النووي الصفوي .. وواجب ضحاياه؟
29 رمضان 1436
منذر الأسعد

بطريقة تشبه دراما الإخراج الهوليودي، أُعْلِنَ في العاصمة النمسوية ( فيينا) عن إبرام الاتفاق بين الدول الخمس+ 1 وملالي قم، بشأن البرنامج النووي الإيراني..

 

ولو أراد الغرب إنجاز الاتفاق بصورته الراهنة-المعلن منها- لتم له ذلك منذ زمن بعيد، ولما كان هنالك حاجة إلى تسع سنوات من مسرحية التفاوض المثير للسخرية..لكن لهذا التمطيط المتعمد غايات خبيثة لا تخفى على المراقب الموضوعي، يتصدرها إشغال العرب والمسلمين، عن تغلغل السرطان الصفوي في جسدهم المثخن، حتى تباهى كبار المجرمين بأنهم أصبحوا يسيطرون على أربع عواصم عربية!

 

المسكوت عنه مكشوف
ينبغي لنا عند قراءة الاتفاق قراءة تحليلية متأنية، ألا ننخدع بتهريج الإرهابي نتنياهو، لأن المقطوع به أنه ما من رئيس أمريكي يجرؤ على المساس بالمصالح العدوانية للكيان الصهيوني. فكيف إذا كان الرئيس من مسطرة باراك أوباما؟

 

 

وكيف لعاقل أن يصدِّق هراء الصهاينة عن عداء الملالي لهم،  مع أن مشروعهم التوسعي يتواءم مع المشروع اليهودي،  فهما يتقاسمان النفوذ على حسابنا بلا ريب.. وأمام أي مشكك خريطة السرطان المجوسي الجديد، فليدلَّنا على واقعة يتيمة للتناقض –فضلاً عن الصراع المزعوم- بينهما؟

 

لنتخيل للحظة عابرة أن الطرفين يتصارعان، فالسؤال المنطقي: هل كان الاحتلال الصهيوني ليسكت يوماً واحداً،  عما تفعله إمبراطورية أبي لؤلؤة المجوسي في سوريا؟ وهل كان سيتعامى  عن قطعان القتلة من حزب اللات وهي تذهب  إلى سوريا للمشاركة في نحر الشعب السوري، وتعود بكل طمأنينة؟

 

 

بالطبع، سيتشبث بعض المتعجلين بأحداث استثنائية،  قام العدو فيها بضرب قوافل نصر الله العابرة للحدود.. والحقيقة أن هذه الوقائع تؤكد ما أزعمه، فلقد تدخل العدو عندما شعر بأن عملاءه استغفلوه وأرادوا أن يلعبوا –جزئياً – لحسابهم الذاتي.. ومن بديهيات دنيا المخابرات أن العميل ينفذ تعليمات سادته، الذين يعاقبونه بغلظة إذا "لعب بذيله" بحسب الدارجة لدى أشقائنا المصريين!

 

 

 

سر التوقيت
أدرك الغرب المنافق أن مسرحية المفاوضات استنفدت أغراضها، وباتت عبئاً عليهم لاعتبارات داخلية محض..
يضاف إلى ذلك أن الأخطبوط الصفوي بدأ يعاني في سوريا واليمن من هزائم مخزية، في ظل تبدل إستراتيجي أحدثه الملك سلمان منذ إعلانه عاصفة الحزم، لكبح التمدد الصفوي في اليمن من خلال الأداة الحوثية. كما أن عودة الدفء إلى العلاقات السعودية مع تركيا وقطر، أطلقت صفارة إنذار في عواصم الغرب، التي أقلقها عجز خامنئي عن وأد الثورة السورية بعد أربع سنوات ونصف سنة، كان خلالها طليق اليد عبر صبيّه الأرعن الذي لم يتردد في استخدام البراميل الإجرامية والصواريخ البالستية والكيميائي ضد الشعب الثائر..
لا شك في أن تآمر أمريكا المكشوف على الثورة السورية عرقل انتصارها على الطاغية ومعه مرتزقة طائفيون من كل حدب وصوب..إلا أن ذلك كله لم يوقف الثورة مثلما توقع المجرمون الكبار، الذين منحوا خامنئي وصبيانه كل هذا الوقت ببشاعة غير مسبوقة.

 

 

الرد الواجب
يراهن الأعداء –المعلَنون والمتخفُّون بثياب أصدقاء- على نقاط ضعف في الصف الوحيد المستهدَف من مؤامرتهم الكبرى..

 

 

فلقد أشغلوا تركيا بأوضاعها الداخلية وتعقيداتها الموروثة عن البناء الأتاتوركي القميء.. ومصر في أوضاعها الحالية لا يمكنها أن تكون عضواً فاعلاً، هذا لو افترضنا وجود رغبة لدى السيسي،  مع أن المؤشرات التي تنطلق من القاهرة تنفي تلك الرغبة، ولو لأسباب نفعية .
ومعظم بلاد العرب في حال لا تسر صديقاً، فهم غارقون ما بين طغاة يصطفُّون مع العدو سراً وعلانية، وما بين دول مرتبكة بتآمر الغرب عليها، وأخرى نجح الغرب في إعادة نظمها المستبدة بقناع شعبي زائف..

 

 

من هنا، أتوقع أن السبيل المستقيمة للخروج من هذا النفق،  يتمثل في تأسيس حلف إستراتيجي خليجي/ تركي صريح وعميق، تفرضه المصالح القومية العليا لكل أطرافه-فكيف وهو فريضة شرعية في مثل هذه الظروف العصيبة؟-.

 

 

وإذا تحققت هذه الفريضة، فإن هذه البلدان تستطيع أن تربك الأعداء مجتمعين، وبخاصة إذا انتقلت من ردود الأفعال الدفاعية إلى أفضل وسيلة للدفاع، وهي: الهجوم..
صحيح أن الثمن سيكون باهظاً،  لكنه أدنى ألف مرة من ثمن الانتظار، إزاء مؤامرة ضخمة تستهدف وجودنا لا حدودنا..

 

ألا هل بلَّغْتُ؟ اللهم فاشهد.