مشاورات اليمن بالكويت....إلى متى ؟!
11 رمضان 1437
د. زياد الشامي

سؤال لم يعد يتداوله اليمنيون الذين اكتووا بنار غدر الحوثي وقوات المخلوع صالح أكثر من مرة بعد كل عهد يقطعونه أو اتفاق ينقضونه خلال حربهم المستمرة مع الشعب اليمني والشرعية فحسب , بل هو في الحقيقة سؤال بات يطرحه جميع المهتمين بالشأن اليمني من مفكرين ومحللين وعموم المسلمين : إلى متى ستسمر مشاروات الكويت مع الانقلابيين الذين لم يقدموا أي دليل على جديتهم أو حسن نواياهم في هذه المشارات ؟!

 

 

منذ اليوم الأول من انطلاق هذه المفاوضات في الــ 21 من نيسان كانت جميع المؤشرات تؤكد رغبة وفد الشرعية في حقن الدماء وإيجاد حل سلمي لما يجري في اليمن ضمن القرارات الدولية وعلى رأسها القرار الأممي رقم 2216 ....في الوقت الذي يؤكد الحوثي وحليفه صالح إصرارهم على المراوغة مع كل دعوة لتنفيذ القرار الأممي , وعدم جديتهما بتجنيب البلاد والعباد ويلات استمرار الحرب بحل سلمي ينهي انقلابهم على الشرعية .

 

 

كانت البداية بتلكؤ وفد الحوثي عن الحضور في الوقت المتفق عليه في مقابل التزام وفد الشرعية بالحضور والانتظار , ثم أثبتت الأيام الأولى من المشاورات محاولة وفد الحوثي العبث بأجندة المفاوضات وحرفها عن مسارها المتفق عليه , ومحاولة إغراق وفد الشرعية بتفاصيل وجزئيات والتهرب من أصول المشاروات وثوابتها , والتي ترتكز على انسحاب الحوثيين من جميع المدن التي استولوا عليها بقوة السلاح , وتسليح جميع أسلحتهم للحكومة الشرعية , واستعادة مؤسسات الدولة ، ومعالجة ملف المحتجزين السياسيين والمختطفين والأسرى .....

 

 

ومع مرور أكثر من ستين يوما على تلك المشارات , إلا أن النتيجية الفعلية لا تزال صفرا , وخصوصا فيما يتعلق بالنقاط الخمس الكبرى التي من أجلها حضر وفد الشرعية إلى الكويت ..... وما ذاك إلا بسبب تعنت وفد الحوثي – صالح ومحاولتهما المراوغة والتهرب من الالتزامات المفروضة عليهما .

 

 

وخلال تلك الأيام الطويلة من عمر هذه المشاورات خرجت الكثير من الأصوات التي تؤكد عدم إفضائها إلى نتيجة تذكر , وصدرت الكثير من التصريحات من داخل أروقة تلك المشاروات ترجح فشلها بسبب مواقف الحوثي المتعنته .

 

 

ولعل من آخر تلك الأصوات والتصريحات ما صدر عن مسؤول رفيع في الرئاسة اليمنية أمس , والتي عبر فيها عن خشيته من فشل مشاورات السلام المقامة في الكويت، منذ ما يزيد عن شهرين .

 

 

فقد قال عبد الله العليمي نائب مدير مكتب الرئيس اليمني، في سلسلة تغريدات على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "بعد تسعة وخمسين يوماً من المشاورات، نخشى أن تؤول إلى سراب".

 

 

وفي مقارنة بين جدية وفد الشرعية وعبثية الحوثي في هذه المشارات أضاف العليمي : "نحن نتشاور بمسؤولية عالية ، وحرص على حياة البشر وحقن دمائهم ، ويخطئ كثيراً من يظن أو يتوهم أن الحرص ضعف" لافتا أن أن الوفد الحكومي "يبذل جهوداً لكي لا تفشل المشاورات، لكن الحوثيين يصرون على التعنت" .

 

 

وعن مدى استهتار الحوثي بجميع المبادرات قال العليمي : "كنا نعتقد أن شهر رمضان سيوفر فرصة لوقف نزيف الدم"، مستدركاً : "يبدو أن الانقلابيين (الحوثيين) يصومون إلا عن الدماء".

 

 

وفي ختام تغريداته حاول المسؤول اليمني استخراج كلمة حق من المنظمة الأممية على الأقل فقال : "قد آن الأوان للأمم المتحدة والمجتمع الدولي أن يشير بأصبع التهمة علناً نحو من يعرقل السلام ويقوض الجهود ويستمرئ القتل والانتهاكات"، في إشارة إلى وفد (الحوثي/صالح)، الذي يتهمه الطرف الحكومي بـ"عرقلة مسار السلام"....... ولكن هيهات هيهات ....فالوقائع على الأر1ض وخلف الكواليس تشير إلى استحالة قيام المنظمة الأممية بذلك , فهي ليست مجرد شاهد زور على انتهاكات الحوثي وتجاوزاته في اليمن فحسب , بل أضحت شريكا للانقلابيين وداعما لهم في تعنتهم وعدم خضوعهم للقرارات الدولية !!

 

 

لقد بحت أصوات المفكرين والمهتمين بالشأن اليمني من كثرة ما أكدوا على عدم جدية الحوثي في مشاروات الكويت , وأنهم لم ولن يرضخوا للقرار الأممي ولن يطبقوا شيئا منه بالسلم والمفاوضات , وأن الحل العسكري والحسم هو الحل الوحيد معهم , ولعل تغريدات الدكتور عبد الله النفيسي على حسابه الشخصي "توتير" نموذجا كافيا عن تلك الأصوات .

 

 

ولعل من آخر تغريداته في هذا الإطار قوله : "لا ينبغي أن يجرنا "الحوثي – الطابور الإيراني" للغرق في تفاصيل أخرى كتشكيل حكومة وفاق وطني دون تجريد الحوثي من الأسلحة الثقيلة وانسحابه من المدن وعودة الشرعية إلى صنعاء وممارسة السيادة على كامل التراب اليمني" .

 

 

وتابع : " ومن المحذور التفاوض على هذه الأمور او إبداء أي تراجع حولها لأن ذلك سيصب لصالح التمدد الإيراني في اليمن وتصاعده ومن ثم الوفان " .

 

 

لقد علمتنا التجربة أن أي مفاوضات إذا أريد لها أن تنجح فلا بد أن يكون لها سقف زمني , وإلا أضحت مفاوضات لمجرد المفاوضات والكلام , ثم لا طائل ولا نتائج ولا آثار , ولعل ما تفعله حكومة الكيان الصهيوني مع السلطة الفلسطينية حول مسألة إنشاء ما يسمى "الدولة الفلسطينية" , والتي انطلقت مفاوضاتها منذ تسعينيات القرن الماضي خير شاهد على ذلك .