أسباب الخلاف التركي ـ الأمريكي
27 جمادى الثانية 1437
خالد مصطفى

رغم الزيارة الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لواشنطن ولقائه بالرئيس باراك أوباما إلا أن هناك خلافات حادة بين الطرفين تشمل عدة ملفات وهو ما ظهر من خلال تصريحات أدلى بها مسؤولو البلدين في الفترة الأخيرة...

 

فمن جانبه شن الرئيس التركي رجب أردوغان هجوما عنيفا على الولايات المتحدة بسبب دعمها لقوات الاتحاد الديمقراطي الكردية التي أعلنت عن منطقة فدرالية وحكم ذاتي على الحدود التركية بسبب ارتباط هذه القوات بحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا وواشنطن نفسها منظمة "إرهابية" وهو ما اثار غضب أنقرة لهذه الازدواجية الأمريكية في المعايير والتي تمثل خطرا على أمن تركيا التي تعد عضوا في حلف شمال الأطلسي مع أمريكا والمفترض أن أي خطر يهددها يهدد جميع دول الحلف ولكن السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط مؤخرا أصبحت تثير الكثير من الجدل والتساؤلات خصوصا موقفها من طهران والذي أشعل الغضب في دول الخليج...

 

تركيا أيضا ترى أن موقف واشنطن من نظام الأسد يفتقد للحسم وأنها لم تقدم الدعم المطلوب للثوار حتى من وصفتها هي "بالمعتدلين" ولم تتخذ مواقف رادعة تجاه قوات الأسد والمليشيات الموالية لها رغم المجازر التي ارتكبوها والتي وثقتها منظمات ووسائل إعلام غربية, كما رأت تركيا أنه لا حل للأزمة السورية طالما بقي يشار الأسد في سدة الحكم وهو ما بدأت واشنطن تدريجيا تبتعد عنه بحجة التوحد في مواجهة خطر تنظيم داعش...

 

من جهتها ترى أمريكا ان تركيا لم تقدم المطلوب منها في مواجهة تنظيم داعش وان موقف تركيا تجاه الحرب ضد هذا التنظيم غير مرضية بالنسبة لها ولبقية حلفاء واشنطن بينما تؤكد أنقرة أنها تعاني أكثر من غيرها من الإرهاب وبالتالي فموقفها واضح منه ولكنها لا تريد التركيز على طرف دون طرف, في إشارة للمليشيات المتعاونة مع الأسد وحزب العمال الكردستاني...

 

من أهم الخلافات بيم الطرفين ايضا الموقف من الكيان الصهيوني حيث تعتبر واشنطن أن تركيا تبالغ في عداوتها "لإسرائيل" وهو ما لا يتماشى مع سياسة الغرب ودول حلف الأطلسي التي تعتبر حماية الكيان الصهيوني أحد أهدافه أساسية بينما ترى أنقرة أن ممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين أحد أهم أسباب التوتر والعنف والقلاقل في المنطقة وأن على أمريكا والغرب تغيير موقفهم المنحاز "لإسرائيل" وهي في ذلك لا تكف عن توجيه الانتقادات لسياستها العنصرية ضد الفلسطينيين...

 

وضع المسلمين في أمريكا يدخل أيضا ضمن الملفات التي توتر الأجواء بين أنقرة وواشنطن فالرئيس التركي قبل وخلال زيارته لامريكا أكد على العنصرية التي يعاني منها المسلمون في هذا البلد وانتقد الإقصاء الذي يتعرضون له كما أعرب عن استنكاره لتصريحات بعض مرشحي الرئاسة ضد الإسلام والمسلمين, مؤكدا أنه من غير المقبول أن يدفع المسلمون فاتورة تصرفات بعض المحسوبين على الإسلام..

 

الخلاف بين الطرفين وصل إلى حد مطالبة بعض جهات في الكونجرس الأمريكي بطرد تركيا من حلف شمال الأطلسي وهو ما يذكرنا برفض الاتحاد الاوروبي لانضمام تركيا له بحجة أنها مسلمة وأن جميع دول الاتحاد "مسيحية" في تأكيد على عنصرية غربية واضحة رغم ادعاءات المساواة التي ترفع كلافتات في بعض المواقف بشكل زائف..إجمالا يمكن القول إن قوة تركيا ذات الهوية المسلمة الواضحة أصبحت تثير أمريكا على أكثر من صعيد, رغم تصريحات أوباما عن احترام هوية الآخر فكيف إذا وصل دونالد ترامب إلى مقعد الرئاسة؟!