حتى الآثار مقامات؟!... النفاق الغربي بين حجارة تدمر ودماء السوريين
9 شعبان 1436
منذر الأسعد

منذ سيطر ت  داعش  على مدينة تدمر في الأسبوع الماضي، من يد النظام الأسدي،ما زالت عواصم القوى الكبرى تتنافس في إبداء قلقها على مصير آثار هذه المدنية التاريخية العريقة في قلب البادية السورية،ثم تودع مشاعر قلقها معاً في خزائن الأمين العام للأمم المتحدة الذي يعتبر مالك أكبر بنك للقلق في العالم!!

 

وتفوقت موسكو كالعادة في فجاجتها، إذ أعربت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها البالغ إزاء سيطرة تنظيم “داعش” على بعض المناطق في سوريا والعراق، معتبرة أن إقدام التنظيم على تدمير مدينة تدمر الأثرية السورية  يعد عملاً إجرامياً لا يغتفر!!

 

ومع أن داعش تمنح هؤلاء عادة مادة دسمة في حالات مشابهة-مثلما حصل في الموصل العراقية العام الماضي- فإنها هذه المرة،لم تنشغل بأصنام تدمر ولم تمتد يدها إليها بعد،فتزودنا بدليل إضافي على كذب روسيا المكشوف ونفاق الغرب كله المديد والذي يبدو أنه بصمة لصيقة به فلا يتخلى عنه حتى في عصر ثورة المعلومات والتواصل!!

 

 

الغرب الذي تواطأ كله على نحر نصف مليون سوري واختطاف مليون منهم في أقبية التعذيب وتشريد 12 مليون في الداخل والخارج وتهديم نصف مباني سوريا،لا يجد ما يقلقه سوى مصير حجارة تدمر!!

 

 

والأدهى من ذلك، أن العصابة التي استسلمت لداعش-يرى بعض المحللين أنها سلّمت تدمر لداعش- نهبت ما استطاعت من تلك الآثار،وهناك مقاطع توثق ذلك بالصوت والصورة التقطها أعضاء العصابة الهاربون بأنفسهم.. بل إن مصادر النظام تحدثت بصفة رسمية متباهية أنها أنقذت تلك الآثار؟؟

 

 

الناشطون السوريون ملؤوا مواقع التواصل الاجتماعي بسخريتهم المريرة من هذا النفاق الغربي، ولو سلّمنا جدلاً بأن حجارة زنوبيا التاريخية أغلى من الدم السوري،فإن الغرب منعدم الضمير لم يهتز من قبل لتهديم 1300 مسجد بقذائف الشبيحة ومرتزقة الشيعة المستوردين، ونحو ثلث تلك المساجد  قديمة ولها أهمية تاريخية!!

 

 

بل إننا لم نشهد حفلات تكاذب جماعي ولا لطميات أممية كهذه،يوم دك الطاغية قلعة الحصن وقلعة المضيق!! ألأنهما لعبتا دوراً مهماً في حروب المسلمين لطرد أجدادهم الفرنجة الغزاة من مشرقنا؟

 

 

ذلك مفهوم عند من يدرك موروث البغضاء الصليبي تحت قشرة علمانية زائفة،لكن عدم الاكتراث كان مسلك الغرب مع آثار بصرى الشام التي تعود إلى ما قبل المسيح عليه السلام،مثلما أثبت متحدث باسم الجيش الحر بعد تطهير المدينة من أزلام النظام وحزب اللات،حيث أكد أن جيش النظام قام بسرقة متحف بصرى الشام بشكل كامل، وقام  بتدمير جزء من أثار المدينة مثل “سرير بنت الملك، الجامع العمري، مبرك الناقة، الكنيسة الكدرالية، دير الراهب بحيرة، مدرسة أبو الفداء ثم قام الطيران بعد انسحاب جنوده منها باستهداف المناطق الأثرية بالبراميل”، وهناك آثار قذائف وصواريخ على أبراج القلعة!!