).

المطلب الثاني: حكم المسابقات العلمية في المسجد، وفيه ثلاثة فروع:

الفرع الأول: تعريف المسابقات العلمية.

المراد بها: إجراء السباق في العلوم النافعة من حفظ القرآن الكريم ومعرفة معانيه، وحفظ السنة النبوية وإدراك معانيها، وحفظ الشعر، والتاريخ، والمواقع الجغرافية، وتصوير مسائل الفقه الإسلامي، وحل مشكلاته وغير ذلك(7)، وقيل: هي المسابقة على حفظ القرآن الكريم ومعرفة معانيه والحديث النبوي حفظاً ودراية، والفقه الإسلامي وغيره من العلوم النافعة في الإصابة وعدم الخطأ في المسائل(8).

الفرع الثاني: حكم المسابقات العلمية.

· تجوز المسابقات العلمية بدون عوض باتفاق الفقهاء؛ لأنها من طرق تعليم العلم والحث عليه، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاء عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، حدثوني ما هي؟" قال: فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبد الله: فوقع في نفسي أنها النخلة، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: "هي النخلة" متفق عليه(9)، قال البخاري في هذا الحديث: باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم أ.هـ(10)، وقال ابن حجر: وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم امتحان العالم أذهان الطلبة بما يخفى مع بيانه لهم إن لم يفهموه أ.هـ(11).

· فإن كانت المسابقة العلمية تحتوي على جـُعُل من ولي الأمر أو طرف أجنبي عن المتسابقين، فإنها جائزة باتفاق أهل العلم؛ قال ابن حجر: واتفقوا على جوازها بعوض بشرط أن يكون من غير المتسابقين كالإمام حيث لا يكون له معهم فرس أ.هـ(12)، وقال الباجي في المنتقى: وذلك لا يخلو من أحد حالين إما أن يكون السبق أخرجه غير المتسابقين أو أحدهم فإن أخرجه غيرهم كالإمام وغيره على أنه لمن سبق فلا خلاف في جوازه أ.هـ(13)، وقال في طرح التثريب: وأجمعوا على جوازها أيضاً - أي المسابقة - بعوض لكن بشرط أن يكون العوض من غير المتسابقين إما الإمام أو أحد الرعية أ.هـ(14)، ومستندهم في ذلك ما جاء عن ابن عمر: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سَبَّقَ بالخيل وراهن" أخرجه أحمد(15)، وجاء عن ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل وأعطى السابق" أخرجه أحمد(16).

وذكر بعض أهل العلم أن مأخذ جوازها أنها من باب التبرعات(17)، وبعضهم ذكر أنها من باب التنفيل(18).

· وإن كان الجعل من أحد المتسابقين على أنه إذا غلبه خصمه فإنه يأخذ الجعل، وإن غلب خصمه فإن الجعل يكون لمن حضر، فإنها كذلك جائزة بالاتفاق، قال ابن رشد: فأما الجائز باتفاق فهو أن يخرج أحد المتسابقَيْن إن كان اثنين أو أحد المتسابقِين إن كانوا جماعة جعلاً لا يرجع إليه بحال ولا يُخْرِجُ من سِوَاه شيئاً، فإن سُبِقَ مُخْرِجُ الجعل كان الجعل للسابق، وإن سَبَقَ هو صاحبه ولم يكن معه غيره كان الجعل طعمة لمن حضر، وإن كانوا جماعة كان الجعل لمن جاء سابقاً بعده منهم . وهذا الوجه في الجواز مثل أن يخرج الإمام الجعل فيجعله لمن سبق من المتسابقين، فهو مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم أجمعين أ.هـ(19)؛ وذلك لأنها من باب التبرعات.

· وأما الرهان في المسابقات العلمية، فقد اختلف أهل العلم في جواز ذلك على قولين:

القول الأول: جواز المراهنة في المسابقات العلمية، وإليه ذهب الحنفية(20) وبعض الحنابلة(21).

القول الثاني: عدم جواز المراهنة في المسابقات العلمية، وإليه ذهب المالكية(22) والشافعية(23) والحنابلة(24).

واستدل أصحاب القول الأول بما يلي:

1. جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: (الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)) سورة الروم/ 1-3 قال: غُلِبَت وغَلَبَت، كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم؛ لأنهم وإياهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب، فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "أما إنهم سيغلبون"، فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعل أجل خمس سنين، فلم يظهروا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، قال: "ألا جعلته إلى دون" قال: أراه العشر - قال سعيد بن جبير: والبضع ما دون العشر - قال: ثم ظهرت الروم بعدُ، قال: فذلك قوله تعالى: (الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)) إلى قوله: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)) أخرجه الترمذي (25).

وجه الدلالة: أن أبا بكر رضي الله عنه راهن كفار مكة على غلبة الروم للفرس؛ إيماناً وتصديقاً بموعود الله، وهذا من وسائل إقامة الدين بالحجج والبراهين.

ونوقش: بما يلي:

1. بأن الحديث منسوخ بتحريم القمار، قال ابن العربي: في هذا الحديث جواز المراهنة: وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عن الغرر والقمار؛ وذلك نوع منه، ولم يبق للرهان جواز إلا في الخيل، حسبما بينا في كتب الحديث والفقه أ.هـ(26)، ويشهد لذلك أمران:

أ‌. ما جاء في بعض روايات الحديث:" قال ناس من قريش لأبي بكر: فذلك بيننا وبينكم، زعم صاحبكم أن الروم ستغلب فارساً في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال: بلى، وذلك قبل تحريم الرهان، فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرهان "(27).

ب‌. قال سفيان الثوري بعد روايته لحديث ابن عباس: سمعت أنهم ظهروا عليهم يوم بدر(28)، ومن المعلوم أن تحريم القمار والخمر كان عند محاصرته صلى الله عليه وسلم لبني النضير، أي بعد السنة الثالثة للهجرة.

ونوقش: بأن هذه العبارة وذلك قبل تحريم الرهان مدرجة من كلام أحد الرواة(29)، أما ما ذكره سفيان الثوري فغير مسلم؛ لأن غلبة الروم لفارس كان في عام الحديبية؛ لما جاء عن أبي سفيان رضي الله عنه: "أن هرقل لما أظهره الله على فارس، مشى من حمص إلى إيلياء شكراً لله، فوافاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بإيلياء، فطلب من هناك من العرب، فجيء بأبي سفيان صخر بن حرب، فقال له إني سائلك عن هذا الرجل" .... فذكر الحديث وفيه "فقال: هل يغدر؟ فقال أبو سفيان: لا، ونحن الآن في أمان منه في مدة ما ندري ما هو صانع فيها"متفق عليه(30)

ويريد أبو سفيان بذلك صلح الحديبية الذي كان في السنة السادسة من الهجرة، قال ابن القيم: فعُلِمَ أن تحريم القمار سابق على أخذ الصديق الرهان الذي راهن عليه أهل مكة، ولو كان رهان الصديق منسوخاً، لكان أبعد الناس منه أ.هـ(31).

