17 ربيع الأول 1436

السؤال

إذا عملت عملَ خير أفرح به جداً ، فهل يدخل هذا في الرياء أعاذنا الله وإياكم منه ؟

أجاب عنها:
د.عبدالكريم الخضير

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذا لا يدخل في الرياء، كونه يفرح بعمل الخير، ويكره إذا عمِلَ عمَلَ سوء، يكره ذلك ويندم عليه، هذا من قوة الإيمان، كونه يفرح بما يعمله من خير ليزداد من أعمال الخير، (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، وهذا من فضل الله عليه أنه يعمل عمل الخير، فليس هذا من الرياء، لكن قد يُحب أن يُمدح ويُحمد على هذا العمل ثم يفرح بهذا المدح ، ولا شك أن الثناء على الإنسان الذي يعمل الخير هذا من عاجل بشراه، لكن لا ينبغي له أن يفرح بمدحهم، وإن كان بعضهم استنبط من آية آل عمران: (يُحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا)، أنه إذا حُمِد أحب أن يُحمد بما فعل، مفهوم الآية أنه لا شيء في ذلك، لكن الإشكال فيما إذا أحب أن يُحمد بما لم يفعل، ففرقٌ بين هذا وذاك، فمثل هذا لا يدخل في الرياء.
ابن القيم رحمه الله في الفوائد يقول: إذا حدثتك نفسُك بالإخلاص، فاعمد إلى حب المدح والثناء، فاذبحه بسكين علمك ويقينك.
أنه لا أحد ينفع مدحُه ويضر ذمُه إلا الله جل وعلا، ثم ذكر حديث الأعرابي الذي قال: أعطني يا محمد فإن مدحي زينٌ وذمي شينٌ، فقال: ذاك الله، ومع الأسف أن كثير من المسلمين يفرحون فرحاً شديداً إذا مُدِحوا لا سيما من علية القوم، إذا مُدِحوا من علية القوم فرِحوا فرحاً شديداً مع أن هذا المادح لا يستطيع أن ينفعه بشيء ولا أن يضره بشيء لم يقدّره الله جل وعلا، ويغفُل عن مثل: "من ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، ومن ذكرني في ملإٍ ذكرتُه في ملإٍ خيرٍ منهم".
لماذا لا يكثر من ذكر الله جل وعلا ليذكره الله في نفسه إن كان الذاكر في النفس، وفي الملأ الذين هم خيرٌ منهم وهم الملائكة إذا ذكره في ملأ، مع أن الذكر في النفس أقرب إلى الإخلاص، والذكر في الملأ إذا سلِم من الرياء لا شك أنه يترتب عليه أنه يُقتدى به، فهو يدل الناس على الذكر فيقتدون به ويذكرون الله جل وعلا فيكون له مثلُ أجورهم، ومن دل على خيرٍ كان له مثل أجر فاعله.
والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.