29 شعبان 1437

السؤال

عمري 28 سنة ولم أكمل تعليمي.. وليس عندي موقف من التجنيد فلم أتقدم إليه أصلا.. عندي قطعة أرض صالحة للبناء وسيولة كافية.. وترغب والدتي أن أخطب وأتزوج بالسيولة المتوفرة ثم أتفق مع الزوجة على بيع الذهب لعمل مشروع، أو أن أبني الأرض، ومن جهتي أرغب في فتح مشروع.. لكن بالنسبة للزواج يحتاج أن أفكر مليون مرة لأجد فتاة ترضى بي من جهة مستوى تعليمي وعملي (حيث أعمل في سوبر ماركت) فلا أريد أن أظلم بنات الناس معي؛ وكذلك لو سنأخذ باقتراح أمي كيف أجد من تقبل وتتحمل معي حتى ينجح المشروع!
فما رأيكم؟! أتمنى أن أجد راحة قلبي والخيار الصحيح على أيديكم؟!

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

مرحبا بك أخي في موقع المسلم، وفقك الله وأعانك وأصلح لك شأنك كله..
مشكلتك تتمثل في:
الحيرة بين عدة خيارات للزواج والتخطيط لمستقبلك؛ حيث تمتلك قطعة أرض ومبلغا ماليا، وترى والدتك أن تتزوج بهذه السيولة المالية المتوفرة وتتفق مع الزوجة على بيع الذهب (الذي ستهديه لها عند الزواج) لعمل مشروع، أو بناء الأرض!
وأنت توافق الأم في فكرة المشروع.. لكنك تتردد في تعجيل الزواج لئلا تشق على الزوجة الجديدة بهذه البداية الشاقة (التي تقترحها والدتك).. بالتوازي مع مستوى تعليمك الذي تعتبر قبوله تضحية أخرى!
أخي الكريم..
أحييك وأُكبر فيك هذه الأخلاق الرفيعة، والحرص على الصدق والتيسير في بناء مستقبلك وحياتك الزوجية المقبلة، ولعلي أتفق معك نوعا ما في هذه النظرة العامة؛ لكني أدعوك كذلك إلى أن تهوّن الأمر؛ فليس بهذه الصعوبة التي تتصورها!
فأنت أخي تمتلك – بفضل الله – العديد من الأسباب التي يفتقدها كثير من الشباب الراغبين في العفاف والزواج؛ فلديك قطعة الأرض والسيولة المالية، وهما نواة لبداية معقولة لمستقبلك، بارك الله لك فيهما.. ووفقك إلى حسن الاستفادة منهما.
كما أدعوك من جهة أخرى إلى أن تهوّن على نفسك بشأن مسألة المستوى التعليمي والعملي؛ فلا شك أن من بين الفتيات من تناسبك بمستوى مقارب، بعد التحقق من الأهم وهو "الخلق والدين"!
فالذي أرجحه - أخي الفاضل - أن تبادر إلى الزواج بما يتوفر معك من مال، والمحافظة على قطعة الأرض حتى حين؛ فبقاؤها خير لك بإذن الله.
وضعْ نصب عينيك عند الاختيار وصية رسول الهدى صلى الله عليه وسلم "فاظفر بذات الدين"، إضافة إلى المواصفات المناسبة والمتقاربة معك في التعليم والوضع العائلي، وسائر المواصفات التي من شأنها التوافق بينكما في حياتكما الزوجية.
فإذا تمت الخطبة بحمد الله؛ فلا تفاتح زوجة المستقبل أو أهلها بفكرة بيع ذهبها لعمل مشروع؛ فليس هذا بالمناسب على الإطلاق في هذه المرحلة، ولا حتى المواجهة به بعد إتمام الزواج، فالأصل أن هذا الذهب هديتها، ولا يسوغ أن تمنحه لها وفي نيتك استرجاعه بسيف الحياء!
ولكن استمر في عملك وناقش معها تخطيطكما للمستقبل، وأنك تتمنى فتح مشروع مستقل يغنيك عن العمل لدى آخرين.. ويكون فيه سعة لكما ولمستقبلكما وأولادكما بعون الله تعالى، وأن ذلك يحتاج لترتيب الدخل واستقطاع ادخار أو عمل جمعية مناسبة لتحقيق هذا الحلم؛ فإن آنست منها قبولا وتجاوبا (وهذا المتوقع) سيقودكم التخطيط المشترك إلى ما هو خير لكما؛ سواء بادرت بعرض الذهب عليك من تلقاء نفسها دون أي تلميح منك (وعلى أن تردّه لها بعد تيسر الأحوال واتساعها) أو ساعدتك بحسن التدبير والادخار.
فإذا تيسر الأمر بطريقة أو أخرى مما سبق.. امض بحكمة في خطواتك؛ فإن تيسر البناء على الأرض والبدء بإقامة مشروعك عليها، ومن ثم استكمال البناء من عوائد المشروع؛ فهذا جيد وحسن. وإن تعذر ذلك فابدأ مشروعك حسب ما يتيسر لك ثم يكون البناء لاحقا بإذن الله.
وأبشر أخي بعون الله لك بعد الزواج؛ مصداقا لقول الله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم}[النور:32]. وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف" (رواه الترمذي والبيهقي وأحمد وحسنه الألباني).
أسأل الله أن يصلح لك شأنك كله؛ زواجك ومالك ومستقبلك، ويبارك لك.