2. أن هذه القصة منسوخة بحديث أبي هريرة: "لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر"(32)؛ لإسلام أبا هريرة عام خيبر سنة سبع، وهذا بعد تحريم القمار والخمر(33).

ونوقش: بما يلي(34):

أ‌. إن من شروط النسخ معرفة التاريخ للمتقدم والمتأخر، وهذا متعذر في مسألتنا هذه؛ لأنه من الجائز أن يكون أبو هريرة أرسله عن بعض الصحابة كما في عامة أحاديثه.

ب‌. ولو سلمنا جدلاً بتأخر حديث أبي هريرة عن قصة أبي بكر، فيقال بأن قصة أبي بكر لم تدخل في حديث أبي هريرة بالكلية، ولا أريد بها نفي ولا إثبات، وعلى هذا فكل واحد من الحديثين يبقى معمولاً به لأنه على بابه، ولا تعارض بينهما كما قال ابن القيم(35).

2. إنما يحرم الرهان إذا كان على باطل لا منفعة فيه في الدين، وأما الرهان على ما فيه ظهور الإسلام وأدلته وبراهينه أولى بالجواز من الرهان على النضال؛ لأن الدين قام بالحجة والبرهان، وبالسيف والسنان، والمقصد الأول إقامته بالحجة، والسيف منفذ(36).

3. إن الرهان في العلوم والحجج التي بها تفتح القلوب ويعز الإسلام وتظهر أعلامه، أولى وأحرى بالجواز من الرهان في الرمي والخيل والإبل التي فيها تعلم للفروسية وإعداد القوة للجهاد في سبيل الله لتبليغ هذا الدين(37)، وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) سورة الفرقان:52

واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:

1. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)) سورة المائدة:90

وجه الدلالة: أن الميسر - وهو أن يدخل الإنسان في معاملة ولا يعلم أيغنم أو يغرم - محرم إلا ما رخص من الرهان في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر"(38)، والمسابقات العلمية لا تدخل في الحديث لا لفظاً ولا معنى؛ إذ ليس فيها تقوي على الجهاد.

الترجيح: الذي يظهر للباحث جواز الرهان على المسابقات العلمية الدينية؛ لما جاء في قصة أبي بكر رضي الله عنه، ولأن الدين علا بالحجة والبيان وبالسيف والجهاد.

مع مراعاة عدم التوسع في مفهوم المسابقات العلمية، فلا يدخل في ذلك المسابقات المشتملة على التاريخ أو الجغرافيا أو غيرها من العلوم إذا لم يكن فيها إظهار للدين وإقامة له.

· المواضع التي يجوز فيها إخراج الرهان لا تخلو من حالتين:

أ‌. أن يخرج أحد المتسابقين جعلاً على أنه إن غلب خصمه أحرز جعله، وعاد إليه ماله، وإن غلبه خصمه أخذ جعله، فقد اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: يجوز ذلك، وإليه ذهب الحنفية(39) والشافعية(40) والحنابلة ووجه عند المالكية(41).

القول الثاني: لا يجوز ذلك، وإليه ذهب المالكية(42).

واستدل أصحاب القول الأول بما يلي:

1. قال صلى الله عليه وسلم: "لا سبق إلا في جعل أو حافر أو نصل"(43).

وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق جواز بذل السبَق في هذه الأمور الثلاثة، فشمل ما كان ذلك من أجنبي أو من أحد الطرفين(44).

2. أن العوض إذا كان من أحد الطرفين فإنه لا يدخل في القمار المنهي عنه، والأصل في المعاملات الحل(45).

3. أن العوض إذا كان من أحد الطرفين فإنه يحمل على الإعداد للجهاد في الجملة بمال نفسه , وذلك أولى بالجواز من التنفيل من الإمام; لأن هذا يتصرف في مال نفسه بالبدل , والإمام بالتنفيل يتصرف فيما لغيره فيه حق في الجملة وهو الغنيمة، فلما جاز ذلك فهذا بالجواز أولى(46).

4. أن أحد المتسابقين يختص بالسبق، فجاز كما لو أخرجه الإمام(47).

واستدل أصحاب القول الثاني: بأن المال لو رجع إلى المخرج لأصبح قماراً، فنمنع رجوع الجعل للمخرج.

الترجيح: الذي يظهر للباحث أن القول الأول هو الأسعد بالدليل والتعليل، ولأن القمار المحرم ما كان البذل فيه من كلا الطرفين، قال في تبيين الحقائق: أن النقصان والزيادة لا يمكن فيهما, وإنما في أحدهما يمكن الزيادة, وفي الآخر النقصان فقط فلا يكون مقامرة؛ لأن المقامرة مفاعلة منه، فتقتضي أن تكون من الجانبين, وإذا لم يكن في معناه جاز استحسانا لما روينا أ.هـ(48).

ب‌. أن يخرج جميع المتسابقين جعلاً، ويأخذه السابق منهم، فقد اختلف العلماء في ذلك على أقوال أشهرها:

القول الأول: يجوز ذلك، وإليه ذهب بعض الحنابلة(49).

القول الثاني: يجوز ذلك إذا أُدخل في السباق محللاً، ويشترط في المحلل: ألا يدفع شيئاً وأن يمكن سبقه للمتسابقين، وإليه ذهب الحنفية(50) والشافعية(51) والحنابلة(52) وقول عند المالكية(53).

القول الثالث: لا يجوز ذلك ولو أدخل بينهما محللاً، وإليه ذهب المالكية(54).

أدلة القول الأول:

1. قال صلى الله عليه وسلم: "لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل"(55).

وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق جواز بذل السبَق في هذه الأمور الثلاثة، ولم يقيده بمحلل، قال ابن القيم: فلو كان المحلل شرطاً، لكان ذكره من أهم ذكر محال السباق - إن كان السباق بدونه حراماً، وهو قمار عند المشترطين - فكيف يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم جواز أخذ السبق في هذه الأمور، ويكون أغلب صوره مشروطاً بالمحلل، وأكل المال بدونه حرام، ولا يبينه بنص ولا بإيماء ولا تنبيه، ولا ينقل عنه، ولا عن أصحابه مدة رهانهم في المحلل قضية واحدة؟!(56).

2. عن سعيد بن جبير : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبطحاء فأتى عليه يزيد بن ركانة أو ركانة بن يزيد ومعه أعنز له فقال له يا محمد هل لك أن تصارعني؟ فقال: "ما تسبقني ؟‍!"، قال: شاة من غنمي، فصارعه، فصرعه فأخذ شاة، قال ركانة: هل لك في العود؟! قال: "ما تسبقني؟"، قال: أخرى، ذكر ذلك مراراً، فقال: يا محمد، والله ما وضع أحد جنبي إلى الأرض، وما أنت الذي تصرعني - يعنى فأسلم -، ورد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم غنمه " أخرجه عبد الرزاق وأبو داود والبيهقي(57).

