أوباما وأبو إبراهيم الرقاوي؟ جرائم "جيدة" وأخرى رديئة!
28 شعبان 1436
منذر الأسعد

طبعاً، لا يرضى إنسان لديه بقايا من الفطرة السليمة، بتصنيف الجرائم ولاسيما الكبرى منها كالإبادة الجماعية، بحيث يكون بعضها مقبولاً – لئلا نقول: يصبح مطلوباً – وفقاً لأصحاب المعايير الزئبقية الانتقائية، بموازين أهوائهم ومصالحهم الوضيعة، على حساب دماء الشعوب الأخرى وحريتها وكرامتها..

 

أمريكا في محنة الشعب السوري تفعل ذلك بصفاقة غير مسبوقة، من حيث انكشافها وانعدام الغطاء الإيديولوجي المضلل لها، باستثناء التعتيم الإعلامي الذي يفضح أكثر مما يستر..

 

واشنطن التي ملأت الدنيا صخباً وعويلاً - منذ هجمات 11 سبتمبر 2001م- لمحاربة ما تسميه إرهاباً، هي من يقود التلاعب بهذه القضية على الأرض، بعد سنوات من التلاعب باسمها من خلال رفضها الاتفاق مع الدول الأخرى على تعريف محدد لمصطلح "الإرهاب"!

 

هي التي تدمِّر كل يوم منشآت وتقتل أبرياء في سوريا والعراق، بذريعة مطاردة داعش، تعامت عن قوافل داعش المتجهة في الصحراء من الرقة للاستيلاء على تدمر!

 

وهي التي فرضت على القلة من بقايا الجيش السوري الحر، والذين تدّعي أنها سوف تدربهم، فرضت عليهم أن يقاتلوا داعش ويمتنعوا عن مقاتلة الطاغية قاتل الشعب السوري قبل داعش ومع داعش وبعد داعش..

 

ومع ذلك، رفض البيت الأبيض تقديم إسناد جوي لفصائل من هؤلاء تقاتل داعش في ريف حلب الشمالي!

 

والآن تترك مرتزقتها من عملاء بلاك ووتر تشارك مع العملاء الكرد في التطهير العرقي للعرب من ريف الرقة وريف حلب! وتأبى أن تساند الجيش الحر الذي يدافع عنهم، بعد أن ضحك عليه الأمريكان فجعلوه يقاتل إلى جانب العملاء الكرد في عين العرب!

 

إذا وضعنا ذلك كله في سياق هراء أوباما عن حاجته إلى سنوات لمجابهة داعش، يتبين بالدليل الدامغ أن أمريكا تعمل على تقسيم سوريا بالتعاون مع حليفتيها المجرمتين: طهران وتل أبيب.تفعل ذلك بتواطؤ من إعلامها الدجال، الذي يعتّم على الكارثة السورية بصورة شبه مطلقة. فكل ما-ومن- يتصدى لمؤامرة التقسيم تعزله واشنطن وتحاصره، حصاراً أشد مما فعلت على امتداد الثورة السورية، منذ طليعتها السلمية، التي خدَّرها سفيرها روبرت فورد، مع أنه رأى بعينيه سلمية الحراك الشعبي، الذي قدّم له الورود مصدِّقاً أكذوبة أمريكا راعية الحريات في العالم.

 

يكفي في حيِّزٍ ضيِّق كهذا، استحضار شهادة طازجة وساخنة..
هي شهادة ناشط حقوقي لا تستطيع مخابرات أمريكا على اختلافها، أن تختلق له أي تصنيف سلبي.. إنه أبو إبراهيم الرقاوي الذي دأب منذ سنتين على ملاحقة تصرفات داعش، وتوثيقها ونشر تقارير موثقة عنها، كانت تجد طريقها إلى موقع الصدارة في الإعلام الغربي بعامة والأمريكي منه بخاصة، كما اعتمدت على تقاريره الجهات الحقوقية الأممية والأجنبية والسورية على حد سواء..

 

أبو إبراهيم نفسه، يكشف الآن جرائم الفصائل الكردية الخائنة، في حق العرب من أهل السنة، في المناطق الشمالية، التي يبدو أن الإرهابي الأكبر أوباما وعدهم بها – مع أنهم يتصدرون حتى تاريخه قوائمه للمنظمات الإرهابية!!-.

 

نشر الرقاوي  أمس -الأحد 27 شعبان 1436 الموافق 14 /6/2015م-على حسابه المعروف بعنوان: "الرقة تذبح بصمت"، فقال: "قوات الحماية الشعبية الكردية تقوم بتهجير أهالي قرية زحلة جنوب شرق تل أبيض وبقوة السلاح، علماً أن القرية لا يتواجد فيها سوى الأطفال والنساء"، ولئلا يتذرع تجار حقوق الإنسان بحاجز اللغة، نشر الرجل تغريدته ذاتها بالإنكليزية.جرياً على نهجه الدائم!.

 

لكن الرجل أفاق على صدمة عمره، فالذين كانوا يلهثون وراءه طالبين مزيداً من التفاصيل، تظاهروا بالعمى والصمم عن تغريداته الأخيرة، لأنها تهتك ستر عملائهم!!