ماذا وراء الهجوم السويدي على السعودية؟
4 جمادى الثانية 1436
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

بشكل مفاجئ تصاعدت أزمة سياسية حادة بين السعودية والسويد بسبب تصريحات أدلت بها وزير الخارجية السويدية أمام البرلمان هاجمت فيها أوضاع المرأة في المملكة وأحكام أصدرتها محاكم سعودية وهو ما أثار غضبا سعوديا واسعا على المستوى الرسمي والشعبي حيث يعد الأمر تدخلا سافرا في شأن داخلي خصوصا أن الأمر يتعلق بأحكام شرعية إسلامية لا تعرف عنها السويد شيئا وبالتالي لا يمكن أن تمنح نفسها الحق في التعليق عليها بهذا الشكل...

 

ومع تطور الأزمة أعلن وزير الدفاع السويدي وقف التعاون العسكري مع الرياض إثر رفض الرياض إلقاء وزيرة الخارجية السويدية لكلمة داخل الجامعة العربية ثم تبع ذلك تسليم الرياض السفير السويدي بالمملكة خطاب احتجاج كما قامت بسحب سفيرها بالسويد وأوقفت منح تأشيرات لرجال الأعمال السويديين قبل أن يتدخل ملك السويد بتهدئة الأجواء وتطويق الأزمة حيث قالت آنيكا سونربيري، السكرتيرة الصحافية في القصر الملكي، إن الملك غوستاف حريص كل الحرص على تطوير العلاقات السويدية السعودية، التي تقوم على أسس تاريخية عريقة, ونقلت وسائل إعلام سويدية عن الملك غوستاف قوله: "لا بد من توفير كل الظروف الملائمة الآن لفتح حوار وصفحة اتصالات مع السعودية، التي نمتلك معها علاقات ثنائية تاريخية، اتسمت بالصداقة والتعاون المثمر والتفاهم المتبادل"..في نفس الوقت ذكرت مصادر صحفية أن مجموعة استشارية من رجال الأعمال والسياسة تشكلت أخيرًا للعمل على إنضاج مقترحات سريعة لاحتواء هذه الأزمة, فيما بدا تراجعا من الجانب السويدي على خلفية التداعيات الاقتصادية التي لحقت به..

 

وتعكس الأزمة تنامي توجه لدى بعض الحكومات الغربية الحالية من اجل فرض نهجها وثقافتها الخاصة ليس فقط داخل بلادها ولكن على دول أخرى تختلف معها جذريا في الدين والثقافة في حالة من الوصاية والاستعلاء غير المقبول وهو ما نبهت إليه وزيرة الدفاع السويدية السابقة كارين ايستروم عندما قالت: "خلال عملي مدة 8 سنوات سابقة كنا جميعًا نحرص على احترام الخصوصية ولغة الدبلوماسية في الحوارات، وكنت أظن أنه يمكن للصحافة والناطقين باسم الجمعيات أن يقدموا ملاحظاتهم وتقاريرهم وفق معايير حرية الرأي، لكنّ السياسيين والدبلوماسيين لهم سياقات للتعبير تترفع عن اختراق خصوصية الآخرين لكي لا تنطلق أسباب الأزمات المعروفة"...

 

هذه الأزمة أيقظت مخاوف داخل المجتمع السعودي على هويته الدينية والثقافية في مواجهة السعار الإعلامي والسياسي ضد كل ما هو إسلامي حيث أصدرت بعض سيدات وناشطات المجتمع السعودي بيانا حذرن فيه من أن الحركة النسوية المدعومة من جهات خارجية، ومن يتبنى فكرها من أكاديميات وإعلاميات وعضوات شورى داخل السعودية، تهدف إلى تعطيل أحكام الشريعة الإسلامية بتحقيق التماثل بين الجنسين في أحكام وتشريعات نظام الأحوال الشخصية، والدعوة إلى تطبيق اتفاقية "سيداو"، والمطالبة برفع التحفظات عنها من مدخل إيفاء المرأة حقوقها، وجميع ذلك يتم بتنسيق ودعم من منظمات دولية بهدف تطبيق المشروع العلماني في بلاد الحرمين التي كرمها المولى -عز وجل- بتطبيق الشريعة الإسلامية في أنظمتها وقضائها..وجاء في البيان الذي وجهنه للملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود: "نرفع لمقامكم الكريم أسمى آيات الشكر والتقدير للموقف الحازم لحكومتنا الرشيدة في بيانها الصادر عن مجلس الوزراء الموقر تجاه التدخلات الخارجية في أنظمة المملكة وقضائها وحقوق المرأة، مما يشكل انتهاكاً للشأن الداخلي، وعطفاً على ذلك، وإيماناً منا بأهميته لأمن وطننا، نؤكد أن المنهج المخالف الذي يتبناه بعض ممن ينتسب لهذه البلاد المباركة شجع على هذه الانتهاكات"..

 

وأضفن: "وتخصيصاً فإننا نشير إلى التنامي الخطير للنشاط الحركي للمنتسبات للحركة النسوية في المملكة العربية السعودية (النسويات السعوديات) ممن كرّسن جهودهن لدعم أجندة خارجية ترمي إلى الإلغاء والتشكيك في التشريعات الإسلامية، وتظليل الرأي العام، والسعي إلى خلق اتجاه معارض لأنظمة الدولة عن طريق الحشد والتجييش من خلال المقالات المنشورة في صحافتنا، وعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، والتحدث باسم المرأة السعودية، والعمل على إطلاق الحملات الواحدة تلو الأخرى كحملة السادس والعشرون من أكتوبر؛ الداعية إلى كسر نظام الدولة بفرض قيادة المرأة للسيارة والدعوة إلى التجمع والمظاهرات، وحملة إلغاء ولي الأمر وحملة بلدي، وغيرها الكثير من المشروعات المتعارضة مع قيمنا الاجتماعية ونظام الحكم في بلادنا، وقد نتج عن نشاط هذه الحركة أضراراً اجتماعية كبيرة أدت إلى التحزب وإثارة البلبلة وإضعاف اللحمة الوطنية وتهديد الأمن الاجتماعي"...

 

إن مثل هذه البيانات وغيرها تعد أحد خطوط الدفاع الرئيسية التي ينبغي تسليط الضوء عليها من أجل تعريف العالم أجمع أن هناك خطوطا حمراء ينبغي أن لا يتم تجاوزها في العلاقات مع الدول الإسلامية.