3. عن أبي لبيد لمازة بن زبار قال: أرسلت الخيل زمن الحجاج، فقلنا: لو أتينا الرهان قال: فأتيناه، ثم قلنا: لو ملنا إلى أنس بن مالك فسألناه: هل كنتم تراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: فأتيناه فسألناه، فقال: "نعم لقد راهن على فرس له، يقال له سبحة فسبق الناس، فبهش(58) لذلك وأعجبه" أخرجه أحمد وابن أبي شيبة والدارمي والبيهقي والطبراني (59).

قال ابن القيم مبيناً وجه الدلالة: والمراهنة مفاعلة، وهي لا تكون إلا من طرفين، هذا أصلها والغالب عليها(60).

ونوقش: بأنه أراد إذا سبق أحد الفارسين صاحبه فيكون السبق منه دون صاحبه، قاله البيهقي(61).

ويناقش: بأنه تأويل بعيد، ومصارعته صلى الله عليه وسلم مع ركانه ترد هذا التأويل وتبطله.

4. وعن عمران بن حصين قال: قال صلى الله عليه وسلم:" لا جلب(62) ولا جنب(63) في الرهان" أخرجه أبو داود(64).

قال ابن القيم مبيناً وجه الدلالة: والرهان على وزن فعال، وهو يقتضي أن يكون من الجانبين، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم في عقد الرهان الجلب والجنب، ولم يبطل اشتراطهما في بذل السبَق، مع أن بيان حكمه أهم من بيان الجلب والجنب بكثير أ.هـ(65).

5. قال رجل عند جابر بن زيد(66): إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا لا يرون بالدخيل بأساً، فقال: هم كانوا أعف من ذلك أخرجه أبو عبيد(67).

قال ابن القيم مبيناً وجه الدلالة: والدخيل عندهم هو المحلل فينافيه ما نقل عنهم أنهم لم يكونوا يرون به بأسا، وفرق بين أن لا يرون به بأسا وبين أن يكون شرطا في صحة العقد وحله فهذا لا يعرف عن أحد منهم ألبتة، وقوله: كانوا أعف من ذلك ؛ أي: كانوا أعف من أن يدخلوا بينهم في الرهان دخيلا كالمستعار ولهذا قال جابر بن زيد راوي هذه القصة: "أنه لا يحتاج المتراهنان إلى المحلل"أ.هـ(68).

6. جاء عن أبي عبيدة عامر بن الجراح أنه قال: من يراهنني؟ فقال شاب: أنا إن لم تغضب، قال: فسبقه، قال: فرأيت عقيصتي أبي عبيدة تنقزان وهو على فرس خلفه عربي، رواه أحمد وابن أبي شيبة(69).

وجه الدلالة: أنه لم يذكر في الأثر محلل ولا غيره، ومثل هذا لابد أن يشتهر، ولم ينقل عن صحابي خلافه(70).

7. قال ابن تيمية: ما علمت بين الصحابة خلافاً في عدم اشتراط المحلل أ.هـ(71).

أدلة القول الثاني:

1. ما جاء عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أدخل فرساً بين فرسين - يعني وهو لا يأمن أن يسبق- فليس بقمار، ومن أدخل فرساً بين فرسين، وقد أمن أن يسبق فهو قمار" أخرجه أبو داود وابن ماجه(72).

قال الطحاوي مبيناً وجه الدلالة: فكان المراد في هذا الحديث والله أعلم أن الرجلين يتسابقان بالفرسين ويدخلان بينهما دخيلا ويجعلان بينهما جعلا وذلك الدخيل تسميه العرب محللاً، فيضع الأولان رهنين، ولا يضع المحلل شيئاً، ثم يرسلون الأفراس الثلاثة، فإن سَبَقَ أحد الأولين؛ أخذ رهن صاحبه، فكان طيبا له مع رهنه، وإن سَبَقَ المحلل ولم يَسْبِقُ واحد من الأولين؛ أخذ الرهنين جميعاً، فكانا له طيبين وإن سُبِقَ هو لم يكن عليه شيء للأولين أ.هـ(73).

2. ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل، وجعل بينهما سبَقاً، وجعل بينهما محللاً، وقال: "لا سبق إلا في حافر أو خف أو نصل"أخرجه الطبراني(74).

3. ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا جلب ولا جنب، وإذا لم يدخل المتراهنان فرساً يستبقان على السبق فيه، فهو حرام" أخرجه ابن أبي عاصم والجوزجاني (75).

وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترط على المتراهنين إدخال طرف آخر لم يراهن معهم ليحل العقد.

نوقش: بأن الحديث ضعيف.

وأجيب: بأن الحديث غايته أن يكون مرسلاً، فإذا انضم للأحاديث السابقة فيقوى أمره ويصلح للاستشهاد به لا للاعتماد عليه(76).

4. عن بكر قال: رأى رجلان ظبياً، وهما محرمان، فتواخيا(77) فيه وتراهنا, فرماه بعصا فكسره, فأتيا عمر وإلى جنبه ابن عوف، فقال لعبد الرحمن: ما تقول؟ قال: هذا قمار ولو كان سبَقاً أخرجه ابن أبي شيبة(78).

وجه الدلالة: أن عمر وعبدالرحمن بن عوف جعلاه قماراً لما أخرجا معاً، فدل ذلك على اشتراط المحلل لإخراج العقد عن صورة القمار(79).

ونوقش: بأن عمر لم يجعله قماراً لعدم وجود المحلل، وإنما كان قماراً؛ لأنه أكل مال بالباطل، فإنهما استبقا إلى فعل لا يجوز بذل السبق فيه بالاتفاق، وهو أخذ الصيد في حال الإحرام، فهذا قمار وإن دخل فيه محلل (80).

5. إن كل واحد من المتسابقين لا يخلو إما أن يغنم أو يغرم، وهذه حقيقة القمار، فإذا دخل طرف ثالث لم يدفع شيئاً، فإنه يقلب العقد من الحل إلى الحرمة، ودخوله من الحيل المباحة(81).

وناقشه ابن القيم بأوجه كثيرة من أبرزها(82):

أ‌. إنما جاز بذل السبق في كل ما يعين على أسباب الجهاد؛ تحريضاً للنفوس عليه، فإن النفس يصير لها داعيان: داعي الغلبة، وداعي الكسب،فتقوى رغبتها في العمل المحبوب لله تعالى ورسوله، فعلم أن أكل المال بهذا النوع أكل له بحق لا بباطل، ومعلوم أن دخول المحلل يضعف هذا الغرض، ويفتر عزم الأقران، فهو يعود على مطلوب الشارع بالإبطال، فإن المتسابقين متى رأيا بينهما دخيلا مستعارا، يأكل مالهما إن غلب، ولا يأخذان منه شيئا إن غلباه، فترت عزيمتهما وضعف حرصهما، ومعلوم أن هذا لا إعانة فيه على هذا العمل، ولا تقوية فيه للرعية، ولا هو أدى إلى تحصيل المال الباعث على العمل فالعقد بدونه أقرب إلى حصول ما يحبه الله تعالى.

