لماذا ألغى العريفي زيارته إلى المغرب؟!!
1 محرم 1437
منذر الأسعد

ثمة خيط رفيع –لكنه شديد الوضوح في الوقت نفسه- بين التواضع والخنوع، وخيط مماثل بين الكبر والعزة!! فما الذي يدعو بعض الإسلاميين اليوم إلى مناقشة السفه التغريبي على استحياء، بلغة مائعة تثير الاضطراب وترسخ الوهن؟

 

 

 

 

لا مساومة على الأصول والمبادئ
هذا التذكير ضروري هنا لئلا يساء فهم مقالي منذ البداية، عن حسن نية أو سوء طوية.

 

 

فالمؤمن يستشعر عزة إيمانه دائماً،  وخاصة في مواقف الحسم والتمحيص، حيث يستحيل التخفي وراء اللون الرمادي فإما بياض ناصع وإما سواد قاتم..هناك في قضايا المبادئ لا مجال للمساومات ولا للكلام المراوغ ذي الوجوه والأقنعة، بحيث يقرؤه كل راغب بحسب ما يشتهي!

 

 

 

تروى طرفة لا أدري مدى صحتها، أن أحدهم سأل ابن الجوزي رحمه الله وهو على المنبر والمسجد ممتلئ، مَن الأفضل والأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: أبو بكر أم علي رضي الله عنهما؟ .. وكانت الهيمنة يومئذ للرافضة، فقال الإمام: الذي كانت بنته تحته، ونزل عن المنبر هرباً من التفصيل!!

 

 

 

فالجواب أرضى أهل السنة لأنهم يعلمون أن عائشة أم المؤمنين هي بنت الصديق زوجة النبي الكريم، وابتهج الرافضة بالجواب لأنهم حملوا الجملة على وجهها الآخر: ففاطمة بنت سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام كانت تحت علي –أي: زوجته-!!
ولو صحت الأقصوصة، فإنها ليست مما أعنيه هنا، لأنها وقعت لمضطر اختار الرخصة خوفاً من القتل، وفي حال كهذه تختلف الاجتهادات بين أخذ العالِم المتبوع بالرخصة وانتهاج العزيمة.

 

 

 

 

الرضوخ لمفاهيم القوم  ومعاييرهم
شتان بين الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة كما أمرنا ربنا سبحانه، وبين التسليم بمفاهيم الضالين وانتحال المبطلين وشقشقات المنافقين.

 

 

إن المنطق الاعتذاري المنطلق من الدونية والشعور بالهزيمة،  يتناقض مع اعتقادنا الجازم بأن ديننا هو الحق وأن ما خالفه ليس سوى باطل. لقد ولى زمن الرضوخ لدجل الغرب وتيهه في قضايا تعدد الزوجات والحجاب وغيرها من المسائل..
لقد آلمني واستفزني ما رصدته من ردود فعل لدى بعض الإسلاميين،  على فجور التغريبيين في بلدانهم، الذين هاجوا وماجوا وتضاعف سعارهم ونباحهم،  غضباً من استضافة داعية لا يعحبهم، أو احتجاجاً على محاضرة يلقيها شيخ يفحمهم وينسف أباطيلهم.
حدث هذا مؤخراً في المغرب وسبقه مشهد مماثل في الأردن.

 

فقد دعت حركة التوحيد والإصلاح الإسلامية بالمغرب،  الدكتور محمد العريفي الداعية السعودي المعروف،  إلى إلقاء محاضرة في العاصمة الرباط نهاية الشهر الجاري،  تحت عنوان "دور القرآن في بناء الإنسان".

 

 

 

وكتب عبد الكريم القمش،  وهو ناشط علماني: "لست أتفق مع الأصدقاء الذين طالبوا بمنع هذا الداعشي من الدخول إلى المغرب وإلقاء محاضرة،  بل أقترح بدلا عن ذلك أن نقوم نحن معشر العلمانيين بإنزال عددي كثيف في قاعة المهدي بن بنبركة في اليوم المعلوم بشكل سلمي وقصف المنصة بتدخلاتنا وترك الإعلام يسجل والفضيحة تعم أيقونات الجهل المقدس. ما رأيكم أنا سأكون أول الذاهبين وقد قررت أن أفعلها حتى لو لم يعجبكم اقتراحي فمن يذهب معي؟"

 

 

 

كما كتبت سارة سوجار،  وهي عضو في حزب يساري:" أظن انه واجب وطني أن تستنكر كل القوى السياسية والمدنية والثقافية استضافة حركة التوحيد والإصلاح لشيخ أقل مايمكن أن يقال من جرائمه هو تحريضه على ممارسة العنف. والأكثر من ذلك يستضيفونه في قاعة اسمها له رمزية تاريخية في النضال من أجل السلام و الديمقراطية،  كما يتزامن تاريخ هذه الندوة ذكرى اختطاف المهدي بنبركة".

 

 

 

 

 

السكوت في وقت البيان بيان
الخطأ الفادح في ردة فعلنا أحيانا على مثل ذلك الرفض يكمن في تسليمنا ضمنياً بوجاهة بعض أكاذيب الأبواق التغريبية الوقحة بطبيعتها.
فالتغريبي العميل يرى أن كل من يؤمن بالإسلام كما جاء في الكتاب والسنة عبارة عن داعشي، تبعاً لسادته الغربيين، الذين يعتبرون المسلمين كافة دواعش!!
وكم استضاف عبيد الغرب في المغرب رموزاً للكفر والفجور، واحتفوا بهم أيما احتفاء.. إن من واجب الدعاة تذكير هؤلاء المنافقين بسجلهم الأسود..أما مخاطبتهم بأسلوب نكاد نتهم فيه إخوتنا ومشايخنا بما ليس فيهم   -بل بنقيض ما فيهم- فلن يفهمه التغريبيون إلا على أنه خنوع سوف يبنون عليه في ما بعد لفرض مزيد من القبول بضلالاتهم وسفههم.