27 جمادى الثانية 1436

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤالي تعرفت على مطلقة من جنسية عربية وتعيش في ألمانيا وأريد الزواج منها وبنفس الوقت متخوف لا ادري عن طبعها وتعاملها وأكثر شي متخوف منه الخيانة الزوجية ولها طفل صغير صراحة أنا محتار في موضوعي وجزاكم الله خيرا

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
نشكر لك أخانا الكريم ثقتك بإخوانك في موقع المسلم ونسال الله سبحانه أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وان يهدي كل شباب المسلمين لصلاح القول والفعل وان يرينا ويريك الحق حقا ويرزقنا اتباعه.
أخي الكريم:
يتوقف الاستقرار الأسري الذي هو هدف سام من أهداف الزواج في الإسلام على اللحظة الأولى في العلاقة الزوجية وهي لحظة اختيار الزوجين لما لها من أهمية بالغة، ولقد أوصانا ربنا سبحانه ونبينا صلى الله عليه وسلم بحسن اختيار الزوجين، فلا ندع معايير الاختيار القائمة على المظاهر الخارجية هي التي تحكمنا وتحكم اختياراتنا.
ففي اختيار الزوجة قال الله سبحانه: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} وفي اختيار الزوج قال الله عز وجل: {وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تخيروا لنطفكم، فانكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم"[1].
فلهذا هناك أهمية بالغة لحسن الاختيار ونظرا لما يعقبها من أثار بالغة على الحياة الزوجية بين الزوجين خاصة ولما يعقبها أيضا من أثار على أطراف أخرى كثيرة كأسرتي الزوجين والاهم لما لها من تأثير عن أطفال تنشأ عن هذه الزيجات قد يتحملون هم وحدهم الثمن الباهظ لسوء الاختيار، لهذا كله اعتنى الإسلام بمسالة الاختيار أيما اعتناء ونصح غاية النصح ووجه أيما توجيه.
ولهذا يمكن القول بأن أهم لحظة لابد وان يتوقف فيها المسلم عند زواجه بالنسبة لكل من الرجل والمرأة هي لحظة الاختيار.
وأنت أخي الكريم:
شاب في مقتبل عمرك – ما قبل سن الخامسة والعشرين – ولكنك لم تذكر هل تعيش في ألمانيا أم في بلدك، ولكن على أي الحالين فالزواج لا يكون بهذه الكيفية وربما لا يمكن الرد على استشارتك بوضوح أكثر لقلة ما أرسلت من توضيحات حول سؤالك.
وأتحدث إجمالا حول ما ذكرت فلي عندك بعض النقاط والأسئلة التي يجب وان تطرحها على نفسك قبل قرارك بالزواج منها أو بعده.
- تقول إنها من جنسية عربية وهي مطلقة وتعيش في ألمانيا ولديها طفل، وانك تخشى من عاقبة الإقدام على الزواج منها خشية الخيانة الزوجية، فهذه المبررات أخي لا تدفع أبدا في اتجاهك للإقدام على الزواج منها، فكل هذه العوامل التي يضاف إليها – على سبيل الظن – أنها اكبر منك – لا تؤيد هذا القرار بل تدفعك للقيام بعكسه تماماً.
- لم تذكر أخي مبرراتك للزواج من هذه السيدة بالذات، فلا شك أن للزواج مقومات كثيرة من ناحية اختيار الزوجة لا تتوافر فيها، فلم تذكر أخي شيئا عن دينها الذي لمحت من خلال سطورك أنك في تخوفك من احتمال خيانتها الزوجية لك ما اشتم منه انك ترى أن تدينها والتزامها بالدين وبأحكامه قليل، فما الذي يدفعك للزواج منها بالذات؟
- لم تذكر أخي أيضا كيف اتخذت قرارك بشان الزواج منها وما الذي دفعك إليه، واغلب الظن أن تعارفكما – إن كنت في بلدك وهي في ألمانيا – انه تم عن طريق وسائل الاتصال الحديثة، فأحب أن أؤكد لك أن وسائل الاتصال الحديثة وحدها غير كافية على الحكم على الأشخاص ولا على طريقة حياتهم وتعاملهم، فربما تكون هذه الوسائل خادعة أكثر منها صادقة، فلا ينبغي التعويل عليها كثيرا عن اتخاذ قرار مثل هذا القرار.
- وأيضا لم تذكر في رسالتك شيئا عن إقامتها في ألمانيا، هل تقيم وحدها أم تقيم مع أسرتها؟، فالمجتمعات الغربية شديدة الطغيان على سلوك المسلم إذا كان منفردا وخاصة على المرأة والأشد حينما تكون مطلقة ووحدها، فلابد من النظر إلى هذه النقطة جيدا.
- أرى انك لن تستريح أخي من هواجسك إذا أقدمت على الزواج من هذه المرأة – التي لا اعلم عنها شيئا إلا من رسالتك فلا أزكيها ولا اقدح فيها -، ولكني بالقدر الذي قلته عن ظروفها لا أرجح لك الإقدام على هذه الخطوة إلا إذا وثقت في دينها وأردت الزواج منها لدينها فحسب فهو المعيار الصحيح الأول الذي يجب أن نقدمه عند اختيارنا.
وكما قلت انك في مقتبل عمرك، ولم يسبق لك الزواج، والمسلمات العفيفات من البيوت التي تطمئن إليها وتعرف نسبها وسيرتها وتعرف أهلها ورجالها أولى بك، وأنت أولى بهن.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
________________
[1] قال الإمام الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (الذهبية) (3/56ـ 57 رقم: 1067) بعد تخريج هذا الحديث والكلام عن طرقه: " فالحديث بمجموع هذه المتابعات والطرق، وحديث عمر رضي الله عنه صحيح بلا ريب. ولكن يجب أن يعلم أن الكفاءة إنما هي في الدين والخلق فقط ".