ب‌. لو كان تحريم هذا العقد الذي أخرج فيه المتعاقدان كلاهما من غير محلل لما فيه من المخاطرة بين المغنم والمغرم، للزم طرد ذلك، فيحرم كل عقد تضمن مخاطرة بين الغنم والغرم، وكان يلزم تحريم الشركة، فإن كل واحد من الشريكين إما إن يغرم وإما أن يغنم.

 فإن قلتم: بل ها هنا قسم ثالث وهو أن يسلم فلا يغنم ولا يغرم، كان جوابكم من وجهين:

 أحدهما: أن السابق كذلك قد يسلم أيضا فلا يَسبِق ولا يُسبَق.

الثاني: أن احتمال هذا القسم لا يزيل المخاطرة بل كانت مخاطرة بين أمرين فصارت بين ثلاثة.

ج. لو كانت علة التحريم لاشتراكهما في الإخراج هي المخاطرة، لزم فساد العلة لتخلف الحكم عنها في صورة المحلل، وحينئذ فيقال: ليس الحكم لفساد التخلف المذكور مع المحلل أولى من اعتبارها للاقتران مع عدمه.

6. من القواعد الفقهية المقررة: أنه لا يجوز أن يجتمع العوضان لشخص واحد، قال القرافي: مسألة المسابقة بين الخيل، فقلنا السابق لا يأخذ ما جعل للسابق؛ لأن السابق له أجر التسبب للجهاد، فلا يأخذ الذي جعل في المسابقة؛ لئلا يجتمع له العوض والمعوض، فلهذه الحكمة وبسبب هذه القاعدة اشترط بعض العلماء الثالث المحلل لأخذ العوض أ.هـ(83).

ويناقش: بأن القاعدة تَرِدُ على عقود المعاوضات المحضة القائمة على المغابنة والمكايسة، أما العقود التي لا تتلبس بالمغابنة والمكايسة لا تشملها القاعدة، قال القرافي: اعلم أن القاعدة الشرعية الأكثرية أنه لا يجوز أن يجتمع العوضان لشخص واحد فإنه يؤدي إلى أكل المال بالباطل وإنما يأكله بالسبب الحق إذا خرج من يده ما أخذ العوض بإزائه فيرتفع الغبن والضرر على المتعاوضين فلذلك لا يجوز أن يكون للبائع الثمر والسلعة معا ولا للمؤجر الأجرة والمنفعة معا أ.هـ(84).

أدلة القول الثالث:

1. أنه يمكن أن يرجع السبق إلى المُخرِج، وهذا قمار.

2. أن دخول المحلل حيلة لجواز العقد، فهو مثل المحلل في النكاح والعينة، وقد ثبت النهي، فكما أن المحلل في النكاح والعينة لا يبيحها فكذلك في السباق لا يبيحه(85).

الترجيح: الذي يظهر للباحث قوة القول الأول، وأنه الأقرب لمقاصد الشريعة، والحديث الوارد يبين جواز أخذ السبق مطلقاً، سواء كان من أحد الجانبين أو من الجميع أو من طرف أجنبي، والله تعالى أعلم.

الفرع الثالث: حكم المسابقات العلمية في المسجد.

تحرير محل النزاع:

· إن كان الجعل من الإمام يدفعه من بيت المال؛ فإنه يلحق بالتنفيل؛ لما فيه من التحريض على تعلم الفروسية، وإعداد أسباب القتال.

قال في تبيين الحقائق: ولو قال واحد من الناس لجماعة من الفرسان أو للاثنين فمن سبق فله كذا من مال نفسه أو قال للرماة من أصاب الهدف فله كذا جاز لأنه من باب التنفيل أ.هـ(86).

وقال النووي: فيجوز للإمام أن يخرج المال من خاص نفسه ومن بيت المال، لما فيه من التحريض على تعلم الفروسية، وإعداد أسباب القتال أ.هـ(87).

وقال ابن قدامة: أن المسابقة إذا كانت بين اثنين أو حزبين , لم تخل إما أن يكون العوض منهما , أو من غيرهما , فإن كان من غيرهما نظرت , فإن كان من الإمام جاز , سواء كان من ماله , أو من بيت المال ; لأن في ذلك مصلحة وحثا على تعلم الجهاد , ونفعا للمسلمين أ.هـ(88).

وما كان كذلك فإنه جائز في المسجد؛ لما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين، فقال: "انثروه في المسجد" وكان أكثر مال أتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدا إلا أعطاه، إذ جاءه العباس، فقال يا رسول الله: أعطني، فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذ" فحثا في ثوبه، ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال: يا رسول الله، اؤمر بعضهم يرفعه إلي، قال: "لا" قال: فارفعه أنت علي، قال: "لا" فنثر منه، ثم ذهب يقله، فقال: يا رسول الله، اؤمر بعضهم يرفعه علي، قال: "لا" قال: فارفعه أنت علي، قال: "لا" فنثر منه، ثم احتمله، فألقاه على كاهله، ثم انطلق، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعه بصره حتى خفي علينا - عجبا من حرصه - فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثم منها درهم، أخرجه البخاري(89).

قال ابن رجب: وفيه: جواز قسمة مال الفيء في المسجد ووضعه فيه أ.هـ(90)، ومال الفيء يصرف في مصالح المسلمين، وإقامة المسابقات العلمية من المصالح، فجاز بذل الجعل لهم في المسجد.

· إن كان الجعل من طرف أجنبي عن المتسابقين، أو من أحدهما أو كليهما، فلأهل العلم في تكييف هذا العقد أربعة أقوال:

القول الأول: إن كان الجعل من طرف أجنبي أو من أحدهما، فإنه يلحق بالتبرع، وإن كان الجعل من كليهما فإنه يكون عقد مستقل قائم بذاته ويسمى المراهنة أو المسابقة، وإليه ذهب بعض الحنابلة(91).

القول الثاني: يلحق بعقد الإجارة فيكون العقد لازماً، وإليه ذهب المالكية(92) وبعض الشافعية(93) وبعض الحنابلة(94).

القول الثالث: يلحق بعقد الجعالة فيكون العقد جائزاً، وإليه ذهب الحنفية والحنابلة(95) وبعض الشافعية(96).

واستثنى الحنفية ما دفعه الطرف الأجنبي من جعل، وما دفعه أحدهما؛ قال الكاساني: لأن الخطر إذا كان من أحد الجانبين لا يحتمل القمار فيحمل على التحريض على استعداد أسباب الجهاد في الجملة بمال نفسه , وذلك مشروع كالتنفيل من الإمام وبل أولى ; لأن هذا يتصرف في مال نفسه بالبدل , والإمام بالتنفيل يتصرف فيما لغيره فيه حق في الجملة وهو الغنيمة فلما جاز ذلك فهذا بالجواز أولى أ.هـ(97).

