ماذا تبقى من مؤتمري الرياض وفيينا؟!
20 ربيع الأول 1437
دـ أحمد موفق زيدان

 

ما كشفه الصحافي الأميركي سيمور هيرش أخيراً في تحقيقة جيوش لجيوش بمجلة" لندن ريفيو أوف بوك" هو الذي لمسه ويلمسه الشارع الشامي على مدى سنوات، فهيرش كشف عن أن الجيش الأميركي ما هو إلا مؤسسة مارقة بكل معنى الكلمة تخدع وتكذب وتضلل الرئيس الأميركي باراك أوباما وتتواصل بشكل مباشر مع الجيش الروسي والألماني والإسرائيلي  لتثبيت نظام القتلة في دمشق، وتبحث أيضاً عن ضباط مناوئين لأردوغان للتواصل معهم فيما يتعلق بالشأن السوري، وبالتالي فإن المؤسسة العسكرية المارقة هذه لا يهمها كل ما يجري من علانية في الشام وغيرها.

 

الأعجب من ذلك أن الإدارة الأميركية لم تعلق على كل هذه التصريحات فلم تنفها، وبالتالي الأمر الذي يستدعي تصديقها، كما لم يأمر الرئيس بتشكيل لجنة للتحقيق في هذه القضايا التي تقدمه رئيس طرطور أمام مؤسسته العسكرية، وتفضح تماماً كذبة الديمقراطية الأميركية..

 

تذكرت حينها ما دونه الرئيس الباكستاني الأسبق أيوب خان في مذكراته المهمة حين قال إنه خلال أزمة انفصال بنغلاديش كانت برقيات وزارة الخارجية الأميركية تحض العالم العربي والإسلامي على دعم ومساندة الموقف الباكستاني، ولكن بالمقابل كانت برقيات المخابرات المركزية الأميركية لمسؤولي محطات الجهاز في العالم العربي والإسلامي على الضد تماما ً إذ كانت تحذرهم من تصديق تلك البرقيات السياسية وأن الموقف هو عدم دعم باكستان عملياً في تمزيق وحدتها، ولا بد لهذه الرسالة أن تصل إلى زعماء تلك الدول وهو ما فعله قادة تلك المحطات بحسب قوله ...

 

ما يجري على الأرض الشامية يتنافى تماماً مع ما تعلنه كل من روسيا وأميركا عن رغبتهما في حل سياسي، فساعة يستدعي بوتين بشار ويظهر  بأجواء تشغلنا كعرب ومسلمين عن جوهر القضية المتفق عليها فيما بينهما، إذ أن الاحتلال الإيراني والروسي مستمر، ونحن مهمومون بتصنيف الجماعات إلى إرهابية وغير إرهابية، بينما الأرض تتآكل في الشمال والجنوب، لنستفيق لا سمح الله على الافتقار إلى ما سنتفاوض عليه، وما تعجز عنه روسيا وأميركا تتكفل به المعارضة الملغومة التي دفعت بها روسيا وإيران إلى مؤتمر الرياض فنرى لؤي حسين الوجه الآخر للنظام يقوم  بالتنديد بتعزية منسق لجنة التفاوض الدكتور رياض حجاب باستشهاد الشهيد زهران علوش وهو الذي قُتل بطائرة الاحتلال الروسي  على الرغم من أن الشهيد هو شريك حقيقي في مؤتمر الرياض والعملية السياسية، والأنكى من ذلك أن حسين يرفض تسمية الاحتلال الروسي بالاحتلال ؟!! ...

 

لم يتبق شيء من مؤتمر الرياض ولا من مؤتمر فيينا، وحرص المملكة والدول الشقيقة على الشعب السوري يقابله صلف وعجرفة وإجرام روسي وإيراني لا مثيل له، فهم يسعون إلى فرض جغرافيا تضغط على الدول الشقيقة وما نراه من فرض غلاة الأكراد على حدود تركيا، وتعزيز الاحتلال الروسي والإيراني على حدودها أيضاً ينبئ بأيام خطيرة على تركيا، التي لم يعد لها ترف وقت للانتظار، وستدفع لا سمح الله أثماناً باهظة في تأخرها باتخاذ قرار شجاع وجريء كما فعلت المملكة في اليمن ..

 

على المعارضة السورية وأشرافها أن يقفوا موقفاً تاريخياً وعلنياً يسقط كل أنواع التفاوض ما لم يتم وقف العدوان والاحتلال الأجنبي لسورية، وما لم يقر المجتمع الدولي بهذا الاحتلال وإلا فإن التاريخ والأجيال ستحاسبهم حساباً عسيراً...

 

أخيراً لعل الإشارة الأخطر في تحقيق هيرش المطول والذي يصل إلى عشرة آلاف كلمة هو أن الجيش الأميركي يخشى من فوضى ما بعد سقوط أسد وبأن تحكم الجماعات الجهادية، إذن فإن الحل عملياً بالنسبة لها استمرار الإبادة الشامية..