برنامج يقضي على خرافة "الجمهور عاوز كده"
11 شعبان 1437
منذر الأسعد

يفرض الجمال المتميز نفسه حتى عندما يخوض منافسته بشرف في ساحة تضج بالبهاء والنقاء، فكيف تكون إطلالته في بحر لجي تطمسه ظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج المرء يده في خضمه لم يكد يراها؟.

 

هذا ليس تصويراً بلاغياً مترفاً، وإنما هو وصف أمين لواقع محزن على جبهة الإعلام الطافح بالمجون والسفاهة، وعلى جبهة لغة الوحْيَيْن التي تحاصرها رطانة الأعجمية في عقر دارها، وتجهز العامية على ما تبقى في جسدها من عافية.

 

أجدني مضطراً إلى التعبير عن الامتنان العميق للمؤسسة القَطَرية للإعلام، التي فاجأت الجمهور العربي العريض، ببرنامج رائع اسمه: فصاحة! جاء سهماً متوهجاً في قلب أعداء الضاد الذين لطالما أقاموا الأعراس وأولموا لغربانهم، مبتهجين بأن عدوتهم اللدود قضت نحبها، وأنها أصبحت كما تمنى الصليبي الحقود لويس عوض ذات يوم، أن تغدو محاصرة في المساجد حسداً وثأراً، فهذه اللغة الجميلة تؤرق ليلهم، لأنها لم تمت كما ماتت لغاتهم الدينية ولم يعد لها من حضور إلا تمتمات يرددها الأحبار والرهبان، وسط أناس لا يفقهون شنشناتهم.

 

الأجمل من جرأة المؤسسة القطرية، أن البرنامج حقق نجاحاً شعبياً، فاق توقعات الشجعان الذين أطلقوه.

 

ومن المنتظر أن يقدم برنامج فصاحة حلقته الأخيرة في 18 شعبان الجاري (= 22 مايو/أيار 2016م)، حيث يحدد تصويت المشاهدين الفائز باللقب من بين المتسابقين الثلاثة الذين يخوضون التحدي في الحلقة النهائية، ليتم تصنيفهم تمهيدا للحصول على الجوائز المقررة للبرنامج.

 

ويحصل صاحب المركز الأول على مبلغ خمسمئة ألف ريال قطري، بينما يحصل صاحب المركز الثاني على ثلاثمئة ألف ريال، أما صاحب المركز الثالث فسيحصل على مئتي ألف ريال.

 

وهنا، تنهار خرافة أخرى دأب التغريبيون على تردادها، وصدَّقهم المغفلون، وترسخت الأكذوبة حتى إن الذين اختلقوها باتوا يصدِّقونها!! وأعني فرية: "الجمهور عايز كده"!

 

سادت هذه الأسطورة منذ زمن السينما التغريبية الوقحة، ثم تعززت في عصر التلفزة، وذلك لأن الطغاة احتكروا الإعلام وسلطوا عليه حلفاءهم من صبيان الغرب، فلم يكن هناك مجال لمناقشة الخرافة التي لا تصمد في أي حوار حر.

 

حتى في أيامنا حيث الفضاء مفتوح على الآخر والشبكة العنكبوتية أنهت زمن الاحتكار، ما زال ورثة الفجرة يصرون على فريتهم الواهنة.

 

في الغرب يسهل حسم الجدل حول مزاعم فجة كهذه، فالتقنية تتيح الأرقام بشفافية لا تدع للمفترين سبيلاً. أما في ديار بني يعرب فليس عندنا مؤسسات موضوعية نزيهة تشرف على هذا القطاع، وقنوات الضلال والعري تحارب الاحتكام إلى وسائل التقنية التي تقطع بما يرغب فيه الجمهور حقاً.

 

إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي هيأت حلولاً جزئية، فحيث يمكن الاستئناس بمستويات تفاعل الناس مع ما يطرحه أصحاب الأقلام المختلفة.

 

لقد سقطت أباطيل الأوصياء الدجالين الذين يزعمون أن ما يعرضونه من فجور ومجون وغثاء في قنواتهم، يأتي تلبية لرغبات وميول أكثر المتلقين، ولعل نظرة خاطفة على هذا الرابط في موقع المسلم<<http://www.almoslim.net/search/google?cx=011961482074021969058%3A1eimg_p...، تكفي لإقناع كل منصف بأن القوم اختلقوا الكذبة وهم يعلمون أنها كذبة، ويريدون من الآخرين إلغاء عقولهم والشك في حواسهم لكي يستطيعوا تصديقها!!

 

لقد ولى –بفضل الله- زمن الاحتكار وجاء زمن "فصاحة" وأمثاله، من البرامج التي تلبِّي أشواق الناس الحقيقية، وتعبِّر عن هويتهم الأصيلة، شاء التغريبيون أم أبوا.

 

وصدق الله عز وجل القائل في محكم التنزيل:

{أَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ}.