القول الرابع: يلحق بعقد الإجارة في حق مُخرِج المال فيلزمه العقد، ويلحق بعقد الجعالة في غير مُخرِج المال فلا يلزمه العقد، وإليه ذهب الشافعية(98).

دليل القول الأول: أن المسابقة شرعت تمويناً وتدريباً وتوطيناً للنفس على الجهاد، فهي تختلف عن جميع العقود.

أدلة القول الثاني(99):

1. أنه عقد ومن شرط صحته أن يكون معلوم العوض والمعوض، فوجب أن يكون لازما كالإجارة طردا والجعالة عكسا.

2. أن ما أفضى إلى إبطال المعقود بالعقد كان ممنوعا منه في العقد، وبقاء خياره فيه مفض إلى إبطاله المقصود به؛ لأنه إذا توجه السبق على أحدهما فسخ لم يتوصل إلى سبق، ولم يستحق فيه عوض، والعقد موضوع لاستقراره واستحقاقه، فنافاه الخيار وضاهاه اللزوم.

3. بأن هذه معاملة مقصودة، ومبناها على اشتراط الضبط في المبدأ والمنتهى، وعدد الإصابات وكيفية الفوز، فيبقى ما وراء ذلك من عدد الرمي، وهذا القدر جهالته محتملة؛ فإن الجهالة اللائقة بمقصود العقد لا تلحق العقد مما يشتمل على المجاهيل(100).

أدلة القول الثالث(101):

1. أن ما صح من عقود المعاوضات إذا قابل غير موثوق بالقدرة عليه عند استحقاقه كان من العقود الجائزة دون اللازمة كالجعالة طردا؛ لأنه لا يثق بالغلبة في السبق والرمي كما لا يثق بوجود الضالة في الجعالة وعكسه الإجارة متى لم يثق بصحة العمل منه لم يصح العقد.

2. أن ما كان إطلاق العوض فيه موجبا لتعجيل استحقاقه كان جائزا كالجعالة وإطلاق العوض في السبق والرمي لا يوجب التعجيل، فوجب أن يكون جائزا ولا يكون لازما.

3. المقصود من هذه المعاملة لا ينضبط؛ إذ لو كانت في المناضلة والمشروط عدد إصابات الرمي، فلا ضبط، فقد تتوالى الإصابات من الأخرق، وقد لا يصيب الحاذق منها شيئاً، والجواز لائق بالعقد الذي مقصوده مجهول(102).

أدلة القول الرابع:

إن العقد لا يلزم في جانب من لم يضع سبَقاً؛ لأنه المستحِق ولا يُستحق عليه، وهذا كما أنَّ العقد يكون جائزاً من جانب المرتهن والمكاتب، وإنما يلزم العقد في حق من وضع السبَق لو أراد الامتناع بعد العقد(103).

الترجيح: الذي يظهر للباحث أن الصواب هو القول الأول، لوجود الفرق بين المسابقة والإجارة من أوجه عديدة منها(104):

1. أنه عقد جائز لكل منهما فسخه قبل الشروع في العمل، بخلاف الإجارة.

2. أن العمل في الإجارة لابد وأن يكون معلوماً مقدوراً للأجير، بينما السبق غير معلوم له، ولا مقدور، ولا يدري أيسبِق أم يُسبَق؟ وهذا في الإجارة غرر محض.

3. أن العمل في الإجارة يرجع إلى المستأجر، والمال يعود إلى الأجير، فهذا بذل ماله، وهذا بذل نفعه في مقابلته، فانتفع كل منهما بما عند الآخر، بينما يرجع العمل في المسابقة إلى السابق.

4. أن الأجير إذا لم يوفِ العمل، لم يلزمه غرم، والمتسابق إذا لم يجئ سابقاً، غرم ماله إذا كان مخرجاً.

5. أن عقد الإجارة لا يفتقر إلى محلل، بينما المسابقة عند الجمهور تفتقر إلى محلل في بعض صورها.

6. أن الأجير إما أن يكون خاصاً أو مشتركاً، والمتسابق ليس واحد منهما، فإنه ليس في ذمته عمل يلزمه الوفاء به، ولا يلزمه تسليم نفسه إلى العاقد معه.

7. أن الأجرة تجب بنفس العقد وتستحق بالتسليم، بينما الجعل في المسابقة لا يجب بالعقد ولا يستحق بالتسليم.

8. أن الأجير له أن يستنيب في العمل من يقوم مقامه، ويستحق الأجرة، وليس ذلك للمسابق.

9. أنه لو أجَّر نفسه على عمل بشرط أن يؤجره الآخر نفسه على نظيره، فسدت الإجارة، وعقد السباق لا يصح إلا بذلك، فإن خلا عن هذا لم يكن عقد سباق.

10. أن الأجير يحرص على أن يوفي المستأجر غرضه، والمراهن أحرص شيء على ضد غرض مُراهِنِه، وهو أن يغلبه ويأكل ماله.

ويختلف عقد المسابقة عن الجعالة بجملة من الأحكام منها(105):

1. أن العامل فيه لا يجعل جعلاً لمن يغلبه ويقهره، وإنما يبذل ماله فيما يعود نفعه إليه.

2. أن الجعالة يجوز أن يكون العمل فيها مجهولاً، بخلاف عقد المسابقة، فإن العمل فيه لا يكون إلا معلوماً.

3. يجوز أن يكون العوض في الجعالة مجهولاً، بخلاف عقد المسابقة.

4. أن المتسابق قصده تعجيز خصمه، وألا يوفي عمله، بخلاف الجاعل، فإن قصده حصول العمل المجعول له وتوفيته إياه.

5. أن الجعالة لا تفتقر إلى محلل بخلاف عقد المسابقة على قولهم.

ثم إن عقد المسابقة لو كان جعالة، لما اقتصر جوازه على ما جاء في الحديث؛ ولهذا قال عطاء: السبق في كل شيء(106)، ولهذا توسع الحنفية في عقد المسابقة، قال ابن القيم في الفروسية: فمذهب أبي حنيفة في هذا الباب أوسع المذاهب، ويليه مذهب الشافعي، ومذهب مالك أضيق المذاهب، ويليه مذهب أحمد، ومذهب أبي حنفة هو القياس؛ لو أن السبق المشروع من جنس الجعالة، ومنازعوه أكثرهم يسلم له أنه من باب الجعالات، فألزمهم الحنفية القول بجواز السبق في الصور التي منعوها، فلم يفرقوا بفرق طائل، وألزموا الحنفية أنها لو كانت من باب الجعالات لما اشترط فيها محلل إذا كان الجعل من المتسابقين كما لا يشترط في سائر الجعلات إذا جعل كل منهما جعلا لمن يعمل له نظير ما يعمله هو للآخر، وهذا مشترك الإلزام بين الطائفتين، فإنهم سلموا له أنها من باب الجعالات، ثم اقتصروا بها على بعض الأعمال المباحة، واشترطوا فيها المحلل إذا كان الجعل منهما، هذا مخالف لقاعدة باب الجعالة أ.هـ(107).

