6 ذو الحجه 1437

السؤال

أنا شاب وهبني الله موهبة تقليد الأصوات، فلله الحمد من قبل ومن بعد، وأحياناً يطلب مني بعض الزملاء تقليد بعض القراء، أحيانا أقلد وأحيانا أمتنع؛ خوفاً من الرياء، وأحيانا أقرأ لهم دون أن يطلبوا ذلك؛ فكيف أتجنب الرياء؟ علما بأني أخاف منه جداً؛ لأنه خطير.. نسأل الله أن يعافينا ويبعدنا عنه.. أفيدونا مأجورين.

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

السائل الفاضل:
أشكر لك حرصك على تهذيب نفسك وتأديبها، وتخليص عملك من شوائب الرياء، وسعيك نحو تطهير قلبك من آثار ما يمكن أن يمرضه.
وقد رزقك الله سبحانه صوتاً عذباً، وهو نعمة، فاشكر الله عليها، واستخدمه فيما يرضي الله سبحانه، من قراءة القرآن وتعليمه.
وتحسين الصوت بالقرآن أمر مشروع أمر به النبي صلى الله عليه وسلم واستمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى قراءة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وأعجبته قراءته حتى قال له: "لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود" أخرجه مسلم.
والتقليد إن كان في إتقان القراءة والتجويد وحسن الصوت فلا بأس به، لكن التكلف في التقليد ممقوت مرفوض.
وأحسن الناس صوتاً بالقرآن هو الخاشع، وفي الحديث: "من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله" أخرجه ابن ماجة.
وقراءة القرآن للناس شيء حسن مشروع، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود وكعبا وغيرهما رضي الله عنهم بقراءة القرآن عليه وهو يستمع، وهي عبادة صالحة.
لكن كل عبادة تفتقر للنية الصالحة فهي مردودة على صاحبها، فالنية المخلصة من شرطي العمل الصالح.
والرياء قد يدخل على المؤمن في أي عمل صالح يعمله، وعلاجه أن يحرص المرء دوما على مراقبة نفسه فيه.
والمؤمن الصالح لا يجعل عمله يشوشه الرياء، بل يسعى دوماً لإخلاص عمله، فيفر من الرياء فراراً، لكن أيضاً لا يجعل وسوسة الخوف من الرياء تمنعه من العمل الصالح، بل يجاهد نفسه ويستحضر صالح نيته في عمله.
وعليه أن يتذكر عظمة الله سبحانه المعبود، وضآلة الناس وضعفهم وعجزهم أن ينفعوه أو يضروه.
ومن علاجه أيضاً أن يدعو الله سبحانه بالبعد عنه ويستعيذ بالله منه.
ولو شعر من نفسه أنه يعمل العمل بالفعل رغبة في مديح الناس وثنائهم فليتوقف عنه عندئذ.
وعليه أن يجدد نيته دائما فتكون نيته تعليم الناس القرآن، وإسماعهم آيات الله سبحانه.