20 ذو الحجه 1437

السؤال

هل يعتبر الخلع نافذاً إذا قامت به امرأة عن طريق دفع رشوة لقاض، وبدون علم الزوج؟ فقد قامت امرأة بهذا الفعل، وحصلتْ على ورقة خلع مزور وعليها اعتماد القاضي موقعاً بخط يده؛ وذلك لحاجتها لها لتقديمها إلى سلطات الهجرة في إحدى الدول الأوربية، لأنها لا تستطيع الحصول على تأشيرة دخول لهذه الدولة بسبب مرض زوجها، والسلطات لن تمنحها تأشيرة الدخول بدون ورقة رسمية تثبت طلاقها أو انفصالها عن زوجها. فالمرأة ليست لها نية الطلاق أو الانفصال، وإنما فعلت ذلك للضرورة القصوى وحاجتها للتأشيرة.
وكذلك فإن المرأة لم تحضر أمام القاضي، وإنما تم ذلك بدفع بعض المال. ولم يطلع الزوج على أي شيء مما حصل.
فالسؤال: هل زواج المرأة ما زال صالحاً، مع أن الورقة قد صدرت من المحكمة بحسب ما ذكر أعلاه (بالرشوة) والزوج لم يعلم بكل ما حصل؟

أجاب عنها:
سليمان الأصقه

الجواب

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فزواج المرأة المذكورة في السؤال ما زال على حاله، ولا يقع عليه هذا الخلع؛ لأنه خلع باطل من أوجه:
أولاً: أنه لم يقع من الزوج، ومن شروط الخلع وقوعه من زوج يصح طلاقه.
ثانياً: أن فسخ الحاكم للنكاح بدون رضا الزوج أو حضوره لا يكون إلا في أحوال مخصوصة، كالشقاق بين الزوجين أو إيلاء الزوج أو غيبته ونحو ذلك، وليس شيء من ذلك حاصلاً فيما ذكر في السؤال.
ثالثاً: أنه مبني على الرشوة وهي محرمة وملعون صاحبها وباطلة، وما بني على باطل فهو باطل.
رابعاً: أن العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، وهذا الخلع صوري لا تقصد حقيقته، فلا عبرة به، وقد نص جمع من الفقهاء أن الخلع إذا وقع حيلة لا يقع، وذلك عندما يريد به الخروج من الطلاق المعلق. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "خلع الحيلة لا يصح على الأصح، كما لا يصح نكاح المحلل؛ لأنه ليس المقصود منه الفرقة وإنما يقصد به بقاء المرأة مع زوجها كما في نكاح المحلل والعقد لا يقصد به نقيض مقصوده" أهـ [الإنصاف (22/124)]. وما ذكر في السؤال شبيه بذلك.
هذا كله على ظاهر ما جاء في سؤال السائلة، وعلى أن القاضي مسلم يحكم بشريعة الله تعالى، فإن كان القاضي خلاف ذلك فالحكم كما سبق من باب أولى.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.