25 ذو الحجه 1436

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..
لي أخت أساءت إلي وإلي زوجي وإلي أولادي، شتمتني هي وزوجها وبناتها بأقبح الكلام وابنتها حرمت علي أولادي ولها زوج خبيث يدفعها هي وبناتها إلي شتمنا وسبنا.
حيث كان زوجها يسب والدتنا رحمها الله ويطعننا في شرفنا ولقد سمعناهم أكثر من مرة وكلما سامحناهم زادوا طغيانا، فلما تجاوزوا حدودهم ابتعدت وقاطعتهم لاجتناب المشاكل وخوفاً من تورط زوجي وأبنائي في مشاكل لا نهاية لها خصوصاً لما شتمتني ابنتها أنا وزوجي بكلام أستحيي التلفظ به، وليست أنا فقط، فلي أخت أخرى لا حيلة ولا قوة لها عاملوها بنفس الطريقة بل وصلوا إلي ضربها وكل هذا بسبب زوجها الخبيث الطاغي الذي لا يخاف أحدا، تسمع له وتفعل كل ما يقوله لها.. فبماذا تنصحوني جزاكم الله خيراً ووفقكم إلى الخير.

أجاب عنها:
سميحة محمود

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..
أما بعد.
نرحب بكِ على صفحة الاستشارات بموقع المسلم، وندعو الله سبحانه وتعالي أن يصلح ما بينك وبين أختك، وأن يسترك بستره الجميل، وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه، كما نشكركِ على حسن ظنكِ بموقعنا الكريم، وأسأل الله سبحانه وتعالي التوفيق في الرد على رسالتك.
ابنتي الكريمة.. لقد أطلعت على رسالتك وشعرت بمعاناتك، وأشكرك على الاهتمام بأمر أختك وحرصك علي استمرار التواصل معها، فهذا يدل على إحساسك بأهمية صلة الرحم، وأسأل الله أن يأجرك على هذه النية الطيبة.
ذكرتِ أن المسئول عن كل تلك المشاكل التي تحدث بينك وبين أختك هو زوجها (لها زوج خبيث يدفعها هي وبناتها إلي شتمنا وسبنا- كل هذا بسبب زوجها الخبيث) وأنها مع الأسف (تسمع له و تفعل كل ما يقوله لها). فهي ربما تكون مندفعة لهذه التصرفات السيئة استجابة لطلب زوجها دون إرادة منها، أو ربما قد وصلها أي معلومات عنك أو عن زوجك أو أولادك خاطئة وكاذبة بهدف الوقيعة بينك وبينها، أو ربما قد صدر منك أي قول أو فعل عفوا عنك وتم تفسيره بصورة مغايرة للحقيقة وتم بعد ذلك البناء عليه وتفسير كل أقوالك وأفعالك بطريقة عكس الحقيقة، أو ربما في صغركما كانت هناك مشاعر من الغيرة كما يحدث كثيرا بين الأخوات، ونمت تلك المشاعر وترعرعت لأسباب في نفسها، أو بفعل الشيطان. لهذا أطلب منك البحث في جذور المشكلة ومعرفة أسبابها ومتى بدأت وكيف تطورت حتى صارت بهذه الصورة السيئة، وذلك سعياً لحلها، أو على الأقل التخفيف من حدتها وآثارها قدر الإمكان.
لهذا سأقترح عليك بعض الأفكار لعلك تجدي منها ما يذيب جبال الثلوج التي تراكمت بينك وبين أختك، فاستحضري النية لله تعالي وأعلمي أنك بكل خطوة تفعليها مأجورة عليها، وأن البدء بالمصالحة هو من الخير؛ وخيركما التي تبدأ بالسلام وتعفو عن أختها:
1 – أول ما أنصحك به هو العبادة والصدقة وكثرة الاستغفار، ثم الدعاء.. نعم الدعاء وخاصة في أوقات الإجابة.. أكثري من الدعاء لأختك وأسرتها بالهدى والتقى والعفاف، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
2 – اعلمي أن صلة الرحم واجبة شرعاً، وأختك ممن يتأكد صلتها، ولهذا أرجو منك أن تختاري وقتاً مناسباً تعلمين فيه أنها بمفردها، ثم تقومي بزيارتها، فإن تعذر عليك ذلك حاولي الاتصال بها، وبيني لها أن دافعك لهذا هو إرضاء الله وأداء لحق الرحم، وخوفك من ذنب القطيعة، وبيني لها كيف حث الشرع على صلة الرحم وحذر من القطيعة، واذكرِ لها بعض من الآيات والأحاديث التي تتحدث في هذا. وليكن منها:‏{‏وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ‏}‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ‏}‏ وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ "من كان يؤمن بالله واليوم والآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه" وقوله صلي الله عليه وسلم:" لا يدخل الجنة قاطع رحم".
3 – تحاوري مع أختك بكل هدوء وصراحة وحب، واستفهمي منها عن أسباب بغضها لك وتطاولها عليك، بيني لها أنك ترغبين في دوام التواصل معها؛ وإن كان زوجها لا يريد ذلك فيكفيك فقط مجرد السؤال على فترات متباعدة، أو التهنئة في الأعياد، حتى لا يكتب عليكما القطيعة. بيني لها أنك تحبينها، واحتسبي في ذلك ولا تتعجلي ثمار هذا التواصل، فمن الممكن أن تصدك مرة، أو تهاجمك مرة، أو تتمنع مرة، فقط عليك بالصبر واحذري من الإحباط. تذكَّري قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ليسَ الواصلُ بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قُطعت رحمه وصلها).
4 – إذا أصرت أختك على الهجر والتطاول عليك، فاعلمي أن الإثم يقع عليها، وما عليك إلا الاتصال بها في كل مناسبة وإن أغلقت الهاتف في وجهك فأنتِ مأجورة على فعلك، وتذكري قول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم:"ليس الواصل بالمكافئ، إنما الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها‏".‏
5 – أكثري من الدُّعاءِ بخشوعٍ وضراعةٍ أن يُصلحَ الله ما بينك وبين أختك، وأن يُؤلِّفَ بين قلبيكما.
ابنتي الحبيبة.. الأخلاق والسلوك الحسن هي أرزاق يوزعها الله تعالى على خلقه وقد منّ الله عليك بالاهتمام بصلة الرحم والسعي للتواصل مع أختك، فأنتِ إن شاء الله تعالي مأجورة على كل خطوة تفعلينها حتى وإن باءت بالفشل، يكفيك المحاولة والسعي.
وفي الختام.. أسأل الله لأختك الهداية ولك التوفيق، ونحن في انتظار جديد أخبارك فطمئنينا عليك.