"الأستاذ" هيكل.. ومرارة الهزيمة؟!
14 جمادى الثانية 1436
منذر الأسعد

باستثناء التابعين لملالي قم، أجمع العرب على الحفاوة بعاصفة الحزم.. وتصدر هؤلاء الإعلامي العربي الأكثر شهرة الأستاذ محمد حسنين هيكل، وبعض أشياعه من جماعة هاتف العملة: ادفع تسمع..

 

الأستاذ محمد حسنين هيكل حر في انتماءاته وآرائه، ككل إنسان مسؤول عن خياراته، وذلك ما شاءه الله تعالى في قضية الوجود الكبرى (أي: التوحيد) إذ قال عز من قائل في محكم التنزيل:

{وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً} [سورة الكهف: الآية29].

 

وهو حر –بهذا المعنى- في أن يحب زيداً وأن يكره عَمْراً.. فالقلوب بيد الرحمن يقلّبها كيف يشاء، حتى لو كره ربه الرحمن وعشق صديقه إبليس.. ولكل خيار جزاء عادل بين يدي ملك الملوك.

 

فالأستاذ الكبير –اسماً وسنًّا- يمقت العرب ويحب الفرس، لكنه يكون واهماً إذا صدَّق ظنونه بأن الناس يحملون هراءه عن القومية العربية على محمل الجد..

 

ليس فقط لأن العروبة بالمفهوم الناصري والبعثي أسطورة أسقطها تجارها أكثر مما فعل خصومها..

 

وليس فقط لأن أبناء اليوم يختلفون جذرياً عن جيل الستينيات الذي خدّر هيكل عقله ونوّمه تنويماً مغناطيسياً.. ليست الأجيال الجديدة محبوسة حبس أسلافها في صحيفة الطاغية اليتيمة وصحفيِّه الأوحد!!
ذهب زمن عبادة الفرد في الإعلام مثلما تبخر في دنيا السياسة..

 

الناس لم يعودوا قابلين للانخداع بلعبة "" الثلاث ورقات"" –بالتعبير الشعبي الدارج لدى أشقائنا المصريين- إذ يستحيل عقلاً أن يكون منظّر الفكر القومي العنصري تباعاً للولي السفيه في قم!! مع أن عربياً أمياً من أهل العروبة الفطرية المؤمنة لا تنطلي عليه خرافة بهذه السذاجة..

 

أفليس غريباً أن يبصم هيكل لكل ما تقرره إيران، التي لم تعد تخفي أطماعها وغطرستها، بل إن كبار مسؤوليها صاروا يتنافسون في الافتخار بسيطرتهم على أربع عواصم عربية-وهذا ما لم يتحقق لأسلافهم الساسانيين الذين حرر الإسلام أهل فارس من طغيانهم؟-

 

والمضحك المبكي في خرافات الأستاذ هيكل المتشابكة، أنه علماني شديد التطرف في موقفه من الإسلام، حتى إنه لا يذكر اسم الله في أحاديثه المطولة ولا في مقالاته وكتبه!! لكنه منبهر –إن شئنا الدقة قلنا: يتظاهر بأنه منبهر- بالخميني ودولته المذهبية المغرقة في رجعيتها وفقاً لأكثر التعريفات الغربية تسامحاً، فالسلطة المطلقة-بحسب دستور القوم أنفسهم- يملكها شخص واحد لا يجرؤ إنسان على مساءلته، فما بالك في الاعتراض على قرار اتخذه؟ ونظرياً فقط يستطيع محاسبته رجال الدين –بالمعنى الكنسي للكلمة- مع أنه هو الذي يعيّنهم في مجلس الخبراء ومجلس صيانة الدستور ومجلس تشخيص مصلحة النظام!!!!

 

إن الرجل يحتاج إلى فريق متخصص في الطب النفسي، لتحليل تركيبته الغريبة العجيبة، والكشف عن أسرار عدائه للقوم الذين يزعم أنه ينظِّر لهم كي يتغلبوا على تمزقهم وتخلفهم!!

 

أهي مكابرة تنبع من مرارة الشعور بهزيمة مشروعه؟ أم هو التعويض بمزيد من الحقد لأنه كان دائماً مفكر الهزيمة كما لقَّبه العملاق الجريء محمد جلال كشك رحمه الله، عقب هزيمة 1967م المفزعة، والتي تحايل هيكل على عقول المخدوعين يومئذ فسماها ""نكسة""؟

 

العبد الفقير كاتب هذه السطور المتواضعة مستعد لتصديق أراجيف هيكل جملة وتفصيلاً في حالة واحدة، هي أن يطمس كلمة (العربية) بعد كلمة (القومية) التي يدّعيها ويضع بدلاً منها كلمة (الفارسية).. فلكي ينسجم مع حقيقته عليه أن يقول بفخر: أنا منظِّر القومية العنصرية الفارسية، تماماً مثلما يتباهى قاسم سليماني بأن سيده خامنئي يسيطر على أربع بلدان عربية!!