كيف تناولت النخب السعودية موضوع تنظيم النسل
1 ربيع الأول 1436
تقرير إخباري ـ محمد لافي

لم يجد إعلان مجلس الشورى السعودي اعتزام أعضائه مناقشة موضوع تنظيم النسل في السعودية ترحيباً من قبل الكثير من النخب المجتمعية في السعودية حيث أبدى الكثيرون منهم من خلال وسم "#تنظيم_النسل_في_السعودية " على موقع تويتر استغرابهم  من مناقشة المجلس لمثل هذه القرارات في الوقت الذي يحتاج فيه الوطن إلى العنصر البشري لمواجهة التحديات المحيطة, مؤكدين على ضرورة تناول القضايا التي تلبي الاحتياجات التنموية للمجتمع، وايجاد حلول اقتصادية، وطرحوا الأمثلة عن دول لديها قدرات اقتصادية أقل وتعداد سكاني أكثر ومع ذلك لم تحتج إلى تحديد النسل.

 

ومن المفترض أن يناقش مجلس الشورى السعودي وأن يصوت بالقبول أو الرفض على موضوع تحديد نسل المواطنين السعوديين ضمن مناقشته لملف الوثيقة السكانية وعلى رأسه ما يسمي بـ "خفض معدل الخصوبة الكلي عن طريق تشجيع المباعدة بين الولادات، وتصحيح مصطلح الصحة الإنجابية بمصطلح الأم والطفل"، والمعروف بمسمى تنظيم النسل. وقد جاء في الوثيقة أن الهدف من ذلك هو (تحقيق التوازن بين النمو السكاني والموارد الطبيعية والاقتصادية، والتخفيف من الضغط على الموارد الطبيعية والخدمات، إضافة إلى الحفاظ على صحة الأم).

 

آراء العلماء
وعلى الرغم من أن كبار العلماء المعاصرين والسابقين قد أفتوا بحرمة  تحديد النسل وأجازوا تنظيم النسل إن كان يصب في مصلحة الأم أو الطفل أو كليهما, لكنهم حذروا في الوقت نفسه من أن يكون الجانب الاقتصادي هو ما يقف خلف تنظيم النسل والخشية من عدم القدرة على إعالة الأبناء.

 

فقد أكد سماحة الشيخ عبد العزيز بين عبد الله بن باز (رحمه الله) أن تنظيم النسل إن كان نابعاً من سوء الظن بالله.. من أجل خوف العجز عن المعيشة فهذا لا يجوز, مبيناً أن كل إنسان يأتي ورزقه معه، فالرزق على الله عز وجل، مؤكداً أن هذا يشبه حال الجاهلية الذين قتلوا أولادهم خشية إملاق، فلا يجوز، تنظيم النسل من أجل خوف ضيق المعيشة.

 

وتابع سماحته : أما ما يسمى بتنظيم النسل بأن تعطى المرأة بعض الأدوية التي تمنع الحمل في وقت ما؛ لمصلحة الحمل، أو لمصلحة المرأة، أو لمصلحتهما جميعاً؛ كأن تكون مريضة أو أن تكون عادتها أن تحمل هذا على هذا، فيشق عليها تربية الأطفال والعناية بشئونهم فتتعاطى بعض الأدوية حتى لا تحمل إلا بعد وقت، كأن تحمل بعد سنة أو بعد سنتين من أجل مراعاة الأطفال وتربية الأطفال والعناية بشئونهم.وهذا لا حرج فيه إذا كان للمصلحة المذكورة.

 

وأوضح العلامة محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله) أن موضوع تحديد النسل أو تنظيمه للخوف من الرزق والذي يشبه من بعض الوجوه ما كان يفعله أهل الجاهلية من قتل أولادهم خشية الفقر فهذا لا يجوز لأن فيه هذين المحظورين هما سوء الظن بالله سبحانه وتعالي والثاني مشابهة عمل الجاهلية من بعض الوجوه مؤكداً أن الواجب علي المسلم أن يؤمن أن الله تعالي إذا رزقه أولاداً فسيفتح له أبواباً من الرزق حتى يقوم بشئون هؤلاء الأولاد ورزقهم

 

وبين فضيلته أن الحمل لتنظيم النسل بمعنى أن تكون المرأة كثيرة الإنجاب وتتضرر في بدنها أو في شئون بيتها وتحب أن تقلل من هذا الحمل لمدة معينة مثل أن تنظم حملها في كل سنتين مرة فهذا لا بأس به بإذن الزوج لأن هذا يشمل العزل الذي كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلونه ولم ينه عنه

 

وقد أكد الشيخ العلامة عبد الرحمن بن نصار البراك أن من أهم مقاصد النكاح تحصيل النسل والذرية الصالحة، لتكثير الأمة المحمدية، كما قال صلى الله عليه وسلم : " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"،مبيناً أن تحديد النسل من غير ضرورة غير جائز كما تدعو إليه ما أسماها بالجاهلية الحديثة خوفاً من الفقر، كما كان أهل الجاهلية الأولى يقتلون أولادهم لذلك كما قال تعالى: "وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً" . وأفتى فضيلته أن تنظيم النسل لتخفيف المشقة عن الأم فلا بأس به.