وبناءً على ما تقدم: فعلى القول الأول؛ إن كان الجعل من طرف أجنبي أو من أحد المتسابقين فإنه يكون تبرعاً، وهي جائزة في المسجد، وإن كان الجعل من كليهما يجوز إجراء عقد المسابقة في المسجد؛ لأنه شرع للتدريب على الجهاد والتقوي عليه، وهذه طاعة والمسجد محل لها، ولهذا كان المسجد محلاً لجمع الجيوش، بل قال بعض الفقهاء لما لعب الحبشة بحرابهم في المسجد: والمقصود من هذا الحديث: جواز اللعب بآلات الحرب في المساجد؛ فإن ذلك من باب التمرين على الجهاد، فيكون من العبادات، ويؤخذ من هذا: جواز تعلم الرمي ونحوه في المساجد، ما لم يخشى الأذى بذلك لمن في المسجد، كما تقدم في الأمر بالإمساك على نصال السهم في المسجد لئلا تصيب مسلما، ولهذا لم تجر عادة المسلمين بالرمي في المساجد... ولكن أن كان مسجد مهجور ليس فيه أحد، أو كان المسجد مغلقا ليس فيه إلا من يتعلم الرمي فلا يمنع جوازه حينئذ أ.هـ(108)، وقال النووي: فيه جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد ويلتحق به ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد وأنواع البر أ.هـ(109).

وأما على القول الثاني: فالعقد يأخذ حكم تعليم القرآن والعلوم الشرعية بأجرة في المسجد(110).

وأما على القول الثالث: فالعقد يأخذ حكم الجعالة في المسجد، وتقدم بيان حكمها في المسجد(111).

وأما على القول الرابع: فيرجع إلى ما ذكرناه في القولين السابقين(112).

والذي يظهر للباحث أن المسابقات العلمية جائزة في المسجد، ولو مع وجود اللغط وارتفاع للأصوات؛ للمصلحة التي تعود على المسلمين، كما في القضاء في المسجد أو تعليم الناس أمور دينهم من صلاة وزكاة وتصحيح قراءتهم للقرآن، فإن ذلك يصحبه لغط وارتفاع للأصوات غالباً.

وينبغي لإمام المسجد ألا يقيم هذه المسابقات إلا بموافقة من جماعة المسجد؛ لأنهم المستهدفون منها.

نشد الضالة في المسجد بجعل.

هذه المسألة مركبة من مسألتين وهما: حكم نشد الضالة في المسجد، وحكم التكسب بالصنعة في المسجد، وإليك تحرير محل النزاع:

· اتفقوا على النهي عن نشدها في المسجد بجعل إن ضلت خارجه وكان رافعاً صوته(113).

· أما الإنشاد عنها في المسجد إن ضلت داخله أو لم يرفع صوته فيه، فقد اختلف أهل العلم على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يجوز نشدها إذا لم يرفع صوته، سواء ضلت داخل المسجد أو خارجه، وإليه ذهب المالكية(114) وبعض الشافعية(115).

القول الثاني: يجوز نشدها فيه إن ضلت داخل المسجد ولم يرفع صوته، وإليه ذهب بعض أهل العلم(116).

القول الثالث: يُنهَى عن ذلك، وإليه ذهب الجمهور(117).

وهذه الأقوال إن كان الإنشاد بدون جعل، فإن كان بجعل فإن آراء العلماء تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: من نهى عن إنشادها في المسجد، فيتخرج على رأيهم تحريم نشد الضالة في المسجد بجعل؛ لأن نشد الضالة في المسجد مكروه عندهم، والتكسب بالصنعة المباحة في المسجد بعضهم حرمه وبعضهم كرهه، فكيف بالصنعة المكروهة في المسجد؟! لا شك أنها أشد كراهة إن لم تكن محرمة.

القسم الثاني: من أباحها في بعض حالاتها، فيتخرج في الحالات المباحة خلاف أهل العلم في التكسب بالصنعة في المسجد.

وتقدم ترجيح جواز إنشاد الضالة في المسجد إذا لم يرفع صوته، وجواز التكسب بالصنعة في المسجد إن كانت يسيرة وتكره إن كانت كثيرة، ويحرم الإنشاد والتكسب بالصنعة إن أزعج المصلين والمتعبدين في المسجد، والله أعلم.

--------------.

(1) 4/60.

(2) روضة الطالبين 5/270.

(3) 6/389.

(4) المغني 8/327.

(5) 3/131.

(6) انظر: صفحة 66 وما بعدها.

(7) أحكام المسابقات المعاصرة لشبير 17.

(8) المسابقات وأحكامها للشثري 187.

(9) البخاري في كتاب العلم، باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم 1/22 برقم 62. مسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب مثل المؤمن مثل النخلة 4/2164 برقم 2811.

(10) صحيح البخاري 4/2164 .

(11) فتح الباري 1/193.

(12) فتح الباري 6/89.

(13) 3/216. وذكر ابن قدامة في المغني أن الإمام مالك لا يجيز بذل المال من غير الإمام، ولم أجد ذلك في كتبهم.

(14) 7/241.

(15) 9/250 برقم 5348.

درجته: قواه ابن حجر، وصححه الأرناؤوط. انظر: التلخيص الحبير 6/3099.

(16) المسند 9/471 برقم 5656.

درجته: صححه الألباني، وضعفه الأرناؤوط. انظر الإرواء 5/336.

(17) انظر: الفروسية 331.

(18) انظر: تبيين الحقائق 6 /228.

(19) البيان والتحصيل 18/ 264 -265.

(20) انظر: تبيين الحقائق 7/467. حاشية ابن عابدين 9/666.

(21) انظر: الاختيارات. الفروسية 318. الفروع 7/190. الإنصاف 6/67.

وذكر ابن القيم أنه أحد أقوال الشافعي، فقال في الفروسية 318 : وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا وحكاه ابن عبدالبر عن الشافعي اهـ. وبحثت عنه في التمهيد والاستذكار وجامع بيان العلم ولم أجده، ولم أجد ذلك في كتب الشافعية، ولكن جاء في حلية الأولياء 9/119 عن الحميدي أنه قال: ربما ألقى الشافعي علي وعلى ابنه عثمان المسألة فيقول: أيكم أصاب فله دينار، ولكن هذا الجعل من طرف أجنبي عن المتسابقين، وهو جائز بالتفاق كما سبق بيانه.

(22) انظر: مواهب الجليل 4/613. حاشية الدسوقي 2/534.

(23) انظر: مغني المحتاج 4/420. تحفة المحتاج 9/398 .

(24) انظر: الفروع 7/190.الإنصاف 6/67.

(25) الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب سورة الروم 721 برقم 3193 .

