مسلسل تصفية رموز سنة بنغلادش
29 ربيع الثاني 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

في خضم انشغال العالم العلماني - الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وأتباعهم في العالم العربي والإسلامي - بمحاربة ما يسمى "الإرهاب" , الذي لا يتهم الغرب سوى المسلمين به دون غيرهم , بينما تشير جميع الدلائل أن أصل الإرهاب ومنبعه هي العلمانية التي ترفع شعار الديمقراطية والحرية وحماية حقوق الإنسان من جهة , وتمارس القتل ومصادرة الحريات وانتهاك أبسط حقوق الإنسان من جهة أخرى ....
في خضم ذلك تقوم حكومة بنغلادش ذات التوجه العلماني المتطرف بتصفية الرموز الإسلامية في البلاد منذ فترة ليست بالقصيرة , دون أن يحدث ذلك أي ضجيج إعلامي , نظرا لكون المحكوم عليهم مسلمين وليسوا نصارى أو يهود أو بوذيين أو ....حتى تكتسب قضيتهم زخما إعلاميا بحجم ما يطالهم من ظلم وجور واضطهاد .
لم يكن الحكم الذي قضتبه محكمة خاصة في بنجلاديش اليوم بإعدام زعيم إسلامي بارز؛ لإدانته بارتكاب جرائم إبان حرب الانفصال عن باكستان التي دارت رحاها العام 1971م بجديد , فقد صدرت أمثال هذه الأحكام على كثير من الرموز الإسلامية هناك منذ وصول رابطة "عوامي" ذات التوجه العلماني المتطرف إلى سدة الحكم عام 2008م .
لقد ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن عبد السبحان (79 عاما) نائب رئيس حزب "الجماعة الاسلامية" , هو الزعيم التاسع لحزب الجماعة الإسلامية الذي تدينه محكمة جرائم الحرب في البلاد والتي أنشئت العام 2010 للتحقيق في ما تم ارتكابه من جرائم خلال فترة الحرب .
ومن بين التهم التي أدانت به المحكمة عبد سبحان : قتل نحو 400 قروي شمال بنجلاديش خلال حرب الانفصال عن باكستان , وهو ما اعتبرته المحكمة إبادة جماعية , ناهيك عن اتهمات له بجريمة الخطف والتعذيب وجرائم أخرى ضد الانسانية .
المريب في الأمر أن هذه التهم والأحكام لا تصدر إلا بحق الرموز الإسلامية وحزب "الجماعة الإسلامية" , أكبر الأحزاب المعارضة في البلاد , وبدون أي أدلة أو براهين , ناهيك عن افتقادها للحيادية والنزاهة والشفافية , الأمر الذي يشير إلى المقصود الحقيقي منها , وهو إقصاء التيار الإسلامي عن المشهد السياسي في البلاد نهائيا , من خلال مسلسل تصفية رموزه وقادته واحدا تلو الآخر .
لقد قضت محكمة جرائم الحرب - التي أنشأت خصيصا على ما يبدو لتصفية الرموز الإسلامية في البلاد – يوم 21 يناير 2013م بإعدام أبو الكلام أزاد الذي ينتمي للجماعة الإسلامية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال حرب الانفصال عن باكستان عام 1971م , وهكذا توالت أحكام الإعدام من المحكمة على الرموز الإسلامية في البلاد بنفس التهمة , فطالت كلا من : نائب الأمين العام لحزب الجماعة الإسلامية "عبد القادر ملا" في ديسمبر عام 2013 ونفت الحكم فيه , و "مطيع الرحمن نظامي" و "مير قاسم علي" , ومحمد قمر الزمان الذي أيدت المحكمة العليا في بنغلادش حكم الإعدام الصادر بحقه من المحكمة المختصة , ناهيك عن وفاة الزعيم السابق للجماعة "غلام أعظم" وهو يقضي عقوبة السجن بنفس التهمة الملفقة المكذوبة .
إن الحقيقة التي تحاول الحكومة العلمانية الحالية في بنغلادش سترها بأحكام الإعدام التي تصدره بحق الرموز الإسلامية في البلاد , هي أن جيش تحرير بنغلادش الذي كانت تقوده رابطة "عوامي" الحاكمة حاليا , هو من ارتكب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية , حيث قاموا بعمليات إبادة عرقية ضد مسلمي "بيهار" الذين وقفوا إلى جانب باكستان , كما تُرك أكثر من 30 ألف مسلم للموت جوعا في مصنع الجوت بالقرب من "داكا" , ناهيك عن تصفية رابطة عوامي العلمانية وغيرها من الأحزاب أكثر من نصف مليون مسلم بيهاري بعد الانفصال , وبالتالي فإن من يستحق المحاكمة وأحكام الإعدام هم رموز الأحزاب العلمانية وعلى رأسها حزب "عوامي" الحاكم .
إن حملة العولمة وعلمنة البلاد التي تقودها الحكومة الحالية في بلد يشكل المسلمون فيه أكثر من 85% لا يمكن السكوت عليه , كما أن محاولة العبث بالهوية الإسلامية السنية في بلد يعتبر ثالت أكبر بلد مسلم في العالم بعد إندونيسيا وباكستان لا يمكن التغاضي عنه , وإذا كان مسلسل تصفية رموز أهل السنة في هذا البلد هي جزء من خطة إبعاد المسلمين عن الساحة السياسية , فإن الأشد خطورة منه خطة إبعاد الدين عن جميع شؤون البلاد والعباد هناك .