أمريكا تؤكد دعمها للحوثيين
4 جمادى الأول 1438
د. زياد الشامي

لم تكن عملية الإنزال البري الأمريكية التي جرت في محافظة البيضاء اليمنية منذ أيام إلا حلقة في سلسلة الأدلة والبراهين التي تؤكد وجود تعاون وتنسيق بين الانقلابيين الحوثيين والبيت الأبيض , وهو ما يتنافى ويتناقض مع ما تعلنه الولايات المتحدة من دعمها للشرعية , و تأييدها للعملية العسكرية للتحالف العربي الذي تقوده السعودية , وعدم اعترافها بالانقلاب الحوثي على الشرعية اليمنية !!!

 

 

 

عملية الإنزال البري الأمريكية أدت إلى مقتل عدد من المدنيين أبرزهم : 5 أطفال و7 نساء ، بالإضافة إلى شخصيات يمنية بارزة كــ : "عبد الرؤوف الذهب" الذي يعتبر من أبرز مشائخ قبيلة منطقة قيفة، والذي يتزعم مقاومة الحوثي والمخلوع صالح .

 

 

 

وعلى الرغم من أن حصاد العملية وضحاياها كانوا من زمرة المدنيين , بل معظمهم من النساء والأطفال...... إلا أن الإدراة الأمريكية زعمت أن المستهدف من العملية عناصر من القاعدة , وحاول "ترامب" الترويج للعملية بأنها ضد القاعدة , زاعما في بيان أنها أدت إلى مقتل نحو 41 مسلحا !! – حسب وصفه -  ، وأنها ستساعد الولايات المتحدة في منع العمليات الإرهابية ضد مواطنيها وضد البشر حول العالم !!!

 

 

 

لا يعنينا كثيرا في هذا المقام ما تقوله الإدارة الأمريكية أو ما يدعيه البيت الأبيض لتبرير إرهابه وجرائمه في كل أنحاء العالم , بل الأكثر أهمية في العملية ما تشير إليه من دلائل إضافية على وجود تنسيق وتعاون مباشر بين العم سام والانقلابيين الحوثيين أتباع خامنئي وإيران .

 

 

 

فالمحللون يكادون يجمعون على أن الإنزال الأمريكي الذي تم فجر الأحد في اليمن يكشف عن تعاون بين الأمريكيين والمتمردين الحوثيين , وأنه يندرج ضمن التخادم والشراكة بين مليشيات الحوثي وأمريكا داخل اليمن، حيث إن الطرفين يتقاسمان العداء مع من استهدفوا في الغارة الأمريكية حسب ما أكده المحلل العسكري اليمني علي الذهب .

 

 

 

والحقيقة أن كل الوقائع على الأرض تؤكد هذا التعاون وذلك الدعم والتنسيق , فعملية الإنزال وقعت بمحافظة البيضاء التي يسيطر عليها الحوثيون ، وهو ما يعني أن هناك تنسيقا أمنيا واستخباراتيا بين الطرفين , وأن جميع مزاعم العداء وتبادل الاتهامات والتصريحات النارية وعدم الاعتراف بالآخر ليست إلا ذرا للرماد في العيون لا أكثر .

 

 

 

ويكفي تأكيدا على ذلك ما نقلته وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم : إن العملية تمت بالتنسيق مع وزارة الدفاع في صنعاء ، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين .

 

 

 

بل إن أحد المحللين يعتقد بأن "العملية الأميركية تمت بإسناد أرضي عبر خلية الاتصال الموجودة في الأمن القومي بصنعاء ، والتي ظلت تعمل دون انقطاع لدعم مهمة الطائرات الأميركية دون طيار التي تستهدف عناصر مفترضة لتنظيم القاعدة" , وهو ما يعني أن الأمر يتجاوز مسألة التنسيق بين العم سام وأتباع ملالي إيران إلى التعاون والتحالف والشراكة .

 

 

 

ليس التعاون الأمريكي مع الحوثيين والمخلوع صالح بجديد , فقد أثبتت وقائع الأحداث اليمنية منذ الانقلاب الحوثي على الشرعية وجود دعم أمريكي واضح للحوثيين , والذي يتزامن دائما مع كل مرة تبدو فيها بداية هزيمتهم قاب قوسين أو أدنى , حيث يتم إحياء عملية السلام من رقادها حينئذ , وتتوالى الضغوط على التحالف العربي للقبول بما يسمى الهدنة ووقف إطلاق النار , الذي خرقته دائما مليشيا الحوثي واستغلته لصالح الاستمرار في حربها ضد الشعب اليمني وإرداته .

 

 

 

ولم يخرج الإنزال البري الأمريكي – على ما يبدو – عن هذا السياق هذه المرة أيضا , فهو يتزامن مع تقدم كبير للجيش الوطني اليمني المدعوم من قوات التحالف العربي , حيث تم الإعلان مؤخرا عن تحرير مدينة المخا غرب تعز بالكامل , ناهيك عن انهيار ملحوظ في صفوف مليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح .

 

 

 

اليافطة التي تحاول من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية التغطية على جرائمها عابرة القارات وإرهابها الذي يتجاوز الحدود والمحيطات هي : "محاربة الإرهاب" !! ذلك الإرهاب المفصل على مقاسها وبما يتناسب مع أهوائها وأطماعها وأجندتها في العالم , والذي لم تدرج في قوائمه حتى الآن بشكل فج ومفضوح إلا الجماعات المنسوبة لأهل السنة !! أما إرهابها هي في كل من العراق وأفغانستان , وإرهاب المليشيات الرافضية التي تعمل تحت غطائها في كل من العراق وسورية واليمن ....فهو بمنظورها ليس إلا "محاربة للإرهاب" !!

 

 

 

ومن هنا يمكن قراءة ما تمارسه أمريكا في كل من العراق وسورية واليمن , فالحوثيون الانقلابيون في اليمن لم تصنفهم أمريكا كإرهابيين رغم جرائمهم البشعة ضد الشعب اليمني بأكمله , وكذلك الحشد الصفوي في العراق ومليشيا حزب اللات وأمثاله في سورية مما لا يمكن حصر مجازرهم الوحشية بحق السوريين والعراقيين ....., في الوقت الذي تعتبر فيه تنظيم القاعدة وبعض فصائل الثورة السورية إرهابيين !!!

 

 

 

لا يبدو أن سياسة العم سام التي تحالفت بشكل معلن مع إيران مؤخرا , وأطلقت يدها في المنطقة العربية على حساب المسلمين من أهل السنة , وجعلتها رأس حربة لتنفيذ أجندتها الجديدة في المنطقة .....في وارد إحداث أي تغيير جوهري في هذه السياسة قريبا .....اللهم إلا إذا وجدت مواجهة قوية وفاعلة من الدول السنية , وأدت إلى تهديد مصالح أمريكا في المنطقة .