 

وسم: #تنظيم_النسل_في_السعودية
وفيما خلا بعض الأصوات الليبرالية التي أيدت المشروع أبدى المشاركون في وسم تنظيم النسل في السعودية - والذي أنشأه نشطاء على تويتر بعد هذا القرار- أبدوا استغرابهم لمناقشة مجلس الشورى لمثل هذه القضية, في الوقت الذي يواجه فيه الوطن عدواً متربصاً من جهات عدة كإيران والحوثيون في اليمن مما يجعله في أمس الحاجة لجهود وطاقات أبناءه, كما أكدوا على ضرورة التحول إلى أمة منتجة بدلاً من أن تكون مستهلكة, محذرين في الوقت نفسه من أن تكون هذه الخطوة هي بوابة العبور لقضية أخطر وهي "تحديد النسل".

 

فقد انتقد الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف هذه الخطوة من مجلس الشورى وقال: يهربون من معالجة التخوّض في بيت المال، والبطالة، والإسكان..الخ! فيشتغلون ببيض الحبارى وتنظيم النسل_في السعودية!, وأضاف أن العامة يوقنون أن الرزق من الله وحده، ومتى استهل مولود استهل معه رزقه, موجهاً حديثه لمجلس الشورى بقوله " تعلموا هذا اليقين ياشورى تنظيم النسل..! "

 

أما الداعية الشيخ محمد الشنار فاعتبر هذا القرار خطوة لتحديد النسل في السعودية, وقال هم يَحُدون من النسل بتنظيم النسل في السعودية والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : تزوجوا الودود الولود فأني مكاثر بكم الامم . قال تعالى : " وإن تطيعوه تهتدوا "
وأورد الكاتب محمد الحضيف النموذج التركي مشيراً إلى تشجيع الحكومة التركية للإنجاب مع أنهم يفوقون السعودية في عدد السكان ويقلون عنها في المساحة فقال"تركيا سكانها 70 مليون، وبمساحة تقل عن نصف المملكة، تخصص مرتبا للطفل ال٣ في الأسرة، ومجلس الشورى عندنا يناقش #تنظيم_النسل_في_السعودية
أما أميرة الصاعدي الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى فقد أكدت على أهمية القوى البشرية لدولة ما في لمواجهة أعداءها والمتربصين  بها وقالت: عدونا يتكاثر ليتمدد ويخطط لينتصر وبني قومنا ينادي ب #تنظيم_النسل_في_السعودية ليخدم أجنداتهم ويفتح الطريق لتمرير أهدافهم فاللهم لا تمكن لهم"
وقال الدكتور علي عمر با دحدح "ليقولوا ما شاؤوا وليسنوا ما شاؤوا وليفعلوا ما شاؤوا لن يتغير القرآن ولن تتبدل السنة وستقاوم الفطرة مع الشرعة"

 

من جانبها تساءلت  هيا الرشيد : يوم قيادة ويوم حجاب وآخر سفر واختلاط والآن تقييد للإنجاب وجميعها موجهة للمرأة السعودية وماذا بعد..؟

 

وقال محمد بن عبد العزيز الشريم: أرى أن المهم هو التخطيط بشكل جيد للاستفادة من العنصر البشري لدينا استراتيجيا لتحقيق تنمية متوازنة, وأضاف "من المناسب أن يترك ملف تنظيم النسل للأسرة فهي أدرى بظروفها وقدراتها"

 

ويقول سعد العبد الله يوجد لدينا مساحة شاسعة من الأرض تضم موارد هائلة من الخير تشكل قوة مخيفة لهم بازدياد العنصر البشري فنادوا ب #تنظيم_النسل_في_السعودية.

 

وقالت الدكتورة حياة بنت سعيد با أخضر : كثافة السكان في المملكة 10 نسمة في كم2 فهي قليلة جدا  وزيادة عدد السكان واجب وطني يجب أن نتضافر للتوعية به  ودعمه #تنظيم_النسل_في_السعودية

 

وفي الوقت الذي تتحدث فيه الإحصائيات عن انخفاض "معدل الخصوبة الكلي" للسعوديات خلال الـ 30 سنة الماضية، حيث وصل إلى "ثلاثة مواليد أحياء" في الأسرة السعودية الجديدة, كما تتحدث الإحصائيات العالمية عن أن الانخفاض السكاني شهد تسارعاً كبيراً في السعودية وصل إلى 60 في المائة. يرى باحثون أنه حتى لو تم التسليم بأن هنالك مشكلة في تزايد السكان، فلا يوجد حقيقة مفادها أن صغر حجم الأسرة مرتبط بتخفيف الضغط على الموارد، بل قد يكون - على النقيض تماما - مصدر قوة للاقتصاد وللدول عموما، خاصة إذا كانت القوى العاملة منتجة وهذا ما أشار إليه "ديفيد بروكس" في مقالته في "نيويورك تايمز" بقوله: (لعقود من الزمان، نظر الناس إلى "النمو السكاني" كمشكلة. بينما أصبح توجه الدول حاليا هو النظر إلى "النمو السكاني" كمورد نادر يجب استثماره بفعالية).

 

ولعل الطبيعة الديموغرافية للسعودية كبلد مترامي الأطراف مع تعداد سكاني محدود نسبة بهذه المساحة ووقوعها وسط مناطق صراعات سياسية ومذهبية, جعل من الضروري البحث عن وسائل تعزيز الطاقة البشرية لهذا البلد وتشجيع الإنجاب امتثالاً لأمر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم, وتحويل هذه الطاقة البشرية من مستهلِكة إلى طاقة اقتصادية منتجة للنهوض بهذا الوطن وقطع الطريق على الأعداء المتربصين