24 شوال 1436

السؤال

أريد كتاباً لكيفية التعامل مع زوجي فترة الملكة، كما أريد بعض نصائحكم حول التعامل في هذه الفترة (فترة ما بين العقد والزواج)..

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

بالفعل ليس هناك الكثير ممن كتب عن فترة الملكة، لكنني أختصر لك بعض النصائح التي أراها مهمة، فالكثير من الأزواج يستهينون بهذه الفترة، فيجعلون اللقاء بينهم مجرد كلام معسول بينهما، أو البحث عن لحظات تجمعهما منفردين، أو الاهتمام بالخروج والتنزه معها، وإن كانت تلك الأمور لها بريقها في تلك الفترة، إلا أن هناك أخطاءً تقع أيضا لها أخطارها بل وعواقبها..
فأهم الأمور التي أنصحك بالاهتمام بها هو التلاؤم النفسي مع زوجك، ومحاولة القرب منه نفسياً وروحياً، فإن نجحت في ذلك فقد نجحت في أول الخطوات وأهمها.
ولا أنصحك بالافتعال في تلك الفترة، لكن كوني على طبيعتك الحسنة الجميلة النقية، فهي التي سيراك عليها بعد زواجك، وإياك والكذب والتجمل بما ليس عندك.
أنصحك كذلك بالبِشْر والابتسام في تلك الفترة مع حسن اللقاء وانتقاء الكلام الرقيق، فإنه مدخل السرور على قلب الزوج.
وأحذرك أن تجعلي تلك الفترة فترة لاقتناص الهدايا أو شراء الحاجيات التي تثقل كاهل الزوج أو التي يشعر معها منك بعدم الشعور به وبالأعباء التي عليه، إنك بهذه الطريقة – التي يسقط فيها كثير من الزوجات مع الأسف – تتركين لديه شعوراً سلبياً لن ينساه لك بعد الزواج.
هذه الفترة أعتبرها كنزاً لا يثمن بمال، أنصحك فيها بأن تستمعي له أكثر مما تتكلمين، فمن حديثه ستفهمين طبيعته، ومن ثم تبتعدين عما يكره وتقتربين مما يحب، فيولد بينكما التفاهم والعيش الهادئ الهانئ بإذن الله.
بعض الأزواج في هذه الفترة يحرصون على الانفراد بزوجاتهم وربما يحدث تطورات سلبية ويسقط الزوجان في هاوية تعدي الحدود التي لم يسمح بها ولي الزوجة، (لا شك أن المرأة بعد العقد تصير زوجة شرعية لزوجها له كامل الحقوق منها، ولم تصبح أجنبية عنه) إلا أن وليها لم يسمح للزوج بالبناء بها، وقد اشترط وليها عليه عدم الدخول بها إلا في وقت محدد وهو شرط واجب النفاذ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم بها الفروج" متفق عليه.
بل تجب مراعاة الأعراف والعادات في ذلك؛ إذ إن (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً) كما تقول القاعدة الفقهية، فإذا كان العرف جارياً بأن الزوج قبل إعلان الدخول والاستئذان من الولي لا يدخل بامرأته ولا يبني بها فتجب مراعاة هذا العرف وعدم الخروج عليه.
وليس في هذا الاتفاق أو العرف مصادمة ولا معارضة للشرع فإنه لا يقضي بتحريم ما أحل الله، بل فيه التزام بالشروط مع الولي وفي الحديث "المسلمون على شروطهم" أخرجه أبو داود.
وكذلك مراعاة لمشاعر أهل الزوجة فهم يرفضون الدخول بها في فترة الملكة (العقد)، ويخشون أن يحصل الحمل قبل الزفاف، فقد يتوفى الزوج أو تحدث مشكلات تتسبب في الانفصال قبل الزفاف، وتكون المرأة قد علق بها حمل فتقع الزوجة وأهلها في الحرج الشديد، وهي نصيحة الإمام مالك رحمه الله وأفتى بذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وغيره.
كذلك أذكرك بقراءة وتدبر نصيحة الأعرابية لابنتها ومنها "لا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح"، فأؤكد عليك بالاهتمام بالطيب الحسن والرائحة الطيبة، وخصوصا في الفم والثياب، فكم من الأزواج نفروا من زوجاتهم بسبب التهاون في ذلك.
تتعرض المرأة في تلك الفترة لبعض تدخلات الأسر سواء من الأم أو الأب ببعض الأوامر التي قد تتصادم مع رغبة الزوج، كخروجها من البيت أو زيارتها لأحد البيوتات العائلية أو غيرها في صحبة أمها أو أبيها، وننصح الزوجة ههنا بطاعة زوجها مع عدم إغضاب أبويها، فطاعتها لزوجها ههنا تدريب لها على طاعته في بيته، وإرضاء والديها رسالة بعدم خروجها عن إكرامهم واحترامهم بعد زواجها، بل أن تحرص على إرضاء أبويها بأسلوب حسن رفيق ومهذب، وتؤدي ما أمرها زوجها به، فتكون قد كسبت كلا الفضلين، وطريقها في ذلك الإقناع والأسلوب الجميل الرفيق والأدب.
أنصحك ههنا كذلك بتقدير والدي الزوج، والإحسان إلى أمه بالحديث الطيب والهدية اللطيفة، والسلوك المهذب، فإن ذلك يترك أفضل الانطباعات عنك.
واحذري التجرؤ على أمه أو أبيه أو أحد من أهله، تظنين أنك مرتكنة على كونك عروسا جديدة، فذلك سينقص من قدرك، وستصيرين مكروهة في أسرتك الجديدة فاحذري.
أيضا في تلك المرحلة احرصي على بناء جسر من التآلف بين زوجك وأبويك وإخوتك الرجال، فهذه الفترة ستترك أثرها بينهم طوال حياتك القادمة، وذكراها ستظل إما بالإيجاب أو السلب.
إن الزوجة في هذه الفترة تعتبر مدارا ومحورا لسعادة زوجها، ففترة العقد يمكن أن تكون من أجمل فترات الحياة، وتكون مقدمة طيبة للزواج، كما يمكن أن تكون مقدمة سلبية سيئة للزواج، وأكثر ما يسيء في هذه الفترة أو يضعفها هو القيل والقال، ونقل الكلام والأحاديث من الزوج والأهل إلى أهلك أو العكس.
فكوني في تلك الفترة له زوجة وصديقة وحبيبة، وتعاهدي معه على المودة والرحمة والإخلاص والوفاء والتعاون على البر والتقوى، وبناء بيت مسلم قوي متين.