7 رجب 1437

السؤال

كنت منذ الصغر نشيطا ومن التلاميذ النجباء، وكنت دائم الحركة ولا أمل لي من شيء، وكنت أيضا أعمل بجهد عندما أجد فرصة للعمل في أيّام العطل والصيف... الآن عمري 25 سنة، منذ 6 أو 7 سنين انقلبت حياتي رأسا على عقب، رسبت 3 سنوات متتالية في الباكالوريا، في صلاتي أصبحت بلا خشوع ولا إيمان حتّى تركتها، وعندما أعود إلى الصلاة فلا أستمرّ وأتركها بعد فترة، أصبحت لا أرغب لا في عمل ولا دراسة ولا أفكّر في الزواج، أدمنت العادة السرّية، أدمنت التدخين، شربت الكحول مع أصحاب السوء حتّى انتهى بي الحال أمام القضاة والمحاكم، أصابني الخمول والبخل وكثرة التفكير، اسودّ وجهي من الذنوب والمعاصي وأصبحت شفتاي زرقاوين من التدخين.. السنة الماضية، قال لي شخص عرفته بالصدفة إنّي مسحور، لم أصدّقه واستعذت بالله من الشيطان.. ولكن عندما أخبرني عن الفاعل وقال لي إنّك مسحور منذ 6 سنوات، راودني الشكّ في أن يكون كلامه صحيحا لأنّ الشخص الذي ذكره معروف في منطقتنا أنّه ساحر، علما أنّه لا يعرفه.. وهناك قرابة بيني وبين (الساحر) فأنا صديق ابنه منذ الصغر.. وأراد ابنه الآخر أن يتزوّج أختي لكنّها رفضته.. الآن تبت عن شرب الخمر ولم أضع قطرة في فمي منذ عامين، لكنّي مازلت مدمنا على العادة السرّية، أنام كلّ ليلة على نجاسة، وأصابني الخمول ولم أعد أرغب في فعل أيّ شيء سوى الجلوس أمام الحاسوب لفترات طويلة.. وباءت كلّ الفرص لطلب الشغل والانخراط في السلك الأمني وغيرها بالفشل.. فقدت الأمل، وضعفت شخصيّتي ولم أعد اجتماعيّا كما كنت سابقا.. أصبحت أتجنّب الكلام مع الغير، أغضب لأتفه الأسباب وأرفع صوتي على أمّي وأبي.. لم أعد أعلم ما أفعل.. خائف من الموت، خائف من لقاء الله.. شكرا لقراءة مشكلتي، وأرجو أن تأخذوا كلامي بعين الاعتبار .. والسلام عليكم...

