ما بين "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل"
6 رجب 1436
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

قبل أيام أعلنت المملكة العربية السعودية انتهاء عملية عاصفة الحزم التي شنتها بالمشاركة مع عدد من الدول العربية ضد المتمردين الحوثيين الشيعة والقوات الموالية لهم من فرق الجيش التابعة للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وقد فرحت إيران وأتباعها في المنطقة من المتشيعيين عقائديا وسياسيا بهذا الإعلان رغم أنه ألحق به إعلان عن عملية أخرى هي عملية "إعادة الأمل" والتي أكدت على البعد الإنساني بجانب العسكري, مع التاكيد على حماية الشعب اليمني والشرعية من خطر الحوثيين وعدم السماح لهم بالاستيلاء على السلطة..

 

الحوثيون يبدو أن الرسالة وصلتهم بشكل خاطئ وفهموا منها أن قوات التحالف فشلت في فرض إرادتها وأن طهران تمكنت عن طريق أوراق الضغط مع الغرب في إيقاف العملية؛ فقرروا التمادي وقاموا بالسيطرة على بعض الألوية وقصفوا عدة مناطق باليمن فما كان من قوات التحالف إلا أن هاجمت الحوثيين مرة أخرى وكبدتهم خسائر كبيرة مع استمرار المقاومة الشعبية في مواجهة الحوثيين على الأرض...

 

قبل الإعلان عن وقف عملية عاصفة الحزم ظهرت الكثير من المبادرات بعضها من جانب بعض الموالين للحوثيين في الداخل والخارج ودعا مجلس الأمن لوقف إطلاق النار والحوار وحاولت إيران والمتمردون الحوثيون أن يظهروا للعالم أنهم مستعدين للحل السلمي وأن التحالف هو الذي يرفض الحوار رغم أن العملية العسكرية لم تبدأ إلا بعد استنفاد جميع جهود الحوار وإصرار الحوثيين على استخدام القوة..من هنا يبدو أن التحالف أراد أن يبين للمجتمع الدولي أن الحوثيين يتلاعبون بالحوار من أجل أن يفرضوا واقعا محددا على الأرض يصعب التفاوض معهم من خلاله فجاء الإعلان عن وقف عملية عاصفة الحزم واستبدالها بإعادة الأمل...

 

لقد تمكن التحالف بهذه الطريقة من إثبات حقيقة المخطط الحوثي الإيراني والذي لا يرضى بديلا عن إقصاء الآخر في اليمن والاستمرار في استعمال القوة ضد الشعب اليمني والمكونات السياسية المناوئة له..لقد نجحت عملية عاصفة الحزم في كسر أذرع الحوثيين المتمثلة في الصواريخ الباليستية وتدمير مخازن الذخيرة الرئيسية كما استطاعت أن توقف الإمدادات الإيرانية لهم عن طريق محاصرة الموانئ اليمنية ولكن هذا لا يعد كافيا إلا إذا أراد الحوثيون الدخول في عملية سياسية على أسس واضحة تبدأ بالاعتراف بالشرعية وهو ما لا يبدو ماثلا في الأفق حتى الآن لذا من الضروري استكمال العملية العسكرية بصرف النظر عن المسميات...

 

إن التحالف كشف بوضوح أنه مستعد لإعادة إعمار اليمن والقبول بمشاركة جميع القوى السياسية في الحوار إلا أن الحوثيين حتى الآن يرفضون الاعتراف بذلك وهو ما سيؤدي لاستمرار المعارك جوا وبحرا عن طريق قوات التحالف وبرا عن طريق المقاومة التي تزداد قوة يوما بعد يوم...في ظل هذا الزخم تجري مباحثات عربية مكثفة حاليا من أجل إنشاء القوة العربية المشتركة ورغم المشاكل التي تقابل هذا المشروع على عدة أصعدة إلا أنه يظهر الفوائد الكبرى التي نتجت عن العملية العسكرية في اليمن وتزايد الشعور العربي بضرورة التوحد على أسس ثابتة وهامة ومواجهة التحديات والمخططات المستمرة من قوى إقليمية ودولية...أزمة اليمن ليست الأولى ولن تكون الأخيرة كما يظهر من مجريات الأحداث في المنطقة, كما أن عددا من الدول العربية تعاني من توغل إيراني شرس بالقوة العسكرية المباشرة وغير المباشرة..

 

إن التأخر في إجراء خطوات فاعلة على الصعيد العربي لمواجهة المواقف المشابهة لما يجري في اليمن سيؤدي إلى زيادة التكاليف والأعباء وقد يؤدي إلى الفشل في المواجهة أيضا.