درجته: قال عنه الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب إنما نعرفه من حديث سفيان الثوري عن حبيب بن أبى عمرة اهـ، وصححه الحاكم وابن القيم والألباني والأرناؤوط. انظر: المسند 4/296. الفروسية 207.

(26) أحكام القرآن لابن العربي 3/522.

(27) الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب سورة الروم 721 برقم 3194.

درجته: قال الترمذي: هذا حديث صحيح حسن غريب من حديث نيار بن مكرم لا نعرفه إلا من عبد الرحمن بن أبي الزناد اهـ، وحسنه الألباني.

(28) سنن الترمذي 721.

(29) انظر: الفروسية 95.

(30) البخاري في كتاب الجهاد، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام والنبوة وأن لا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله وقوله تعالى {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب} إلى آخر الآية 4/45 برقم 2940. مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبي صلى الله عليه و سلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام 3/1393 برقم 1773.

(31) الفروسية 208.

(32) أبو داود في كتاب الجهاد، باب في السبق 453 برقم 2574واللفظ له. النسائي في كتاب الخيل، باب السبق 558 برقم 3585. الترمذي في كتاب الجهاد، باب ما جاء في الرهان والسباق 396 برقم 1700. ابن ماجه في كتاب الجهاد، باب السبق والرهان 488 برقم 2878.

درجته: صححه ابن حبان وابن القطان وابن دقيق العيد والألباني والأرناؤوط وحسنه الترمذي وأعل الدارقطني بعضها بالإرسال. انظر: مسند أحمد 12/435. صحيح ابن حبان 10/544. التلخيص الحبير 6/3090 -3091.

(33) الفروسية 209.

(34) انظر: الفروسية لابن القيم 209 -211.

(35) انظر: الفروسية 211.

(36) انظر: الفروسية 97.

(37) انظر: الفروسية 97.

(38) سبق تخريجه.

(39) انظر: تبيين الحقائق 7/466. حاشية ابن عابدين 9/665.

(40) تحفة المحتاج 9/402. مغني المحتاج 4/422.

(41) انظر: مواهب الجليل 4/611. حاشية الدسوقي 2/533.

(42) انظر المراجع السابقة.

(43) سبق تخريجه.

(44) انظر: الفروسية 165.

(45) انظر: بدائع الصنائع 6/325.

(46) انظر: بدائع الصنائع 6/325.

(47) المغني 13/408.

(48) 7‍‍‍/466.

(49) انظر: فتاوى ابن تيمية 28/22. الفروسية 162 وما بعدها. الفروع 7/193. الإنصاف 6/69.

(50) انظر: تبيين الحقائق 7/467. حاشية ابن عابدين 9/665.

(51) انظر: تحفة المحتاج 9/402

(52) انظر: الفروع 7/193. الإنصاف 6/69.

(53) انظر: التمهيد 14/36. التاج والإكليل 4/611.

(54)انظر: مواهب الجليل 4/611. حاشية الدسوقي 2/533- 534.

(55) سبق تخريجه.

(56) الفروسية 165.

(57) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه 11/427. وأبو داود في المراسيل 235. وأبي نعيم في معرفة الصحابة 1114. والبيهقي في سننه في كتاب السبق والرمي، باب ما جاء في المصارعة 10/33 برقم 20318 واللفظ له. والبيهقي كذلك في دلائل النبوة 6/250.

درجته: جود البيهقي وابن حجر إرساله وضعفا وصله، وجوده ابن تيمية وابن القيم، وحسنه الألباني، وقال البيهقي: وهذه المراسيل تدل على أن للحديث الموصول فيه أصلاً.

 وقال ابن حجر: هكذا وقع فيه أبو ركانة وكذا أخرجه أبو الشيخ من طريقه، ويزيد - أحد رجال السند - فيه ضعف، والصواب: ركانة اهـ، وقال الحافظ عبدالغني بن سعيد: ما روي من مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم أبا جهل لا أصل له، وحديث ركانة أمثل ما روي في مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم . انظر: الفروسية 200- 202. التلخيص الحبير 6/3093 -3095. إرواء الغليل 5/329.الفروع 7/189.

(58) يقال للإنسان إذا نظر إلى الشيء فأعجبه واشْتهاه وأسرع نحوه : قد بَهَش إليه. انظر: النهاية 95. الفائق 1/137.

(59) مسند أحمد 20/27 برقم 12627واللفظ له. ابن أبي شيبة 11/471. الدارمي 2/1576. المعجم الأوسط للطبراني 8/353. البيهقي في كتاب السبق والرمي، باب ما جاء في الرهان في الخيل 10/36 برقم 20333.

درجته: ضعفه الطحاوي، وجود إسناده ابن القيم، وحسنه الألباني والأرناؤوط.

انظر: مشكل الآثار 5/159. الفروسية 166. إرواء الغليل 5/338.

(60) الفروسية166.

(61) انظر: سننه الكبرى 10/37.

(62) هو أن يصيح في وقت السباق هو أو غيره، ويزجره زجراً يزيد معه في شأوه، وقيل: أن يجتمع قوم فيصطفوا وقوفاً من الجانبين، ويزجروا الخيل، ويصيحوا بها. انظر: الفروسية لابن القيم 190.

(63) هو أن يجنب المسابق مع فرسه فرساً يحرضه على الجري، وقيل: أنهم كانوا يجنبون الفرس حتى إذا قاربوا الأمد تحولوا عن المركوب الذي قد كده الركوب إلى الفرس المجنوب. انظر: الفروسية 190- 191.

(64) أبو داود في كتاب الجهاد، باب في الجلب على الخيل في السباق 453 برقم 2581 .

درجته: صححه الألباني، وضعفه ابن القطان؛ لأن لفظة: في الرهان فقد ذكرها عنبسة بن سعيد بن القطان، بينما قال حميد مكانها: ولا شغار في الإسلام كما في سنن أبي داود 453، والنسائي 515، والترمذي 266، فالخطأ ورد من جهة عنبسة، قال عنه أبو حاتم: ضعيف الحديث يأتي بالطامات اهـ. وفيه علة أخرى: وهي أن الحسن البصري لم يسمع من عمران بن الحصين. قال ابن القطان: ولا آمن أن تكون هذه الزيادة من المدرج فسرها يحيى بن خلف، أو من فوقه فاتصلت بالخبر انظر: بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام 2/76. تهذيب التهذيب. 3/331.

(65) الفروسية 167.

(66) وهو أبو الشعثاء

(67) أخرجه أبو عبيد في غريب الحديث 2/145.

(68) الفروسية 163.

(69) أخرجه أحمد 1/422. وابن أبي شيبة 11/469.

درجته: صححه ابن حبان، وحسنه الأرناؤوط. انظر: صحيح ابن حبان 11/83.

(70) انظر: الفروسية 166.

(71) الفروسية 166.

(72) أبو داود في كتاب الجهاد، باب في السبق 453 برقم 2579واللفظ له. ابن ماجه في كتاب الجهاد، باب السبق والرهان 488 برقم 2876.

