"عاصفة الحزم"..المفاجأة التي أثلجت الصدور
7 جمادى الثانية 1436
خالد مصطفى

حذرت وغيري الكثيرون منذ أشهر طويلة من المخطط الإيراني المجوسي في المنطقة بشكل عام وفي اليمن بوجه خاص عبر المليشيات الحوثية وتأثير ذلك على الأمن القومي للمنطقة وخصوصا لدول الخليج العربي السنية وعلى رأسها السعودية والتي تعتبرها طهران, وفقا لتصريحات العديد من المسؤولين فيها, أكبر أعدائها وذلك ببساطة شديدة لأن علماء المملكة السعودية هم الأكثر وعيا بشأن العقيدة الشيعية الإثنى العشرية الفاسدة والأكثر تحذيرا منها حيث كشفوا سوءاتها ونشروا ذلك في كتب عديدة, في حين وقع الكثير من علماء السنة في بعض البلدان في فخ التقريب وصدقوا مزاعم التقية الإيرانية عن ضرورة التوحد ضد أعداء الأمة وتغاضوا عن سبهم للصحابة رضي الله عنهم ولأمهات المؤمنين بحجة أن ذلك يصدر من بعضهم وليس من كلهم في حين أن الآخرين يكتفون بسماع السباب دون إدانة في أغلب الأحيان وهو ما يعد إقرار منهم وإدانة لهم..ناهيك عن أن السعودية تحتضن أكبر احتياطي نفطي في العالم وتمتلك العديد من مصادر الثروة والتي تسيل لعاب أي طامع وطامح لإعادة إمبراطورية أجداده الزائلة...

 

التمدد الحوثي المدعوم من طهران بدأ رويدا رويدا منذ عهد الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح حيث سيطروا تماما على صعدة الملاصقة للحدود السعودية وكونوا ما يشبة الإمارة وأصبحوا يتحكمون في كل شيء فيها.. وعندما قامت الثورة ضد نظام صالح تسلق الحوثيون عليها وأوهموا الجميع أنهم من المؤيدين لها ووقفوا مع لثوار في الميدان ثم طعنوهم في ظهورهم عندما وضعوا أيديهم سرا في أيدي صالح والقوات الموالية له من أجل إسقاط البلاد وبسط سيطرتهم عليها وإزاحة الحكومة الشرعية...قد يقول البعض أن التحرك من جانب دول الخليج جاء متأخرا وهو كلام لا يخلو من منطق ولكن أن تاتي متأخرا أفضل من أن لا تأتي أبدا خصوصا أن التأييد الدولي لعملية مثل هذه يعد ضروريا حتى لا تفلح روسيا وغيرها من الدول المؤيدة للحوثيين من استخرج قرار من مجلس الامن بإدانة العمليات أو الضغط لوقفها...إن دول الخليج حاولت حتى اللحظة الأخيرة إفساح المجال للحلول السلمية أو للتدخل الدولي الذي يبدو أنه خضع لاعتبارات مصالح الدول الكبرى التي أصبح كل ما يهمها إبرام اتفاق نووي مع إيران حتى لو تركت لها الخليج كله تعبث به..

 

إن إيران وأذنابها في المنطقة يتصرفون مثلما يتصرف الكيان الصهيوني وهو إقرار الأمر الواقع بالقوة وعلى المتضرر التوجه للمؤسسات الدولية حتى تضيع القضية كما ضاعت فلسطين وهو ما راهنوا عليه في اليمن حيث واصل الحوثيون زحفهم مستخدمين القوة العسكرية ورافضين جميع جهود الوساطة والمؤكد ان ضربات عاصفة الحزم وقعت كالصاعقة ليس فقط على الحوثيين بل على طهران وبشكل أكبر لأن هذا التحرك قلب كل الموازين التي كانت تعمل عليها إيران منذ سنوات حيث تدير المعارك عن طريق أذنابها وتختفي هي خلفهم مدعية البراءة وكانت تفلح كل مرة ـ مع الأسف ـ في الهرب من تلقي العقاب الضروري لتقف عند حدودها...

 

يقظة العرب الأخيرة أربكت العديد من المخططات والحسابات التي كانت تدور في دهاليز السياسة ليس فقط لإيران وإنما للدول الكبرى أيضا والتي كانت أصبحت على يقين أن طهران هي اللاعب الأهم في المنطقة والأقوى استراتيجيا والقادرة على الفعل في حين أن بقية الدول تكتفي بردود الأفعال فقط؛ لذا رأت هذه الدول أن من واجبها التفاهم معها على مستقبل المنطقة وترتيب أوضاعها....

 

إن عاصفة الحزم ضربت أكثر من عصفور بحجر واحد وأرسلت العديد من الرسائل لأذناب إيران في لبنان وسوريا والعراق ولكن ينبغي استكمال المهمة حتى نهايتها ودراسة خطوات أكثر جدية للتعامل مع الأوضاع المشابهة وعلى رأسها الأوضاع في سوريا والتي تفاقمت بشدة دون أن يكون هناك رؤية واضحة فيها سوى لإيران.