2 ذو الحجه 1437

السؤال

السلام عليكم، كيف أحقق الرضا النفسي؟ كيف أكون مطمئنة وأحقق الحياة الطيبة؟ كيف أحقق ثقتي بنفسي؟ أول التزامي كنت أشعر بحلاوة الإيمان لكن أشعر تدريجيا أنني أفقد هذا الشعور رغم محافظتي على الفروض وأحاول أن أقوم بالنوافل، أقنعت نفسي بعدم إكمال دراستي الجامعية لأهتم بحفظ القرآن مع العلم أنني أتكاسل أحيانا عن الحفظ؟ هل ذلك الرأي صائب؟ أريد نصائح عملية لأنال رضا الله.

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

الابنة السائلة.. الإيمان والهداية نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على الإنسان، وأشكر لك حرصك على الوصول لأرقى مستويات الإيمان ورعاية قلبك.
فالإيمان الحقيقي ليس كلمة تقال باللسان، ولا سلوكا ظاهرا فقط، لكنه تربية عملية للقلب.
وسؤالك عن تحقيق الرضا النفسي هو سؤال يسأله القلب لا مجرد اللسان، فالقلب كي يرضى فعلاجه الوحيد أن يمتلئ بحب ربه وتوحيده، ثم الزهد في الدنيا والتقلل منها وعدم الالتفات إلى زخرفها والقناعة بالقليل منها.
الحياة الهادئة المطمئنة الطيبة تحقيقها بالعمل الصالح لقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [النحيل:97]. فأكثري من الأعمال الصالحة تسعدين بحياة طيبة كما ترجين.
أما حلاوة الإيمان فنستمدها في قول النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ، وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ؛ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ".
أما الفوز بمحبة الله تعالى فالطريق سهل وواضح، وقد ذكره الله تعالى في قوله: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} [آل عمران:31].
فاتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم والسير على هديه طريق محبة الله تعالى، أيضا التقرب إلى الله تعالى بالمحافظة على الفرائض والتزود بالنوافل باب آخر من أبواب الفوز بمحبته سبحانه، وفي الحديث القدسي: "مَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ".
أما شعورك بأنك تدريجياً أصبحت تفقدين حلاوة الإيمان، فهذا مدخل للشيطان إليك، لا تستسلمي إليه، يريد أن يشوش عليك إيمانك، ويصدك عن ذكر الله تعالى، فأنت إن شاء الله تعالى أقوى منه.
والاستغفار أيتها الابنة الكريمة هو علاج لشكاوى ضعف الإيمان، والدعاء دعامة للعمل الصالح.
عودي لدراستك الجامعية وعليك إكمال الدراسة بتنظيم وقتك بعض الشيء والتوفيق بين الدراسة وحفظ كتاب الله تعالى، فكل حفظة القرآن الكريم تقريبا أتموا دراستهم وتفوقوا فيها لأن القرآن يرقى بصاحبه ويعينه ويعطيه طاقة يصنع بها مالا يتخيله.
أكثري من الدعاء لربك بما تريدين وكوني على ثقة أنه سبحانه قريب مجيب يجيب دعوة الداع إذا دعاه.
واعلمي أن التقوى إنما مكانها القلب، وزادها الاستغفار، ومدادها الدعاء والرجاء، فهذه نصيحتي إليك.