سنة القامشلي بين تطرف كردي وعنصرية مسيحية
23 صفر 1438
د. زياد الشامي

القامشلي : مدينة سورية تقع في جهة الشمال الشرقي على الحدود مع تركيا , تتبع إداريا محافظة الحسكة , سكانها خليط من العرب والأكراد والسريان والأرمن والكلدان والآشوريين , وسميت بهذا الاسم نسبة إلى القصب المنتشر حول نهر الجقجق المار بها , فــ "القامشلي" هي تكريد لمعنى الكلمة السريانية حيث تعني قامش "قاميش" القصب باللغة الكردية .

 

 

وبالنسبة للأديان في المدينة فهناك المسلمون السنة والمسيحيون واليزيديون والزردشتيون , ولغة معظم سكانها العربية , و مع وجود اللغة الكردية والسريانية والأرمنية , إلا أن الكثير من الأكراد يتكلمون العربية العامية باللهجة الشامية .

 

 

يحاول حزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه العسكري المسمى "وحدات حماية الشعب الكردية" الهيمنة على مدن وقرى محافظة الحسكة , وإحداث تغيير ديمغرافي فيها من خلال ممارسة نوع من التطهير العرقي ضد العرب السنة بذريعة مساندتهم لما يسمى "داعش" الذي بات الذريعة الأنجع لاضطهاد العرب السنة وطردهم من مدنهم وقراهم .

 

 

السياسة التي تحاول وحدات حماية الشعب الكردية وباقي الأقليات الإيزيدية والمسيحية انتهاجها في تلك المناطق هي : استغلال الحرب المعلنة ضد العرب السنة من قبل النظام النصيري وحلفائه الروس والروافض , ناهيك عن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي ترفع شعار محاربة "داعش" , بينما هي في الحقيقة تدعم الأكراد والأقليات لقتل وتهجير العرب السنة من سورية والعراق .

 

 

لعل آخر الأنباء التي تأتي من مدينة القامشلي السورية تؤكد التوصيف السابق تماما , فجميع الأقليات تشارك – وللأسف الشديد ودون أي مبرر – في الحرب المعلنة ضد العرب السنة بشكل أو بآخر , مستغلة حالة الاستضعاف الذي تعاني منه الأكثرية السنية , وتكالب القوى النصيرية المحلية والإقليمية الصفوية والدولية الصليبية ضد هذا المكون تحديدا .

 

 

فها هي إدارة المدارس المسيحية الخاصة في مناطق سيطرة قوات النظام السوري بمدينة القامشلي تصدر قرارا بمنع الطالبات للمراحل التعليمية الابتدائية والثانوية من ارتداء الحجاب ؛ في خطوة تشير إلى مدى الاضطهاد الذي يتعرض له العرب السنة هناك .

 

 

 

وإذا علمنا أن القرار يأتي بعيد قرار سابق من الإدارة الذاتية الكردية بفرض المناهج الخاصة بها في المناطق التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في شمال شرق سورية منذ منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، وهو ما دفع كثيرا من الأهالي لإحجامهم عن إرسال أبنائهم إلى المدارس التي تفرض منهاج الحزب ، ونقلهم إلى المدارس المسيحية الخاصة في مناطق سيطرة النظام ، بغية تلقي تعليمهم وفق مناهج مديرية التربية التابعة للنظام السوري ....فإن استهداف المكون العربي السني يبدو والحالة هذه أشد وضوحا .

 

 

لقد بات العرب السنة في تلك المناطق بين مطرقة حزب الاتحاد الديمقراطي وتوجهاته المتطرفة المعادية لهويتهم بل و وجودهم , وبين عنصرية الأقليات الأخرى من مسيحية أو إيزيدية أو غيرها , رغم كونهم يشكلون الأغلبية في محافظة الحسكة عموما , وفي مدينة القامشلي تحديدا , فقد أكدت دراسة ميدانية حديثة صادرة عن مكتب دراسات "التجمع الوطني للشباب العربي" أن الأكراد لا يشكلون سوى 25 – 30 % من سكان محافظة الحسكة على الأكثر , بينما يعتبرون أقلية في مدينة القامشلي رغم محاولاتهم الترويج بعكس ذلك في جميع وسائل الإعلام .

 

 

والدليل على هذه الحالة التي يعيشها العرب السنة هناك : أن قوات حماية الشعب الكردية انتهجت سياسة الأرض المحروقة منذ أكثر من عام ضد العرب السنة في مدنهم وقراهم كما يؤكد الباحث مهند الكاطع المنحدر من ناحية تل حميس التابعة لمدينة القامشلي , مشيرا أن ممارسات حرق البيوت وترويع الأهالي كان بهدف تهجير سكان القرى العربية وإحداث تغيير ديموغرافي مقصود في المنطقة .

 

 

بينما تنتهج الأقلية المسيحية في المدينة سياسة اللغة العنصرية التي يبدو أنها قد ورثتها من الغرب الذي لا يعلو في دوله على صوت العنصرية العالي أي صوت , ولعل قرار منع الحجاب في مدارسه الخاصة هو العنوان الأبرز لهذه اللغة .

 

 

لا شك أن هذا مثل هذا القرار المسيحي والممارسات الكردية في مدن وقرى الشمال الشرقي من سورية , يؤكد أن خطاب الكراهية والعنصرية والطائفية مصدره الأول تلك الأقليات وداعموها من الشرق المجوسي والغرب الصليبي , وهي مع كل ذلك لا تُتّهم بأنها "إرهابية" إقليميا ولا دوليا !!!.

 

 

بل الأعجب من ذلك أن تكون اليافطة التي يمارس من خلالها الأكراد وباقي الأقليات كل تلك الانتهاكات الجسيمة ضد المكون العربي السني هي : "محابة إرهاب داعش وتجاوزاته " !!! وكأن الإرهاب "الداعشي" المفترض المصطنع يسمح بممارسة إرهاب كردي مسيحي إيزيدي حقيقي ؟؟!