سجن "رومية" وطوفان الطائفية
8 رمضان 1436
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

الفيديوهات المروعة التي تم تسريبها من "باستيل" العصر الحديث وهو سجن رومية اللبناني سيء الصيت الذي وصفته هيئة علماء المسلمين بلبنان بأنه جوانتانامو وأبو غريب معا, لم تفاجئ الكثيرين ولكنها برهنت على حقائق ضخمة طالما شرحناها وحذرنا من تداعياتها..

 

لقد هزت الفيديوهات التي تم تسريبها الأوساط السنية في العالم كله وليس في لبنان وحدها حيث ظهر من الفيديوهات تعمد إهانة مشايخ ودعاة أهل السنة وتعذيبهم بشكل استفزازي لكسر إرادتهم والسخرية منهم ومن دينهم ومن أتباعهم... كما كشفت شهادات لاحقة لمعتقلين في هذا السجن عن عمليات تعذيب ممنهجة منذ فترة طويلة يقصد منها توصيل رسالة تخويف لأهل السنة في لبنان حتى يرضخوا للأمر الواقع ولا يفكروا في المطالبة بحقوقهم المهضومة..

 

نعم لبنان نظامها السياسي منذ فترة طويلة قائم على المحاصصة الطائفية ولكن بشكل متوازن بين جميع الطوائف حتى الصغير منها أما أن تطغى طائفة بقوة السلاح على بقية الطوائف وتستغل وجود السلاح معها تحت دعاوى زائفة مثل "مقاومة الاحتلال" لكي تخترق مؤسسات الدولة وتفرض سيطرتها على القرار السياسي فهذا أمر ينذر بخطر داهم على واقع داخلي شديد التعقيد..إن أهل السنة في لبنان شكوا مرارا وتكرارا من ظلم كبير واقع عليهم من قبل الحكومة التي يتحكم فيها حزب الله ومن قبل الجيش وقوى الامن المخترقة من عناصر حزب الله الشيعي ومع ذلك لم يلتفت أحد إلى هذه الشكاوى حتى أن الممثل السني السياسي وهو تيار المستقبل الذي يتزعمه سعد الحريري لا يريد طرح القضية على الرأي العام بشكل واضح وصريح حتى لا يتهم بالطائفية وخشية من غضب حلفائه "المسيحيين" والذين يحتمون بالغرب وبكنيستهم في الفاتيكان هربا من بطش حزب الله الذي لا يجد أمامه سوى السنة حتى ينفث فيهم أحقاده الدفينة...

 

إن تيار المستقبل يحاول دوما أن يجعل من خلافه مع حزب الله سياسيا علمانيا بحتا بينما الطرف الآخر يفصح عن مكنوناته وصولاته وجولاته بشكل فج وقبيح وهو ما يظهر التيار في ثوب الضعيف المتهالك...حتى الإعلام في لبنان أصبح يهاب من كشف كثير من الحقائق عن جرائم حزب الله خوفا من تفجيرات وانتقام الحزب الذي استهدف أعلى الرؤوس في البلاد دون أن توجه لأحدهم أية اتهامات حقيقية وما زالت جريمة اغتيال رفيق الحريري ماثلة للأذهان رغم المحاكمة الدولية شبه الصورية...

 

هذه ليست المرة الأولى التي يكشف فيها عن تورط الحكومة اللبنانية في الحرب على أهل السنة أو عن اختراقها من قبل مليشيات حزب الله فالمعارك التي دارت في عرسال كانت واضحة تماما في أهدافها كما أن الحكومة تغض الطرف عن مسلحي حزب الله الذاهبين والقافلين من سوريا بأسلحتهم وعتادهم للدفاع عن نظام بشار الأسد والمزارات الشيعية ـ بحسب تصريحات علنية لأمينه العام حسن نصر الله ـ بحجة أن "أمن سوريا من أمن لبنان", بينما تقبض على أي متعاطف مع الثوار ضد نظام بشار السفاح الذي احتل لبنان لسنوات طويلة وأذاق أهلها الويلات تحت ذريعة أنه "داعشي" و"تكفيري" وهو الاسم المفضل عند نصرالله وإعلامه بل عند الإعلام "المسيحي" اللبناني بشكل عام لكل سني يقف في وجه نظام الاسد النصيري الطائفي...

 

لا زالت العديد من دول المنطقة تتعامل مع لبنان بشكل رسمي عن طريق حكومتها التي لا تملك من أمرها شيئا بينما تتعامل إيران مباشرة مع أنصارها لكي تغير قواعد اللعبة لصالحها وإلى الآن نجحت في ذلك تماما.. فهل ننتظر في لبنان ما جرى في اليمن حتى نتحرك؟!