اشتعال الحرب بين تركيا وأوروبا
17 صفر 1438
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

لا يخفى على أحد الموقف السلبي للاتحاد الأوروبي من تركيا منذ سنوات طويلة والنظرة العنصرية التي ينظرها الاتحاد لأنقرة لأن غالبية سكانها من المسلمين..

 

وقد ازدادت هذه العنصرية مع وصول حزب العدالة والتنمية للحكم وظهور الموقف الواضح لزعيم الحزب والرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوعان من قضايا المسلمين وانتقاد ما يتعرضون له في الغرب من تهميش واضطهاد..تعنت أوروبا مع تركيا بشأن انضمامها للاتحاد الأوروبي ومماطلتها لأسباب غير مفهومة وغير منطقية وترت العلاقات بين الجانبين مؤخرا بشكل كبير فقد صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن "المفوضية الأوربية تسعى إلى إجبارنا على الانسحاب من عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ملوحًا بأنه "لصبرنا حدود"...

 

وقال أردوغان بشكل مباشر:"إذا كانوا لا يريدوننا، فليقولوا ذلك بوضوح وليتخذوا القرار"، مضيفًا: "لصبرنا حدود. إذا احتاج الأمر يمكن أن نذهب نحن أيضاً لمشاورة شعبنا"، مشيراً إلى الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقال "نحن أيضاً يمكن أن نسأل شعبنا"...كما وجه أردوغان اتهامات لأوروبا بتشجيع الإرهاب من خلال دعمها حزب العمال الكردستاني الانفصالي، وقال إنه لا يهتم بأن تصفه أوروبا بدكتاتور، وهو يقضي على الجماعة الكردية الانفصالية المسلحة....وأضاف "أوروبا بأكملها تشجع الإرهاب. حتى رغم أنهم أعلنوا حزب العمال الكردستاني تنظيما إرهابيا...

 

نرى كيف يتحرك حزب العمال الكردستاني بحرية وراحة في أوروبا"..وأضاف "لا أهتم إذا وصفوني بالدكتاتور أو أي وصف آخر. الكلام يدخل من أذن ويخرج من الأخرى. ما يهم هو ما يصفني به شعبي"....

 

وخص أردوغان عدة دول بالاسم بشأن دعم الإرهاب في أوروبا مثل ألمانيا حيث أعرب عن قلقه إزاء احتمال تحوّل ألمانيا إلى حديقة خلفية لمنظمة "فتح الله غولن" الإرهابية، مشيرا إلى ان التاريخ سيذكرها كدولة داعمة للإرهاب...وقال أردوغان: "ألمانيا تفتح ذارعها منذ سنوات لأعضاء منظمات إرهابية مثل (بي كا كا) و(د ه ك ب ج) و(غولن)، واليوم نشعر بالقلق إزاء احتمال تحوّل ألمانيا لحديقة خلفية لمنظمة غولن"...

 

ولفت إلى تقديم بلاده لألمانيا، طلب إعادة أعضاء من منظمة "غولن" الإرهابية، وعدم استجابة المسؤولين فيها للطلب التركي.... وأشار إلى رفض ألمانيا على لسان وزير عدلها، طلب إعادة المجرمين إلى تركيا، قائلا: "الوزير يشعر بالقلق حيال عملياتنا ضد الصحف الداعمة للمنظمات الإرهابية. وأمام هذا المشهد نحن بدورنا نشعر بالقلق حيال الموقف الألماني من بلادنا"....في هذا السياق شن رئيس الوزراء التركي هو الآخر هجوما عنيفا على أوروبا وقال ، إن على الاتحاد الأوروبي أن يختار بين تركيا وأعدائها، مضيفا أنه يجب ألا تتوقع بروكسل من أنقرة تغيير قوانينها الخاصة بمكافحة الإرهاب...

 

كما قال علي شاهين، مساعد وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في الحكومة التركية ، إنّ الاتحاد بحاجة إلى تركيا أكثر من حاجتنا له...وأوضح شاهين أنّ تركيا تسعى منذ عام 1959 لنيل العضوية التامة في الاتحاد الأوروبي، وأنها تتقدّم بخطى ثابتة لتحقيق هذا الهدف، خاصة بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة قبل 15 عاماً..

 

وأضاف شاهين أنّ حكومات العدالة والتنمية المتعاقبة أجرت إصلاحات عديدة فيما يخص النظام الديمقراطي القائم، وحقوق الإنسان، وسيادة القانون والحريات، غير أنها لم تلق الدعم المطلوب من دول الاتحاد الأوروبي، خاصة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في تركيا منتصف يوليو الماضي...وتابع شاهين قائلاً: "بدأنا نشعر بأنّ فشل محاولة الانقلاب أزعجت بعض الجهات في أوروبا، ولكن الذي يُشعرنا بالقلق أكثر، هو رؤيتنا لبعض المدن والعواصم الأوروبية وهي تتحول إلى مرتع آمن لعناصر منظمتي الكيان الموازي و(بي كا كا) الإرهابيتين"...

 

القضية إذن تتلخص في محاولة تنفير تركيا وووضع العقبات أمامها من أجل عدم ضمها للاتحاد الأوروبي الذي يعتبرونه "ناديا مسيحيا", على حد قول أحد كبار المسؤولين الأوروبيين في وقت سابق, كما أن أوروبا تحاول التذرع بالإجراءات التي تتخذها أنقرة من أجل "مكافحة الإرهاب" الذي تتورط فيه تنظيمات مثل داعش وحزب العمال الكردستاني والكيان الموازي الذي قاد محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة والتي لم تستنكرها أوروبا بالشكل المناسب وأثارت المزيد من الاحتقان مع تركيا...

 

الغريب أن أوروبا تقوم بإجراءات أمنية غير مسبوقة في تاريخها بحجة "مكافحة الإرهاب" وتتضمن هذه الإجراءات فرض رقابة على المساجد والمسلمين والقبض عليهم بأدنى شبهة ووضعهم رهن الاعتقال وعندما تنتقدها المنظمات الحقوقية تتذرع بالدواعي الامنية وترفض الاستجابة لمطالبها بتخفيف قبضتها على المسلمين بشكل خاص..أوروبا لا تحب الإسلام أو المسلمين ولا تريدهم أقوياء فهي يمكن أن تقبل دولة "مسيحية" فاشلة مثل اليونان ولكنها لا تقبل دولة تحقق نموا كبيرا مثل تركيا لأنها مسلمة وهذه حقيقة عقائدية وتاريخية يجب على المسلمين التفطن إليها جيدا والسعي لتحقيق أنواع من التكامل فيما بينهم بدلا من اللهاث وراء سراب الغرب..