الأخطاء السبعة للحوثيين!
24 شوال 1436
طلعت رميح

تنحدر قوة الحوثيين في اليمن وتضمحل تأثيراتهم المستقبلية في المجتمع والحياة السياسية والحكم، فما يجري من انتصارات عسكرية لقوات الشرعية اليمنية والمقاومة الشعبية، ليس عنواناً عسكرياً فحسب، بل هو عنوان سياسي وثقافي ومجتمعي يشكل تغييرا كبيرا في توازنات المجتمع والحكم ستتحكم أبعاده في مشهد اليمن القادم ولسنوات طويلة. الأمر مختلف في هذه الحرب السابعة. ففي الحروب الستة الماضية، كان بإمكان الحوثيين أن يعودوا للحركة العسكرية من نقطة أعلى من تلك التى بدأوا الحرب منها، وأن يتفاعلوا مع الوضع السياسي بقوة أعلى بفعل ما حققوه من نتائج، غير أن الحرب السابعة – التي أشعلها الحوثيون بالانقلاب العسكري والسيطرة على المدن بالقوة – قد تحولت إلى حرب إعادة بناء يمن جديد بتوازنات جديدة مختلفة ليس من ضمنها العوامل التي أعادت إنتاج ستة حروب .

 

 

 

لن يكون اليمن في ذات الوضع الذي كان عليه في زمن المخلوع ، الذي هيأ الأوضاع ومكن للعبة الحرب الداخلية كأداة من أدوات بقائه في الحكم.

في الحرب الراهنة ارتكب الحوثيون سبعة أخطاء استراتيجية فى حق اليمن وفي حق أنفسهم ستؤثر على دورهم فى اليمن الذى يتشكل الآن ، على أساس ضعف الحوثيين ودورهم ليكونوا في خارج معادلة الحكم والتطوير المجتمعي معا خلال المرحلة المقبلة جراء ما فعلوا بالشعب اليمني.

 

 


كان الخطأ الاستراتيجي الأول للحوثيين
:أن اعتمدوا على قوة خارجية-إيران- هي ذاتها في حالة عداء مع محيطها الإقليمي ، بما نقل حالة العداء الاقليمي لإيران إلى مواجهة ضدهم ، فضلا عن أن إيران ليست بقوة قادرة على مساندتهم عسكريا إلى درجة تحقيق أهداف كبرى مثل تلك التى اختطوها من السيطرة على وطن كامل بأهمية اليمن . هم قدموا أنفسهم ورقة مجانية للتجاذبات وتصفية الحسابات دون إدراك لظرف إيران ومدى قوتها وطبيعة المعارك التى تخوضها في الإقليم .لم يدركوا أنهم أصبحوا مجرد ورقة تفاوضية إيرانية لمصالح وأبعاد أكبر من وجودهم ودورهم .

 

 

 


وكان الخطأ الاستراتيجي الثاني
: أن خاضوا حربا عسكرية ضد المجتمع ، فالسمة الأكثر اختلافا في الحرب السابعة عن كل الحروب الستة السابقة، أن دخل الحوثيون في حرب على المجتمع لا على الدولة أو جيش الدولة أو رأس الدولة . لقد وفر الحوثيون كل ما هو مطلوب للقضاء عليهم ، ليس فقط لأنهم لا قبل لهم بحرب عسكرية على مجتمع ، كالمجتمع اليمني وإنما باعتبارهم أقلية .تلك الحالة وفرت بيئة اجتماعية حاضنة للشرعية وللمقاومة ووفرت زخما قويا على الصعد السياسية والعقائدية لمواجهتهم.

 

 

 


وجاء الخطأ الاستراتيجي الثالث
للحوثيين أن تحالفوا مع رأس نظام كانوا هم في حرب سابقة مع جيش كان هو قائده، بما وفر ومنذ اللحظة الأولى حالة عداء شعبي واسعة ضدهم ، إذ تحالفوا معه بعد أن ثار الشعب عليه وخلعه .هذا الأمر كان فعلا انتهازيا شنيعا، وخطورته أن تجيشت قوى الثورة ضدهم منذ اللحظة الأولى ، إذ الذين خاضوا معركة خلع صالح لم يكونوا أقلية وهم كانوا للتو فى لحظة نجاح كبير بما وفر طاقة وزخم لمواجهة الحوثيين .هم مارسوا انقلابا على ثورة وانحازوا لمن خلعته الثورة ، فأصبحوا مجرد إضافة ذيلية لحكم مخلوع .

 

 


أما الخطأ الاستراتيجي الرابع:
فكان أن تحولوا إلى حالة عسكرة شاملة طاغية على عقولهم، لا تعرف إلا لغة السلاح ، فاندفعوا إلى حالة الانقلاب المسلح على الشرعية والدولة والمجتمع المدني، بما أعاد الناس إلى حالة سياسية ومجتمعية، لم تعد مقبولة من الفئات الوسطى فى المجتمع بعد الثورة. وإذ يعرف الناس مدى طائفية الحوثيين فقد وفر الانقلابيون للمدافعين عن الشرعية مساحة هائلة للحركة ضدهم وسط قطاعات مجتمعية واسعة .


وكان الخطأ الاستراتيجي الخامس
أن تصوروا إمكانية وصول طائفة أقلية إلى درجة الحكم والسيطرة على بلد مثل اليمن وفى هذا الظرف التاريخى، إذ ينهض السنة فى مواجهة الجرائم الطائفية الإيرانية .

 

 


وكان الخطأ الاستراتيجي السادس
أن تصور الحوثيون إمكانية معاندة الجغرافيا والهوية والتاريخ في هذه المرحلة من مراحل الصراع الإقليمي، فلم يدركوا مدى التطورات في عوامل قوة دول الخليج الصاعدة في تأثيراتها في الإقليم في السنوات الأخيرة.


وكان السابع
أن لم يقرؤوا متغيرات الوضع الدولي بدقة، فكان أن صدر قرار مجلس الأمن ليشكل غطاء للمواجهة ضدهم ..إلخ.

 

 

وأخيرا، فالقادم سواء بني على أساس الحسم العسكري لمصلحة الشرعية والمقاومة والتحالف، أو على أساس تسوية سياسية يجد الحوثيون أنفسهم في موضع إذعان لشروطها، فقد ضعف دور الحوثيين في المجتمع والحكم والسياسة اليمنية لعقود قادمة.

 

 

المصدر/ الشرق