7 رمضان 1436

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أبى يبلغ من العمر 65 عاما.. أصبح عصبيًا جدا، ويجرح أمي في بعض الأوقات بشكل سيئ ويشتم . ولي أخت تبلغ 17 سنة وهي في مرحلة المراهقة وتبكى كثيرا بسبب تصرفات أبي وشتمه لها، وكذلك أمي تبكي لحزنها. وأنا شاب أبلغ 20 عاما، وأريد أن يحل السلام في بيتي وأن لا تحزن أمي وأختي، وأن يكف أبي عن عصبيته.. وأعلم أن ما يحدث من أبي هو بسبب جلوسه في البيت وهو لم يتعوّد ذلك.. فماذا أفعل؟!

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

مرحبا بك أخي الكريم في موقع المسلم.. أعانك الله وأصلح لك شأنك، ويسر أمرك.
وجزاك الله خيرا على برّك بأسرتك وحرصك عليهم، ووفقك لما يحبه ويرضاه.
مشكلتك – أخي - تتمثل في سوء المعاملة من والدك تجاه الأسرة، في هذه المرحلة العمرية الحرجة حيث تخطى الستين بسنين، وتتمثل مظاهر ذلك في حدة الطبع (العصبية) والشتم والتصرفات السيئة.
أخي الكريم
زادك الله حرصا على الخير والبر تجاه عائلتك وبارك فيك.
وأوافقك الرأي في أن جلوس والدك في البيت (بعد سن التقاعد عن العمل) لفترات مستمرة وطويلة، مع تقدم السن، قد يكون له دور كبير في حدة طبعه، غفر الله له وهداه لأحسن الأخلاق.
واعلم - أخي الحبيب - أن الصبر الجميل منكم جميعا هو أحد أهم المفاتيح للتأثير في قلب الوالد ورجوعه (بإذن الله) عن كثير مما يؤذيكم منه، فضلا عما فيه من سكينة لنفوسكم باحتساب الأجر عند المولى جل وعلا؛ لا سيما والتماس العذر حاصل للوالد بسبب تقاعده ومكثه الطويل في البيت، مع عدم تعوّده ذلك الفراغ الطويل في السابق.
فكن - أخي - مفتاح خير وعون كريم لنفسك أولا ثم لأهل بيتك، وذكرهم بهذا العذر الذي تعلمه ويعلمونه، وتواص معهم بأنه لا مفر من مقابلة تصرفات الوالد بحسن الخلق والرفق والحلم، وذكّرهم بما في ذلك من الفضل الكبير والأجر العظيم من رب العالمين:
قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (سورة الزمر).
وقال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: "ومن يتصبّر يصبّره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر" كما في الصحيحين.
كم أوصيك - أخي - أن تكون عونا لوالدك كذلك على الخير؛ بتذكيره بأسلوب مهذب بار بمضار الغضب وأخطاره، وفضائل اللين والرفق. وإن تعذّر ذلك منك له بصورة مباشرة ووجدت حرجا فيه؛ فاطلب من قريب لكم صالح أو صديق ممن له حظوة لدى الوالد أن يوصيه في ذلك بأسلوب ذكي في ثنايا حديثه معه.
كما أوصيك أخي أن تهيئ لوالدك من الوسائل الطيبة ما يسد كثيرا من مساحة الفراغ التي يعانيها؛ فاطلب من مقربيه من الأخيار الحرص على زيارته، وادعه لصحبتك خارج المنزل في بعض الأوقات لقضاء بعض المصالح، وضع بالقرب منه بشكل غير مباشر بعض الكتب الطيبة والصوتيات النافعة، إلى غير ذلك من الوسائل الحسنة التي تعلم أنها تناسبه ويمضي معها بعض وقته، إضافة إلى استفادته منها ما يصده عن الحدة والإساءة.
وإن من أنفع الوسائل أن تسعى بكل وسيلة ممكنة في حثه على صلاة الجماعة في المسجد؛ لما فيها من خيري الدنيا والآخرة؛ من قرب من الخالق جل وعلا، وسكينة النفس، والصحبة الطيبة من جماعة المسجد، وقضاء وقت ليس باليسير خارج جدران المنزل؛ هذا مع وعد الله تعالى لأهل الصلاة بصدها لهم عن المنكرات، قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ...} (سورة العنكبوت).
يسر الله أمركم وأصلح شأنكم، ومنّ على بيتكم بالسكينة والطمأنينة ومكارم الأخلاق.