أجاب عنها:
د. أحمد فخري

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا بالأخ الفاضل
أخي الفاضل من أهمّ الأشياء التي تبشّر بالخير هو صحوة الضمير والعودة إلى الحقّ سبحانه وتعالى. أخي الفاضل من الواضح أنّك إنسان ذو ضمير حيّ، تكوينك النفسي أقرب إلى الاعتدال لا يرغب في الاعوجاج وعدم السواء النفسي والدليل هو رغبتك في العودة إلى الطريق المستقيم وإرسالك إلينا طلب المساعدة وهذا ما نطلق عليه في العلاج النفسي الدافعيّة للعلاج وهي من أهمّ الخطوات الأولى التي تبنى عليها الخطّة العلاجيّة وهى رغبة العميل في التغيير وتعديل مسار حياته وسلوكه ورفضه للسلوكيّات الخاطئة واعترافه بالسلوك السلبي ورفضه له، أخي الكريم من الواضح أنّه أصابك نوع من الاكتئاب منذ ثلاث سنوات أو أكثر وقمت بعلاجه من خلال الكحوليّات والتدخين والسهر واللهو، وهذا ما تسبّب في فقدانك الهدف في حياتك وغياب النظرة الإيجابيّة للمستقبل وتعثّرك في دراستك وانخفاض أدائك الدراسي وفي العمل واضطراب علاقاتك بأسرتك وتدنّي اهتمامك بنفسك وبطموحاتك وتملّكت منك الأفكار السلبيّة وأصابك الهمّ والغمّ،ولكن نحمد الله سبحانه وتعالى على عودتك لطلب المساعدة ورغبتك في التغيير.. وأوّل خطوة اتّخذتها في طريق العلاج الصحيح هو امتناعك عن الشرب منذ سنتين وهذه خطوة مهمّة جدّا، وبناء عليها بدأت في استعادة رغبتك في تصحيح مسار حياتك، ودائما نتّبع في علاج مثل حالتك بعض الخطوات العلاجيّة المهمّة ومنها ما يلي:
-أوّلا عليك بالابتعاد كلّ البعد عن أصدقاء تلك الفترة نهائيّا وعبّر لهم عن ذلك بقوّة وابتعد عن الأماكن التي يتواجدون فيها.
-حدّد في ورقة الأشياء السلبيّة في حياتك التي تريد تغيّرها وضع خطّة زمنيّة للتخلّص منها وحدّد العقبات التي قد تقف أمامك في تنفيذ خطّتك وما هي الأساليب التي تتغلّب بها عليها.
-اهتمّ بالأساليب الغذائيّة الصحّية في تلك الفترة، تناول معلقة عسل نحل على الريق يوميّا اهتمّ بالعصائر الطبيعيّة وشرب المياه النقيّة بصفة منتظمة لغسل جسدك من السموم
-مارس نشاطا رياضيّا محبّبا إليك بشكل منتظم ولتكن رياضة المشي نصف ساعة يوميّا حتّى تستعيد لياقتك وتحافظ على حالتك المزاجيّة بشكل منتظم.
-ضع جدولا لنشاطك اليومي بحيث لا يكون لديك وقت فراغ نهائيّا وكافئ نفسك عندما تنجز المهامّ الموضوعة وكن مرنا في تعاملك مع نفسك دون تسويف للأهداف.
-ابحث عن تعلّم أشياء جديدة لغة ثانية، مهارة من المهارات التي ترفع بها من بنائك الشخصي.
-استرجع علاقاتك الاجتماعيّة بالأصدقاء القدامى الصالحين واطلب لقاءهم ولا تتحدّث معهم عن الماضي بل ركّز على الحاضر.
-حسّن علاقاتك بوالديك وابحث عن رضاهما من خلال قضاء حوائجهما وطلباتهما واستقطع من وقتك جزءا للجلوس معهما وتناول الطعام معهما والحديث معهما وطلب دعائهما.
-ابتعد عن الجلوس بمفردك بقدر المستطاع ولا تسترجع الماضي وتشعر نفسك بالذنب بل ركّز على الحاضر والمستقبل
-ابتعد عن الافكار السلبيّة وفكّر دائما بشكل إيجابي
-اكتب مشاعرك التي تطاردك وتضغط عليك في ورقة كلّما تشعر بها، ثمّ قم في النهاية بتمزيق الورقة.
- لا تتردّد على الأماكن التي تذكّرك بخبرتك الماضية ولا تتقابل مع الأشخاص السيّئين بشكل نهائي.
-الجانب الروحي من صلاة وكثرة الدعاء والاستغفار وصلاة الجماعة ومجالسة الصالحين سوف تشعرك بالراحة والسكينة والهدوء النفسي.
الأخ الفاضل كن على ثقة ويقين أنّ الله يقبل التوبة الصادقة ويغفر الذنوب لمن يشاء، اطلب من الله أن يغفر لك ويتقبّل منك واجتهد في الواجبات والأساليب السلوكيّة وتفاءل خيرا تجده بإذن الله تعالى.. وفي انتظار تواصلك معنا باستمرار لك منّي خالص الدعاء وتمنّياتي لك بالصلاح والصحّة والسعادة والعافية.