العبث الرافضي بهوية العراق ومقدراته
1 ذو القعدة 1437
د. زياد الشامي

قد لا يكون ما تفعله إيران في العراق مجرد عبث بهوية العراق ومقدراته فحسب , فما يجري على أرض بلاد الرافدين منذ إطلاق الأمريكان يد طهران في هذا البلد من خلال تنصيب عميلها نوري المالكي رئيسا للوزراء ومن ثم استبداله بــ حيدر العبادي .....يتجاوز حدود العبث إلى الاحتلال وما يستتبعه من نهب خيرات البلاد ومحاولة تغيير هوية أهلها السنية .

 

 

بدأ هذا العبث – إن جاز التعبير – منذ اليوم الأول الذي وطأت فيه أقدام أول جندي أمريكي أرض العراق , إذ لا يشك عاقل أن الاحتلال الأمريكي كان بمثابة المرحلة التمهيدية لتسليم العراق لملالي قم , ليكمل صبي إيران "المالكي" المهمة بأفضل مما كان يريد الأمريكان ويتمنون .

 

 

لم يكن التهميش والإقصاء لأهل السنة عن الحياة السياسية بشكل عام , واستبعادهم من الوظائف الحساسة وغير الحساسة في مؤسسات الدولة .... هي سياسية المالكي في فترة حكمه فحسب , بل وصل الأمر إلى حد الملاحقات والاعتقالات التي طالت رموز أهل السنة ورجالها بالآلاف , تحت شعار وذريعة ملاحقة البعثيين أحيانا , ودون ذريعة أو سبب في كثير من الأحيان , فتهمة "الإرهاب" الجاهزة ضد أي مسلم سني في العراق كفيلة بإنزال عقوبة الإعدام فيه لاحقا , أو زجه في غيابات السجن عشرات السنين .

 

 

ولم يتوقف الأمر عند حد احتكار الرافضة لحكم العراق فحسب , فمعتقدهم الباطل يدفعهم لما هو أبعد من ذلك : العبث بهوية غالبية سكان العراق السنية , من خلال حمل الناس بالترغيب والترهيب على اعتناق المذهب الاثني عشري الباطل , وقتل أو تهجير أو سجن من يأبى أو يرفض ذلك .

 

 

وإذا انتقلنا إلى الجانب الاقتصادي فالعبث بموارد بلاد الرافدين من قبل العصابة الرافضية أكبر وأعظم من أن يحصر في هذا التقرير , ويكفي أن هيئة النزاهة في العراق قد أكدت أن خسائر البلاد بعد 2003 - نتيجة الفساد الإداري والمالي- بلغت نحو 800 مليار دولار، ووصفت هذه النتيجة بالكارثية بين بلدان العالم , وهي فترة الاحتلال الأمريكي للعراق والرافضي من بعده .

 

 

ويكفي أن الهيئة اعتبرت أن هيئة الأمانة العامة لمجلس الوزراء ( أثناء تولي نوري المالكي رئاسة الحكومات السابقة ) هي البؤرة الأخطر للفساد ، وأن وزارة الدفاع (يديرها رئيس الحكومة وقتها) جاءت في مرتبة متقدمة بين الوزارات في مجال الفساد ونهب خيرات العراق .

 

 

لم يكن خلف المالكي "العبادي" أقل عبثا بهوية العراق السنية , أو أقل نهبا لخيرات بلاد الرافدين وممتلكاته , فحكومة الأخير غارقة في ملفات الفساد من رأسها حتى أخمص قدميها , وتحاول التملص من تلك الاتهامات باتهام الآخرين بالفساد لغايات مباشرة وغير مباشرة .

 

 

ويكفي ذكر ما حصل منذ يومين في مجلس النواب مثالا ونموذجا لتلك المحاولات , فأثناء جلسة استجواب وزير الدفاع "خالد العبيدي" الذي تم استدعاؤه من قبل البرلمان للرد على مزاعم الفساد في وزارته التي تواجه اتهامات بإهدار ملايين الدولارات من الأموال العامة ، وإضعاف القوات المسلحة إلى درجة انهيارها عام 2014 أمام تنظيم "الدولة" ..... حاول "العبيدي" صرف الأنظار عن فساده وفساد وزارته بإطلاق اتهامات لرئيس مجلس النواب سليم الجبوري، وعدد من المسؤولين، والنواب، بضلوعهم في صفقات أسلحة ومعدات عسكرية أمريكية وهمية للجيش العراقي .

 

 

وبغض النظر عن صحة هذه الاتهامات من كذبها , فإن توقيتها وتزامنها مع قرار حيدر العبادي دمج مليشيا الحشد الشيعي في الجيش العراقي ..... تثير الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام , وهو ما دفع بعض المراقبين لاعتبار أن الهدف من إثارة "مسرحية" استجواب "العبيدي" وفتح ملفات الفساد مجدداً بهذه الطريقة و بهذا التوقيت ..... هو إدراج عناصر مهمة من قيادات مليشيا الحشد الشعبي (الشيعية) في مفاصل وزارة الدفاع ؛ لتعزيز دور قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، كما يمثل إعادة لسيناريو سابق عندما ضمت وزارة الدخلية أكثر من 17 ألف عنصر من مليشيات بدر التي يتزعمها هادي العامري للشرطة الاتحادية، ليصبح نحو 90% من الجيش والشرطة شيعة ولاءً وانتماءً وعقيدةً .

 

 

إن قرار رئيس الوزراء "حيدر العبادي" بإعادة هيكلة الحشد الشعبي وفك ارتباطه بالأحزاب ، وجعل ارتباطه بالقائد العام للقوات المسلحة ، ليكون نموذجاً يضاهي جهاز مكافحة الإرهاب الحالي من حيث التنظيم والارتباط...... يعتبر الخوة الرافضية الأخطر على هوية العراق السنية .

 

 

وإذا أضفنا إليه إقرار واعتراف مليشيا الحشد بولائها لولاية الولي الفقيه المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي , وتنفيذها بالتالي لأجندة طهران ومشروعها الصفوي في المنطقة ..... فإن الأمر يصبح أشد خطورة على دول أهل السنة المجاورة لإيران وغير المجاورة .

 

 

ويكفي أن ننقل ما قاله الأمين العام لكتائب ما يسمى "سيد الشهداء" - إحدى أهم فصائل الحشد الشعبي - أبو آلاء الولائي في تصريح صحفي له لإدراك حجم العبث الرافضي بهوية العراق السني : إن "كتائب سيد الشهداء تشكيل عقائدي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بولاية الفقيه، ولا يتبع الساسة العراقيين".

 

 

فهل من تحرك سني لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في العراق من الخطر الصفوي ؟!