المؤتمر الدولي الثاني لتطوير الدراسات القرآنية...مفخرة إسلامية
14 جمادى الأول 1436
د. عامر الهوشان

بعد أربعة أيام من فعاليات المؤتمر الدولي الثاني لتطوير الدراسات القرآنية الذي عقد في الرياض في الفترة من يوم الأحد 10 /5 / 1436 هجري ولغاية اليوم الأربعاء 13/5/1436 هجري , والموافق من 1/3/2015م ولغاية 4/3/2015م , والذي تنوعت فعالياته بين الدورات التدريبية والندوات والمحاضرات , ناهيك عن معرض للمؤسسات والهيئات القرآنية للتعريف بها وعرض إصداراتها , اختتم المؤتمر ظهر اليوم فعالياته بتوصيات ختامية جاءت على مستوى المؤتمر الناجح بكل المقاييس . وقبل استعراض ما خرج به المؤتمر من توصيات , لا بد من إلقاء نظرة سريعة على هذا المؤتمر الذي لقي اهتماما فريدا من نوعه على جميع المستويات . بداية لا بد من التذكير بالمنظمين للمؤتمر : جامعة الملك سعود , ومركز تفسير للدراسات القرآنية , وكرسي القرآن الكريم وعلومه الذي جاء تأسيسه بكلية التربية بجامعة الملك سعود ليكون رافدا من روافد خدمة القرآن الكريم والباحثين فيه حول العالم , وقد وضع الكرسي رؤية طموحة لتحقيق الريادة في تطوير الدراسات القرآنية , والتي كان من ثمارها المؤتمر الدولي لتطوير الدراسات القرآنية الأول عام 1434هجري الموافق 2013م , والثاني عام 1436هجري الموافق 2015م . وإذا كان الهدف الأسمى لهذه المؤتمرات إنما هو التطوير والتحديث , فلا شك أن هذا التطوير إنما هو في الوسائل والأساليب والمناهج , مع المحافظة على الثوابت وترسيخ الأصول المتفق عليها لفهم القرآن الكريم كما جاءت من السلف الصالح . لقد كان عنوان المؤتمر الدولي الثاني لتطوير الدراسات القرآنية : "البيئة التعليمية للدراسات القرآنية .... الواقع وآفاق التطوير" , وقد كانت أهم أهداف المؤتمر : 1- المشاركة في تطوير المشاركة في تطوير البيئة التعلمية للدراسات القرآنية, وتقديم حلول مبتكرة وأفكار مثمرة في هذا المجال. 2- الإسهام في صناعة المفسر وفق منهجية علمية أصيلة. 3- تقديم برامج تعليمية معتمدة عالمياً للدراسات القرآنية وفق أعلى معاير الجودة. 4- تطوير جوانب التنسيق والتكامل بين المؤسسات العاملة في خدمة الدراسات القرآنية. 5- دراسة واقع البيئة التعلمية للدراسات القرآنية ومعرفة مواطن القوة والضعف. 6- استشراف مستقبل تعليم الدراسات القرآنية, سعياً لتطويره وتجنب مواضع النقص فيه. 7- تبادل الخبرات والآراء والمؤلفات والبحوث من خلال توفير فرص الالتقاء أمام الباحثين والخبراء المعنين بتعليم الدراسات القرآنية في العالم . وكان من أهم الجهات المدعوة للمؤتمر : جامعات القرآن الكريم وكلياته وأقسام في جامعة الملك سعود , والمعاهد والمراكز المهتمة بتعليم الدراسات القرآنية , ومركز البحوث والدراسات القرآنية بالمملكة , والجمعيات العلمية المتخصصة بالقرىن الكريم , والمؤسسات والمنظمات الدولية ذات الصلة بموضوع المؤتمر , والباحثون المتخصصون والمهتمون . وعن تفاصيل فعاليات المؤتمر يمكن استعراض الأيام الأربعة وما كان فيها من فعاليات : اليوم الأول : وقد اشتمل على حفل الافتتاح والجلسة الأولى التي تناولت محور "الاعتماد الأكاديمي ومعايير الجودة للمؤسسات القرآنية" , وقد تضمنت الجلسة خمسة ورقات أهمها : ورقة أ.د. عيسى بن ناصر الدريبي بعنوان : "معايير الجودة في برامج الدراسات القرآنية من خلال مشروع الهيئة الوطنية للاعتماد الأكاديمي . اليوم الثاني : وقد تضمنت جلستين تحت عنوان "البرامج التعليمية الأكاديمية للدراسات القرآنية" تضمنت الأولى منهما خمس ورقات أهمها ورقة أ.د. فريدة زمرد بعنوان "بناء مقررات التفسير وعلوم القرآن بين الشروط العلمية والمقتضيات التعليمية "البيداغوجية" , والثانية خمس ورقات أيضا أهمها ورقة د.