ما قال الغنوشي؟ وإلى متى يصمت؟
26 جمادى الثانية 1436
منذر الأسعد

((قراءة متأنية في تصريحات  الشيخ راشد الغنوشي الأخيرة))

 

لديّ قناعة  راسخة بأن الأفكار أهم من الأشخاص، فهي تبقى وهم زائلون..
وعشت هذه القناعة مسلكاً عملياً في مسيرتي الإعلامية والبحثية على امتداد ثلث قرن من الزمان..
وأخص بهذا الاحتياط الدعاة إلى الله،حتى عندما يقع بعضهم في زلة لا يجوز السكوت عنها.. فأناقش الموضوع وأبيِّن الحق – في حدود علمي المتواضع- وأنأى عن التشهير،إلا في أحوال استثنائية جداً،عندما يكون الخرق واسعاً والمخطئ مجاهراً ومعانداً..

 

هذا الاحتراز ضروري لفهم مقالتي هذه جملة وتفصيلاً.. فقد نَسَبَت مصادر إعلامية مختلفة إلى الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تونس،تصريحات زعموا أنه أدلى بها إلى صحافي فرنسي،تضمنت إقراره الشذوذ الجنسي،الذي يصر الغرب وأدواته المتغربة في ديار المسلمين على تسميته بغير اسمه من خلال إطلاق مصطلح "المِثْلية"عليه، كرهاً منهم للمفاهيم والمصطلحات الشرعية واللغوية العربية..

 

الملاحَظ ابتداءً الاضطراب الكبير في الأقوال المنسوبة إلى الغنوشي، الأمر الذي يعني أن بعض الناقلين عبَّروا عما يريدون أن ينسبوه إليه،لغاية في أنفسهم،فصيغة خصومه قطعية وفحواها أن الرجل خرج على ثوابت شرعية لا يختلف عليها عالِمان مسلمان من السلف ولا من الخَلَف.. والمتغربون أرادوا أن يتخذوا من كلامه جسراً لهدم الثوابت وزعزعة قناعات الناس وإثارة مزيد من الفتنة في صفوف الإسلاميين المتنافرة.

 

 

وإذا كانت مقالتي متأخرة عن الحدث نسبياً،فلأني حرصت على معرفة ما قاله الشيخ الغنوشي بالضبط،ولم أصل إلى نتيجة فاللقاء منشور بالفرنسية ولم يُتَرجَم إلى العربية  ترجمة رسمية ..
وإن كان من حق جمهور الشيخ ومن حق تاريخه عليه،أن يوقف هذه البلبلة ببيان وافٍ وشافٍ، ينهي التلاعب بكلامه  والاتجار  باسمه والجدل غير الصحي الذي أسفر عنه هذا الأمر..

 

هذه نماذج من التعبيرات المختلفة المنسوبة إلى الرجل:
مصدر 1

الغنوشي: يجب أن توجد قوانين تحمي المثليين جنسياً و تشرع علاقاتهم الجنسية فالإسلام يحترم خصوصياتهم ..

قال المفكر الإسلامي السيد راشد الغنوشي في كتيب حوارات مطوّل خاص بـ'موضوع الإسلام' صدر يوم الخميس ، في باب المثلية الجنسية، إن الإسلام يحترم خصوصيات الأشخاص ولا يتجسس عليهم، معتبراً أن كل شخص حر في ميولاته ، و من واجب المشرع إيجاد حل لهذه الفئة المهمشة ، فالمثلي إنسان
ومواطن بدرجة أولى و من ثم  يجب أن توضع قوانين تحميه وتنظم علاقاته الجنسية التي تبدو لكثيرين غير منطقية و لكنها موجودة ويجب أن نتأقلم معها .
وأضاف رئيس حركة النهضة أنه يرفض تجريم المثلية الجنسية لأن القانون لا يقوم بتتبع الحياة الخاصة للأفراد ولأن هذا الإجراء مخالف للمواثيق الدولية لحقوق الانسان ، و نواب حركة النهضة أكدوا ذلك عندما دافعوا عن كونية حقوق الانسان في الدستور .
و تجدر الاشارة الى أن النائب سمير ديلو كان قد دافع عن المثليين في تصريح له لجريدة لوموند الفرنسية و الذي شدد على أنه سيناضل من أجل أن يكون لهم قوانين تحميهم في تونس اقتداء بأغلب الدول الديمقراطية!!

 

 

مصدر 2
= أرفض تجريم المثلية الجنسية وأقبل الإجهاض إن كان مبكراً.
تحت هذا العنوان قال هذا المصدر: ..... وقال إنه يرفض المثلية الجنسية  ويرفض تجريمها ولكل إنسان ميول يجب احترامها، ولا يمكن التجسس على الناس في بيوتهم،وكل شخص مسؤول أمام ربه..

مصدر 3
الغنوشي يرفض تجريم المثلية الجنسية

مصدر4
 الغنوشي : يجب سن قوانين تحمي المثليين

يلاحظ القارئ الكريم تفاوتاً في فجور الصيغ المذكورة، لكن أقل صيغة منها استفزازاً تبقى  شديدة الخطورة ولا يتوقع المرء أن يقولها فرد من عامة المسلمين، فكيف برجل لا شك في علمه وسعة اطلاعه،ولديه تاريخ حافل من التضحية في سبيل قناعته أن الإسلام منهج حياة كامل وشامل،  وأمضى  الشيخ عشرات السنين من عمره شريداً طريداً لذلك..

 

 

لقد بات واجباً على الداعية الغنوشي أن يفصل في هذا الجدل،وأما إذا استمر  في صمته هذا،فإنه يبيح للآخرين أن يصدِّقوا  بنسبة تلك الطوام إليه..