لماذا هذا التقاعس عن نجدة الروهنجيا ؟!
18 شوال 1436
د. عامر الهوشان

أن يكون هناك ضعف إسلامي قاصر عن نجدة وإنقاذ ملايين المضطهدين من المسلمين في شتى بقاع الأرض , وغير قادر على إيقاف آلة القتل والتعذيب والتهجير الممنهج ضدهم فهو أمر بات واضحا وصارخا , وأن يكون هناك تقصير إسلامي عن التخفيف من آلام ومعاناة الاجئين والنازحين من بيوتهم قهرا وقسرا في مخيمات اللجوء في مشارق الأرض ومغاربها , من خلال عدم كفاية المعونات في رفع شيء من مأساة هؤلاء فقد بات أمرا واقعا وملاحظا ...

 

 

 

أما أن تكون هناك غفلة إسلامية شبه تامة عن نجدة إخوة لنا في العقيدة والدين "الروهنجيا" مع تكاثر المحن واجتماع المصائب فهو أمر لم يعد مقبولا بأي حال من الأحوال . نعم ...

 

 

لقد ابتلي مسلمو الروهنجيا في ولاية أركان في ميانمار بمصيبة جديدة لم تكن في الحسبان , انضمت وأضيفت إلى عشرات المصائب والمحن التي يذوقونها منذ سنوات على أيدي البوذيين في بورما , إنها مصيبة الفيضانات الناجمة عن تساقط الأمطار المستمر منذ أسابيع , والتي أدت إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمخيمات التي تأوي عشرات الآلاف من مسلمي الروهنجيا بولاية «أراكان» , ناهيك عن إعصار كومين الذي ضرب غرب البلاد وتضررت منه ولايتي "تشين" و"أراكان" التي تقطنها أقلية الروهنجيا ... لتكمل صورة معاناة هؤلاء المنسيين دون ملاحظة أية بوادر لمحاولة التخفيف من معاناتهم فضلا عن حلها من أساسها وجذرها .

 

 

 

إن الصور التي تنقلها حسابات الناشطينن من الروهنجيا على موقع "تويتر" عن الحالة التي آلت إليها أوضاع ذويهم وبني جلدتهم بعد الفيضانات مروعة وكفيلة باستدرار عطف الإنسانية فضلا عن المسلمين ، ومع استغاثاتهم التي تبدأ بإنقاذهم من الغرق بعد الفيضانات والعواصف "غير المسبوقة" في البلاد , ولا تنتهي بسد احتياجاتهم الطبية والإغاثية ....إلا أن الاستجابة لاستغاثاتهم ما زالت محدودة حتى الآن , رغم عمق الجراح وتكاثر المحن .

 

 

 

وكنموذج عن ندرة المساعدات الإنسانية لسد احتياجات منكوبي الرهنجيا بعد الأضرار التي خلفتها الفيضانات والأعاصير بأشباح البيوت التي لا تكاد تقيهم حرا أو بردا "المخيمات" ...

 

 

يتحدث أحدهم عبر حساب "أخبار بورما وأراكان" على وسم "أنقذوا الروهنجيا من الغرق" بالقول : "تضرر أكثر من 1700 من الفيضانات الأخيرة في أراكان ولا توجد أي مساعدات , بينما عدد المفقودين ارتفع إلى أكثر من 2500 شخص في شرق أراكان فقط . وفي غياب الوجود الإسلامي لمراقبة ما تمنحه المنظمات الدولية للحكومة البورمية من مساعدات لإغاثة المنكوبين والمتضررين من الفيضانات الأخيرة , كان من المتوقع أن تمارس حكومة ميانمار عنصريتها البوذية البغيضة ضد المسلمين ، والتي وصلت إلى حد توجيه سؤال : "هل أنت بوذي؟ قبل إنقاذ أي إنسان هناك !! ناهيك عن تقديم المساعدات التي توصف بكونها "إنسانية" للمتضررين البوذيين فحسب وحرمان الروهنجيا منها , مما يعني أن المساعدات أضحت طائفية وعنصرية لا إنسانية .

 

 

 

إن عشر معشار ما تمارسه الحكومة البوذية البورمية من عنصرية وإرهاب ضد مسلمي الرهنجيا كفيل بإشعال ثورة إعلامية غير مسبوقة وتكالب دولي عسكري ضد الفاعل لو كان حكومة إسلامية أو حتى عربية , بينما نرى التخاذل الدولي والصمت الإعلامي هو المهيمن على قضية معاناة مسلمي الروهنجيا حتى الآن , ما دام الفاعل بوذيا والضحية من المسلمين .

 

 

 

لقد تنوعت أشكال وألوان العنصرية والإرهاب الذي مارسه البوذيون في بورما بمباركة ورعاية حكومية ضد مسلمي الروهنجيا بين القتل حرقا وإغراقا , والاعتداءات التي أدت إلى تعريض حوالي 178 ألف طفل من الروهنجيا للتشوهات العقلية والجسدية , ناهيك عن التهجيرالممنهج من مسقط رأسهم وموطنهم الأصلي "أركان" , والحرمان من الحقوق المدنية التي كان آخرها إجبارهم على استلام البطاقات الخضراء التي تنص على أنهم دخلاء وليسوا مواطنين من ميانمار ....ومع كل هذا الاضطهاد الذي ما زال مستمرا حتى الآن , فإن التحركات لإيقافه أو الحد منه ما تزال ضعيفة و ربما معدومة .

 

 

 

والسؤال الذي يطرح نفسه بعد كل ما سبق : لماذا كل هذا التخاذل عن نجدة وإنقاذ مسلمي الرهنجيا ؟! وإذا كانت الدول الغربية وغير الإسلامية تكتفي بالصمت أو ربما بالتصريحات الدبلوماسية التي لا تنفع بشيء مسلمي الروهنجيا .... فأين هي الدول الإسلامية من نجدة إخوة لهم في العقيدة والدين بل والإنسانية أيضا ؟!

 

 

لقد أصاب كبد الحقيقة من قال في تغريدة له على تويتر : " إن الروهنجيا غرقوا في تخاذل العالم قبل غرقهم في الفيضانات" , بينما عبر آخر عن عظم جريرة وجريمة التقاعس عن نجدتهم بقوله : "بكوا حتى بحت أصواتهم , وصرخوا حتى تفجرت أوداجهم ، رأينا دماءهم ، وشممنا رائحة حريق أجسادهم ، يا ويح من يقدر ويغفل عنهم" . فهل ستلقى هذه الصرخات وتلك الاستغاثات الروهنجية آذانا صاغية من حكومات الدول الإسلامية على الأقل ؟!