نمشة بنت عبد الله الطواله بعنوان "واقع الدراسات العليا في القراءات القرآنية في الجامعات السعودية" . اليوم الثالث : وتضمن الجلسة الرابعة والخامسة من المؤتمر , وقد تناولت الجلسة الرابعة البرامج التعليمية غير الأكاديمية للدراسات القرآنية , كالمؤسسات القرآنية والكتاتيب وغيرها ضمن خمس ورقات , بينما تناولت الجلسة الخامسة محور تمويل المشروعات التعليمية للدراسات القرآنية ضمن خمس ورقات أيضا , تناول بعضها دور التدبر في تيسير وتحسين تعلم القرآن والعمل به لدى الأطفال . اليوم الرابع : وفيه الجلسة السادسة الذي تناولت محور استثمار وسائل التقنية في تعليم الدرسات القرآنية , وذلك ضمن خمس ورقات كان أبرزها : فقه القرآن الكريم حاجة لذوي الاحتياجات الخاصة , والتطبيقات القرآنية الذكية ونماذجها التعليمية . لتأتي الجلسة الختامية اليوم بأهم التوصيات التي خرج بها المؤتمر بتوصياته وأهمها بعد رفع بطاقة شكر وتقدير لخادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة لاستضافة هذا المؤتمر، وما يلقاه القرآن الكريم ومؤسساته منهم من دعم ورعاية : 1- التوصية بتزويد مكتبات الجامعات التي تعنى بالدراسات القرآنية ومراكز البحوث لبحوث المؤتمر الدولي لتطوير الدراسات القرآنية وتوصياته، مع ضرورة استمرار العناية بطلاب الدراسات العليا في القرآن وعلومه . 2- التوصية بإنشاء هيئة عالمية للاعتماد الأكاديمي في الدراسات القرآنية لضمان الجودة في البرامج القرآنية . 3- الاستفادة من أحدث التقنيات المعاصرة في تدريس مقررات الدراسات القرآنية، وتوظيف المعامل التقنية لتقريب القرآن وعلومه للطلاب والطالبات 4- الحاجة للمزيد من التعاون بين المتخصصين في الدراسات القرآنية . والمؤسسات التقنية لضمان جودة التقنيات الخادمة للقرآن الكريم وتطويرها . 5- الحاجة المستمرة للتنسيق والتكامل بين مختلف المؤسسات التعليمية في القرآن وعلومه، لتبادل الخبرات، وتعميم التجارب الناجحة . 6- التوصية بإنشاء جامعة نموذجية للقرآن في المملكة تجمع الخبرات التعليمية في تدريس الدراسات القرآنية في العالم، وتطبق أعلى معايير الجودة , وقد اعتبرها الكثيرين من أهم توصيات المؤتمر . 7- التوصية بتأسيس إطار يجمع إذاعات القرآن الكريم ومن في حكمها من أجل التعاون البرامجي وتبادل الخبرات للارتقاء بالعمل الإذاعي . 8- التوصية بابتكار مشروعات وقفية لتمويل المؤسسات التعليمية القرآنية لضمان استمرارها ونجاحها في أداء رسالتها لتعليم القرآن وعلومه . 9- التوصية بإقامة المؤتمر الدولي الثالث لتطوير الدراسات القرآنية تحت عنوان الإعلام في خدمة القرآن وعلومه . ويكفي دلالة على أهمية المؤتمر أنه تضمن 54 بحثا أضحت متوفرة جميعا على موقع المؤتمر على الانترنت بصيغة pdf, مما يسهل على القراء والمهتمين الاستفادة من هذه البحوث بكل يسر وسهولة , وقد تناولت الأبحاث 8 محاور هي : الاعتماد الأكاديمي ومعايير الجودة للمؤسسات القرآنية , و البرامج التعليمية الأكاديمية وغير الأكاديمية للدراسات القرآنية , وتعليم الأطفال القرآن الكريم وعلومه , وتعليم الدراسات القرآنية بغير اللغة العربية , ومحور تمويل الدرسات القرآنية لذوي الاحتيجات الخاصة , وأخيرا استثمار وسائل التقنية في تعليم الدراسات القرآنية . لقد أثنى الكثير من المغردين من المفكرين والباحثين وعامة المسلمين على حسن التنظيم والنجاح الكبير الذي حققه المؤتمر الدولي الثاني لتطوير الدراسات القرآنية على جميع المستويات , بدءا من حسن الإدارة والتنظيم , وصولا إلى الأفكار والمقترحات المطروحة ضمن المحاضرات والندوات , و انتهاء بما خرج به المؤتمر من توصيات . فهذا أحد المغردين يثني على المؤتمر بالقول : "مفخرة علمية استثنائية من مفاخر بلاد الحرمين الشريفين ؛ يستحق الدعاء والثناء والتكريم " وهذا آخر يقول : "أثبت القائمون على أن الإبداع والروعة ليست حكراً على أحد دون أحد ، وأن المؤتمرات الشرعية أولى بها" وهذا ثالث يقول : "من أراد أن ينظر إلى نموذج حي للإنجازات الكبيرة، المحفوفة بحسن الإعداد، مع الاستعانة بالله فليتابع المؤتمر الدولي الثاني لتطوير الدراسات القرآنية" وهذا رابع يعبر عن شعوره بالفخر والاعتزاز بأمثال هذه المؤتمرات الناجحة فيقول : "حضرت افتتاح هذا المؤتمر فشعرت باعتزاز عظيم حين تكون هذه الخدمة لكتاب الله في بلدي بهذا الحجم" . إن الحقيقة أن أحوج ما تحتاج إليه الأمة في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها هو : الرجوع إلى كتاب الله تعالى تعلما وتعليما وفقها وتدبرا وتطبيقا , ولا شك أن أمثال هذه المؤتمرات تعتبر جسرا يسهل عملية عودة الأمة إلى مصدر عزتها وسؤددها القرآن الكريم . فجزى الله القائمين على المؤتمر كل خير , وأعانهم على بذل المزيد لخدمة كتاب الله تعالى , وخدمة الأمة الإسلامية .