عاصفة الحزم.. تأريخ جديد
8 جمادى الثانية 1436
منذر الأسعد

بمعركة ( عاصفة الحزم) التي لم تجد مفرّاً من خوضها لكبح السرطان الصفوي في اليمن، استطاعت السعودية توحيد المسلمين مجدداً،بعد طول شتات وتنافر وانقسامات عمودية مريرة على مستوى الأمة الإسلامية..

 

لم يسأل أحدٌ: لماذا أقدمت الرياض على هذه الخطوة التي أجمع الكل على أنها تتسم بالحكمة والشجاعة معاً،وربما كان السؤا‍ل لدى بعضهم:لماذا تأخر موقف الذود عن الدين والديار والبشر؟!

 

وهو سؤال تشوق وتأييد عميق وليس سؤال لوم ..

 

 

هذه المعركة تستحق أن توصف بالشجاعة لأن صانع القرار يعي مسبقاً أن إعلان الحرب على أداة الملالي في اليمن،لا يحظى بقبول دولي حقيقي،فروسيا والصين هما المشرفان على تسويق جرائم طهران على حساب العرب بخاصة والمسلمين بعامة. وواشنطن أوباما لا تقل عنهما سروراً بتمدد الداء المجوسي،لكنها نجحت في ممارسة تقية القوم نفسها طويلاً، إلى أن اضطرتها الأحداث الجسام في الشام والعراق ولبنان واليمن إلى إسقاط أقنعتها ونقل التحالف مع التغلغل الإيراني إلى مستوى العلانية الواقعية الناجزة باستثناء الاعتراف الإعلامي الرسمي.

 

 

وهي –أعني: عاصفة الحزم-جديرة كذلك بوصف الحكمة الذي أسبغه عليها ساسة ورجال فكر وإعلاميون كانوا إلى أمد قريب يختلفون على شروق الشمس!!

 

 

أول المستبشرين والمرحّبين بالقرار السعودي هم الأغلبية اليمنية الصامتة، التي باغتها حجم الحقد الحوثي ومدى إجرام المخلوع علي عبد الله صالح في حقهم..

 

 

وتتجلى الحكمة أكثر بالالتفاف الرسمي الكبير حول القرار السعودي،من مصر التي كانت تتأرجح بحسب دعاوى قناة العالم وتسريبات الحوثيين، إلى باكستان الحليف الإستراتيجي لقضايا الأمة، إلى الخرطوم التي دأبت على مغازلة التشيع الصفوي على نحو خمس وعشرين من السنوات العجاف،موهمةً نفسها أن ذلك هو العمق البديل لمناكفتها أشقاءها الأقربين... إلى تركيا التي أثبتت الأيام أن ما يجمع العرب الشرفاء بها أكثر وأكبر وأعمق مما يفرّقهم- بل: مما يخيَّل إلى بعضهم أنها يمكن اتخاذها سبلاً للتفرقة!!-..

 

 

وتتبدى الحكمة والشجاعة معاً من حجم الهياج الذي انتاب إيران المصعوقة ووكلاءها الصغار.. فقد أغراها التفكك الإسلامي وطول الصمت العربي بأن تفجر في عدوانها،وأن تترك للمتغطرسين من قيادييها التفاخر بمخازيها،وتحقير العرب بلغة عنصرية ممجوجة –ليس بمقاييس الإسلام الذي تنتحله العمائم السوداء وإنما بموازين العصر الغربي المنافق نفسه!!-

 

 

عاصفة رسالة بالغة القوة والجدية تقول للعدو: اتقوا غضب الحليم.. فصبر القوي ليس ضعفاً مهما طال.. فكيف والقرار الشجاع يستند إلى الحق بحسب مبادئ الدين الحنيف،وتدعمه مشاعر مليار ونصف مليار من المسلمين الساخطين على المشروع الطائفي البغيض وعلى وحشيته المفزعة؟

 

 

بل إن القانون الدولي –وهو الغربي أصلاً وفروعاً - يبصم بالأصابع العشر للدفاع عن النفس ولحماية دولة شقيقة ومؤسساتها من احتلال أجنبي يخفي مخالبه وراء كيد سفيه قادم من ظلمات تحرر اليمن منها منذ زمن غير يسير..

 

إن ما بعد عاصفة الحزم لن يكون مثل ما قبلها..