هوية الجزائر ...وخطر التنصير والتشيع
7 ربيع الأول 1438
د. زياد الشامي

إذا كان خطر نشر التشيع في الجزائر قد ازداد في الفترة الأخيرة بعد التغول الرافضي في كثير من الدول العربية , والدعم الأمريكي الغربي الفاضح للمشروع الصفوي في الوطن العربي والعالم السني , فإن هذا لا يعني أن التنصير قد توقف أو تراجع في الدول السنية على وجه الخصوص , بل ربما يكون الآن في أوج نشاطه التنصيري , نظرا للحالة العصيبة التي تمر بها الأمة , وظروف الفوضى والقلاقل والحروب التي انتشرت في أكثر دولها , والتي تعتبر البيئة المناسبة لتسلل المنصرين والعابثين بهوية الأمة وعقيدتها السنية .

 

 

 

وإذا كان خطر التنصير يزداد ويتفاقم في مخيمات اللاجئين و تجمعات المهجرين من أرضهم وبيوتهم كما هو حاصل مع السوريين والعراقيين , حيث تم توثيق محاولات عدة لتنصير بعض الفارين من جحيم الحرب الملعنة ضد أهل السنة في كل من العراق وسورية ......فإن ذلك لا ينفي الخطر المحدق بالهوية السنية القادم من الغرب المصرّ على إخراج المسلمين من دينهم الحق عبر حملات التنصير المدعومة بكل أنواع الدعم المادي والمعنوي .

 

 

 

ليس هذا الكلام مجرد هواجس أو مخاوف لا دليل عليه من الواقع , بل هناك ما يؤكد هذا الخطر سواء في مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان والأردن , أو في مدن وعواصم بعض الدول العربية والإسلامية .

 

 

 

فها هو رئيس جمعية العلماء المسلمين في الجزائر الدكتور "عبد الرزاق قسوم" يؤكد أن الخطر الحقيقي على الهوية الدينية في الجزائر، يتمثل في الجهود التي تبذلها جماعات مسيحية باغراءات مالية كبيرة وأيضا عبر وسائل تقنية علمية .

 

 

 

وحول مصدر الخطر الذي تمثله هذه الجماعات أشار "قسّوم" إلى أن "الامكانيات المالية المتاحة التي تغدق على هؤلاء يدل على أن هناك مؤسسات حكومية أو مؤسسات ذات طابع عالمي تقف وراءهم للتمكين لهم" , مؤكدا أن التبشير بالمسيحية أو الدعوة للتشيع يمتلكون من أدوات التمكين الكثير مما يمكن أن يهدد الوحدة الدينية للجزائر.

 

 

 

أما التشيع فمن المعلوم أن "إيران" هي الدولة الراعية له , وأنها تقوم بتمويل ودعم جميع أذرعها الصفوية في الدول العربية , و تستغل سفاراتها وقنصلياتها و ما يسمى "المراكز الثقافية" في تلك الدول لنشر التشيع والعقيدة الرافضية الاثني عشرية , ولعل الضجة الإعلامية الأخيرة حول كشف حقيقة عمل سفير إيران في الجزائر , وردود الأفعال الشعبية التي طالبت بطرده من البلاد بعد ثبوت استغلال عمله الدبلوماسي لنشر التشيع ......ما يثبت وجوب مواجهة هذا الخطر والداء الخبيث .

 

 

 

وأما التنصير فتاريخه في الجزائر يعود إلى ما قبل الاحتلال الفرنسي , فبعد ثبوت فشل الحملات الصليبية العسكرية على العالم الإسلامي , تبنى الغرب السلاح الفكري الثقافي كبديل عنه , وجند المئات من المنصرين ليجوبوا بلاد المسلمين طولا وعرضا , بهدف نشر الدين النصراني المحرف , و معها الفكر والعادات والتقاليد الغربية المنحرفة , ليأتي الاحتلال الفرنسي ليزيد من خطر التنصير في بلد المليون شهيد .

 

 

 

أما في العصر الحديث فقد أثبتت أكثر من دراسة استمرار خطر التنصير في الجزائر , فقد كشف تحقيقان أعدهما ثلاثة باحثين جزائريين عن تزايد معدلات التنصير في الجزائر لم تعهده البلاد من قبل , مشيرين إلى وصول عدد المتنصرين إلى 10 آلاف في الأعوام الخمسة الأولى من الألفية الثالثة , منوهين إلى تزعم الإنجيليين والكنيسة البروتستانتية لحملات التنصير الحديثة بعد فشل الكنيسة الكاثوليكية بتنصير المسلمين على مدى عقود وقرون خلت .

 

 

 

اللافت في التحقيقان تأكيد الباحثين الجزائريين حرية الحركة والعمل التنصيري الذي يتمتع به المنصرون في الجزائر , في ظل غياب أي رقابة حكومية على نشاطهم المحموم , الذي يتستر كالعادة بالعمل الخيري والجمعيات الخيرية والطبابة والمكتبات و الثقافة .....وغيرها .

 

 

 

والحقيقة أن رئيس جمعية العلماء المسلمين في الجزائر قد أشار إلى هذا التقصير , وذلك من خلال تأكيده أن الجهات الرسمية في الجزائر يمكنها أن تتصدى لهذه التيارات الوافدة على البلاد " التنصير ونشر التشيع" إذا توافرت الإرادة الكافية لذلك .

 

 

 

وفي الوقت الذي اعترف فيه وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري محمد عيسى قد اعترف من قبل بوجود محاولات لنشر التشيع في البلاد , كما اعترف بنشاط أشخاص ينتمون إلى الطائفية "الأحمدية" في بلاده – وهي طائفة تؤمن بأن مؤسسها ميرزا غلام أحمد القأدياني رسولا بعد خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم - داعيا خلال مشاركته ضمن فعاليات الدورة السادسة من الملتقى الدولي للقرآن الكريم بجامعة قسنطينة الأسبوع الماضي كل من انجرّ خلف تلك التيارات و الطوائف الدخيلة للعودة إلى المنهج الذي تتبعه الجزائر ممثلا في المذهب السني المرتكز على الوسطية ....... لم يتطرق الوزير إلى الحملات التنصيرية في البلاد من قريب أو بعيد !!

 

 

 

لا يمكن التهوين بخطر أي من هذه المذاهب الباطلة والأديان المحرفة والتيارات الفكرية الهدامة , فهدفهم المشترك واحد ألا وهو : استهداف الإسلام السني وإخراج أتباعه من الدين الحق , والنيل من هوية الدول العربية والإسلامية , وهو ما يستدعي مواجهتها بكل السبل الممكنة قبل أن يستفحل خطرها وينتشر داؤها في جسد الأمة المنهك من تكالب الأعداء و كثرة الجراح.