هل انتصر "حزب الله" في معركة الرئاسة؟
20 محرم 1438
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

منذ عامين أو أكثر ومقعد الرئاسة اللبناني يشهد حالة من الفراغ بسبب إصرار تنظيم "حزب الله" الشيعي على تعيين رئيس من الموالين له ولنظام بشار الأسد ولإيران  وهو ما كان يعارضه بشدة تيار المستقبل السني الذي يتزعمه سعد الحريري نجل رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري ومعه مكونات تجمع 14 آذار الذي يضم حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب وهما حزبان "مسيحيان" يعارضان سياسة "حزب الله"...

 

ولأن النظام في لبنان قائم على المحاصصة الطائفية فإن اختيار الرئيس لا يتم إلا بالتوافق بين أكبر كتلتين سياستين في البلاد وهما تجمع 8 آذار الذي يقوده "حزب الله" وتجمع 14 آذار الذي يقوده تيار المستقبل والذي شهد حالة من الخلاف والتشتت في الفترة الأخيرة نتيجة تباين المواقف بين مكوناته الرئيسية...في ظل هذه الظروف انعقدت عشرات الجلسات لمجلس النواب من أجل اختيار الرئيس الجديد للبلاد إلا أن الجلسات كانت دائما تفتقد للنصاب القانوني  بسبب إصرار كل طرف على موقفه فنجمع 14 آذار رشح في البداية سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية وتجمع 8 آذار رشح ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر...

 

ومع استمرار الخلاف وفي محاولة لحلحلة الموقف قدم سعد الحريري تنازلا كبيرا عندما تخلى عن ترشيح حليفه جعجع المناوئ لنظام الأسد وأيد ترشيح سليمان فرنجيه زعيم تيار المردة وحليف حزب الله وصديق بشار الأسد, وهي مفاجأة كبيرة هزت تجمع 14 آذار وفتته قي ظل حالة المواجهة المفترضة مع مخططات حزب الله في لبنان حيث رد جعجع على قرار الحريري بالتنازل عن الترشح لمصلحة خصمه السياسي ميشال عون الحليف أيضا لإيران وحزب الله فيما بدا انتقاما من الحريري وانهيارا للتحالف المناهض لإيران في البلاد...

 

ومع تصاعد قوة تحالف حزب الله في لبنان المستند على سلاحه الذي يرفض التخلي عنه والتغلغل الكبير في جميع مؤسسات الدولة اللبنانية بدأ تحالف المستقبل يشهد العديد من التصدعات وتباين الرؤى في حين ظل حزب الله مصرا على ترشيح حليفه ميشال عون من أجل أن يرسخ المخطط الإيراني ويشرعن وجوده في سوريا للدفاع عن نظام الأسد رغم الانتقادات الواسعة التي توجه لهذا الوجود من جانب قطاعات واسعة في الشارع اللبناني الذي يشعر بأنه دفع ثمنا غاليا مقابل هذا الوجود العسكري لحزب الله ويبدو ان هذا الإصرار من جهة والضعف في التجمع المقابل من جهة أخرى أدى إلى انتصار خيار حزب الله حيث أعلن سعد الحريري أنه موافق على ترشيح ميشال عون وأرجع ذلك إلى خوفه على استقرار لبنان وخشيته من اندلاع حرب أهلية جديدة في ظل الأوضاع التي تشهدها المنطقة...

 

وأشار إلى أن هذه الموافقة جاءت بعد محادثات مطولة مع عون توصلت إلى تفهمه لضرورة أن تنأى لبنان بنفسها عن الوضع السوري وأن لا تتدخل فيه بأي شكل من الأشكال وهو ما يخالف موقف حزب الله حليف عون وأكبر الداعمين له بل يخالف موقف عون نفسه الذي يصرح دوما هو وحزبه وقناته الفضائية الخاصة بتأييد موقف الأسد ووصمه الثوار "بالإرهابيين"..

 

رغم أن صلاحيات رئيس الجمهورية في لبنان محدودة داخليا إلا أن ملف العلاقات الخارجية التي من بينها الموقف من سوريا يبقى له فيه اليد العليا أضف إلى ذلك أن منصب وزير الخارجية تابع لحزب عون ويتولاه ابن اخته جبران باسيل الذي كانت مواقفه في الجامعة العربية والأمم المتحدة شاهدة على موالاة نظام الأسد ومناهضته للثورة...الشواهد تتجه لاختيار عون رئيسا في لبنان قريبا بعد موافقة أهم المناهضين له ولكن الحديث عن ضمانات لسياسته الخارجية يبقى هشا والأرجح أن عون سيكون ورقة ضغط في صالح حزب الله تلعب بها كما تريد وتحكم عن طريقها سيطرتها على الوضع اللبناني وتزيد من تدخلها في سوريا..

 

ويبقى السؤال هل يصلح تيار المستقبل تحت زعامة الحريري أن يكون القوة السياسية التي تدافع عن مصالح السنة في لبنان أم أن الأحداث تجاوزته بشدة وأصبح لزاما للسنة البحث عن تيار سياسي أكثر قوة وتماسكا للدفاع عن مصالحهم؟