درجته: صححه مرفوعاً الحاكم وابن حزم، وصححه موقوفاً أبو حاتم وأبو داود وابن القيم؛ لأن رواية رفعه شاذة؛ إذ هي من طريق سفيان بن حسين عن الزهري، ورواية سفيان عن الزهري ضعيفة، وخالفه فيها أكابر أصحاب الزهري كمالك ويونس وغيرهما حيث وقفوه على سعيد بن المسيب.

انظر: المستدرك للحاكم 2/125. المحلى 4/426. الفروسية 229 -286. التلخيص الحبير 6/3095 وما بعدها.

(73) مشكل الآثار 5/157.

(74) رواه الطبراني معجمه الأوسط 8/51 برقم 7936.

درجته: صححه ابن حبان وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح اهـ، وضعفه ابن حجر وابن القيم والألباني والأرناؤوط.

انظر: صحيح ابن حبان 10/543. التلخيص الحبير6/3098. مجمع الزوائد 5/480. الفروسية 288- 292.

(75) روه ابن أبي عاصم في الجهاد، ورواه الجوزجاني في الكتاب المترجم كما ذكر ذلك ابن حجر في التلخيص الحبير 6/3099.

درجته: صححه ابن حبان، وضعفه ابن حجر وابن القيم.

انظر: التلخيص الحبير 6/3098. الفروسية 292.

(76) الفروسية 221.

(77) أي قصدا وتحرا قتله.

(78) ابن أبي شيبة في مصنفه 11/472 .

(79) انظر: الفروسية 222.

(80) انظر: الفروسية 293.

(81) انظر: بدائع الصنائع 6/325.

(82) انظر: الفروسية 168 وما بعدها.

(83) الفروق للقرافي 3/3.

(84) الفروق للقرافي 3/2.

(85) أحكام المسابقات للشثري 84.

(86) 6/288.

(87) روضة الطالبين 10/354.

(3) المغني 13/408.

ولم أجد من نص على ذلك من المالكية، ولا أظنه يخالف مذهبهم، والله أعلم.

(89) في كتاب الصلاة، باب القسمة وتعليق القنو في المسجد 1/91 برقم 421.

(90) 3/160.

(91) قال ابن القيم في الفروسية 325: فباب الجعالة أوسع من باب الإجارة وعقد المسابقة ليس بواحد من البابين بل هو عقد مستقل بنفسه له أحكام يختص بها ا ç، وقال في موضع آخر من الفروسية 345: إذا قال إن أصبت من العشرة تسعة فلك كذا وكذا فهذا ليس بعقد رهان وإنما هو تبرع له على عمل ينتفع هو به أو هو وغيره أو جعالة في هذا الحال ا ç، ولكني لم أذكر الجعالة لأنه ذكر في موضع آخر من الفروسية 345 من الفروق بين المسابقة والجعالة: والذي يدل على بطلان كونه من باب الجعالات وجوه أحدها أن العامل فيه لا يجعل لمن يغلبه ويقهره وإنما يبذل ماله فيما يعود نفعه إليه ولو كان بذله فيما لا ينتفع به لم يصح العقد وكان سفها اهـ.

(92) انظر: شرح مختصر خليل للخرشي 3/157. منح الجليل 3/241.

(93) انظر: الحاوي الكبير 15/184. نهاية المطلب في دراية المذهب 18/241.

(94) انظر: الإنصاف 6/94.

(95) انظر: الإنصاف 6/94. كشاف القناع 4/52.

(96) انظر: الحاوي الكبير 15/184. نهاية المطلب في دراية المذهب 18/241.

(97) بدائع الصنائع 6/325. وانظر: حاشية ابن عابدين 10/518.

(98) انظر: نهاية المطلب في دراية المذهب 18/241. تحفة المحتاج 9/400.

(99) انظر: الحاوي للماوردي 15/184.

(100) انظر: نهاية المطلب في دراية المذهب 18/421.

(101) انظر: الحاوي للماوردي 15/184.

(102) انظر: نهاية المطلب في دراية المذهب 18/421.

(103) انظر: نهاية المطلب في دراية المذهب 18/241.

(104) انظر: الفروسية 344- 345.

(105) انظر: الفروسية 345- 346.

(106) الفروسية 323.

(107) 323.

(108) فتح الباري لابن رجب 3/340.

(109) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج 6/184.

(110) وسترد المسألة في صفحة 211.

(111) انظر صفحة 107.

(112) فائدة: قال بعض أهل العلم كالزهري وسفيان الثوري ويحيى بن سعيد بأن بذل الجعل من باب التبرع ومكارم الأخلاق وليس من باب الحقوق والواجبات، ونصره ابن جرير الطبري، ويَرِدُ عليهم: أن التبرع جائز في المسابقة بالحافر والخف والنصل وبغيرها كحفظ باب من الفقه أو المسابقة على الأقدام، فلا يكون لتخصيصه صلى الله عليه وسلم بالخف والنصل والحافر فائدة.

وأجاب عن ذلك ابن جرير بأنه صلى الله عليه وسلم خص ما سبق لكونه على وجه اللهو دون سائر الملاهي، فالسبق فيها إعانة على الحق كإعانة الحاج والصائم والغازي على حجه وصومه وغزوه. انظر: الفروسة 330- 331.

(113) انظر: حاشية ابن عابدين 2/523. المنتقى 1/312، 6/141. مواهب الجليل 7/42. شرح مختصر خليل لللخرشي 7/72 - 73. : المجموع 2/141. تحفة المحتاج 2/168. مغني المحتاج 1/313، 2/533. تحفة الحبيب على شرح الخطيب 3/280. أسنى المطالب 2/492. حاشيتا قليوبي وعميرة 3/121. الفروع 7/313. الإنصاف 6/298. كشاف القناع 4/216. العرف الشذي شرح سنن الترمذي 1/322. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام 2/557.

فإن قيل: قصر بعض أهل العلم النهي على إنشاد صاحب الضالة دون غيره، فينتقض الاتفاق الذي ذكرتموه.

يجاب عنه: بأنهم عللوا ذلك بإحسان ذلك الغير على صاحب الضالة؛ ولأنه يطلب التخلي عن ماله، وهذه الصفات متوفرة فيمن فعل ذلك تبرعاً، أما المستأجَر على ذلك؛ لا يشمله قولهم، والله أعلم.

(114) انظر: المنتقى 1/312، 6/141. مواهب الجليل 7/42. شرح مختصر خليل لللخرشي 7/72 - 73..

(115) انظر: تحفة الحبيب على شرح الخطيب 3/280. أسنى المطالب 2/492. حاشيتا قليوبي وعميرة 3/121.

(116) انظر: العرف الشذي شرح سنن الترمذي 1/322. فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام 2/557.

(117) انظر: حاشية ابن عابدين 2/523. المجموع 2/141. تحفة المحتاج 2/168. مغني المحتاج 1/313، 2/533. الفروع 7/313. الإنصاف 6/298. كشاف القناع 4/216.