16 ربيع الأول 1437

السؤال

لاحظت على زوجتي أثناء التسوق أنها تقوم بإخفاء بعض المنتجات بملابسها، وأحيانًا تغش بميزان بعض المشتروات مثل الفاكهة وخلافه.. وعندما واجهتها قالت إنها لن تكرر ذلك فوثقت فيها وخصوصا أنها مثقفة.. ولكن الأمر تكرر مرة أخرى وتكلمت معها وقالت لن يتكرر! ولكن للأسف تكرر الأمر مجددا..!
فلا أدرى ماذا أفعل؟! خصوصا أن الشك يراودني بأن ما يأكله أطفالنا كان حراما.. وذلك بعلمها فقط وأنا لا أعلم.. أرجو الرد والنصيحة؟!

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

مرحبا بك أخي في موقع المسلم، وفقك الله وأصلح لك شأنك كله!
مشكلتك تتمثل في اكتشافك تلبُّس زوجتك بإخفاء بعض المشتروات (دون دفع ثمنها)، وغشها في ميزان بعض ما تشتريه. ولك منها أطفال.. وتخشى عاقبة أكلهم من الحرام الذي تدخله عليهم بهذه التصرفات المنكرة! كما أنك واجهتها وأقرت بذلك ووعدت بعدم الرجوع فيه.. لكنه تكرر منها!
أخي الكريم..
أعانك الله في هذه المحنة المؤسفة، وألهمك رشدك في تحري الصواب بشأن علاقتك بزوجتك وبيتك وصغارك!
وإن ما ذكرته لأمر مشين وخلق ذميم لا يصح بحال التهوين من شأنه أو اعتباره مجرد سلوك منحرف أو عادات وطباع راسخة؛ بل هو منكر محرم وضرره يتعدى السلوك الآثم إلى إطعام أبرياء من الحرام ومحق البركة من بيت عامر!
لكن هدم هذا البيت – كذلك – أمر عظيم يفضي إلى الشتات والإضرار الشديد بهؤلاء الصغار؛ فضلا عن والديهما!
وهنا أخي أذكر لك حديثا نبويا كريما يشير إلى تحري الحكمة في التعامل مع بعض ما يعتري الحياة الزوجية ويكدرها، وهو ما جاء عن لقيط بن صبِرة رضي الله عنهما أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن لي امرأة، فذكر من طول لسانها وبذائها، فقال صلى الله عليه وسلم: "طلقها"، قال: يا رسول الله، إنها ذات صحبة وولد، قال: "فأمسكها وأمُرها، فإن يك فيها خير فستفعل.." الحديث (رواه أحمد وأبوداود).
فهذا التعامل النبوي الحكيم مع المشكلة يشير إلى إمكانية وضع المرء أمام أكثر من خيار في الأحوال الشائكة والمحيرة بحسب وضعه الخاص وما يناسبه؛ ليختار أرجح المصلحتين المتعارضتين.. أو أخف الضررين.
كما يفيد الحديث بأن وقوع بعض المحرمات من زوجتك لا يعني بالضرورة حتمية مفارقتها؛ لأن ضرر ذلك قد يكون أكبر من ضرر ما وقعت فيه!
ومن هنا أرى أخي أن تتعامل مع المشكلة بخطوات مرتبة كما يلي:
أولا: اللجوء إلى الله تعالى والإلحاح في دعائه ليلا ونهارا، أن يصلح لك زوجك وبيتك وذريتك، ويرزقك الهدى والسداد في هذه المشكلة. فهذه خطوة أولى ومستمرة!
ثانيا: الوقوف مع زوجتك وقفة حازمة تشعرها فيها بخطورة ما تقترفه على نفسها بين يدي ربها، وعلى بيتها وأولادها أن تطعمهم من حرام، فضلا عن خزي الدنيا لو افتضح ما تفعله يوما على الملأ! وأنك لا ولن ترضى بحدوث ذلك مرة أخرى، وإلا فسيكون مكانها هو بيت أهلها. ولا تندفع أخي بذكر كلمة الطلاق.. أو شتمها وإهانتها، ولكن تعامل معها بحزم وشدة في الحق بعبارات محددة كما ذكرتها لك.
ثالثا: فإن وقعت هذه التصرفات منها مرة أخرى فأوصلها إلى بيت أهلها دون أن تخبرهم بهذا الأمر، ولكن أخبرهم أنها لا تطيعك، وأعلمها أن هذا سيكون موقفك دون تصريح بالأمر، وأن رجوعها لبيتها لن يكون إلا بعد أن تقف هي مع نفسها وتتأكد من مفارقتها لهذه التصرفات المنكرة.
رابعا: فإن بقيت عند أهلها مدة من الزمن ثم ظهر منها التأثر والرغبة في الرجوع لبيتها في استقامة وتوبة؛ فاستعن بالله وابدأ معها صفحة جديدة، ولا تعيّرها يوما بما فات.
وإني لأرجو لك بعون الله التوفيق مع هذه الخطوات، واتباع سبيل الحزم مع الحكمة والتوازن؛ من أجل بيتك وصغارك والميثاق الغليظ الذي يربطك بزوجتك.
فاستعن بالله ولا تعجز.. وألح إليه في الدعاء؛ يجعل لك من أمرك يسرا.
أصلح الله لك زوجك وبيتك وذريتك.