3 رجب 1438

السؤال

أنا فتاة عمري 20 عاماً، أعاني مشكلة اكتئاب ويأس من الحياة، كنت ودودة، ومحبة للناس، صرت أكره الناس حتى المقربين جداً، وصرت أحسد الناس السعداء، رغم أن الله أكرمني بنعم كثيرة. أحب أن أظهر جميلة وأسعى أن أكون فائقة الجمال، رغم أنني جميلة. أصبحت أكرر جملة: لماذا خلقنا الله؟ أخاف من الفشل، أو أن أحصل على درجات قليلة في الدراسة. أعاني مشكلة في تأخير الصلاة، وعند أول رمضان، أتوب لكن بعد مدة أعود وأهمل من جديد. علاقتي بأمي تدهورت فأنا أعزل نفسي في غرفتي بدون أكل ولا شرب ولا أصلي، أنا حساسة أحزن من أي كلمة، وأيضا عصبية لأي فعل، الآن عائلتي تتهمني أنني أثير دائما المشاكل، دائما أفكر في الانتحار، لكن أتوب عن هذه الفكرة لأنني أعلم أن المنتحر يدخل النار مباشرة، أمي حزينة منى وتدعى علي وتقول لي اعلمي أن دعاء الأم مستجاب.

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

الابنة السائلة:

من حديثك فهمت أن قلبك رقيق، تتظاهرين بالجمود مع من حولك مع أنك في الوقت نفسه غير راضية عن ذلك وكثيرة العتاب لنفسك، بل يبدو أنك تحاسبين نفسك بدليل توبتك المتكررة، وهذا من أفضل الأشياء، فأجد من حديثك أن قلبك يرجو الله تعالي، دائمة الخوف منه على تقصيرك.

فكل هذه الصفات الطيبة ستقودك بإذن الله تعالي للفرار من هذه المشكلات والعوائق التي في طريقك، وتصل بك إلى بر الأمان، لكن عليك أن تعلمي عدة أمور:

اعلمي أن الله تعالى خلقنا جميعا لعبادته، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، خلقنا لأداء الأمانة العظمى من توحيده سبحانه ونشر الخير والهدى والاستخلاف الصالح في الأرض.

أما الاكتئاب واليأس فلا يأتي إلا بسبب البعد عن الله تعالى فإذا تواصلتِ به سبحانه استطعتِ التغلب عليه.

والصلاة ابنتي هي باب الإصلاح النفسي والحياتي، فأنت تعلمين أنها أول ما يحاسب عليها العبد يوم القيامة، فإذا صلحت صلح باقي أعماله وإذا فسدت فسد باقي أعماله فاجعليها من أسس حياتك ومحاورها الرئيسة ولا تستسلمي لإغفال الشيطان لك عنها.

ثم حاولي الإكثار من الاستغفار والإصرار على تكرار التوبة، فلا تنتظري أول رمضان أو غيره، فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يتوب في اليوم أكثر من مائة مرة.

ثم المداومة على ذكر الله سبحانه الذي يهدئ النفوس ويذهب كيد الشيطان، فالمداومة علي أذكار الصباح والمساء، مع محاولة المحافظة على ورد قرآني يوميا.

واحذري من وسوسة الشيطان فهو لا يريد إلا أن يضلك عن الحق لعنه الله، ويسعى لإحزانك وإيلامك.

ابنتي الكريمة:

اعلمي أن الجمال الحقيقي ليس جمال الشكل لكنه جمال الجوهر والقلب، والروح والخُلق، وهذا يأتي بفعل الصالحات حتى يحبك الله تعالي، فإذا أحبك نادى على ملائكة السماء أن تحبك الملائكة، فينزل حبك في قلوب البشر، وهنا سوف تجدين السعادة الحقيقية، وعندها سوف تستشعرين جمالك الذي تتمنينه.

ابنتي الفاضلة:

ما زالت الفرصة معك لتحاولي التقرب لأمك ببرها، وطاعتها، ومساعدتها فهي تحتاج لمن يساندها، أو بالكلمة الطيبة، أو بالهدية الحسنة، وثقي أن قلب الأم عطوف ينسى الإساءة، وستجدين كل كلمة قالتها لك بغضب سوف تتغير بمجرد برها، واجعلي صدرك واسعاً وخذي الكلام بالحب والمزاح ولا تأخذيه بالكره والغضب، فبر الوالدين أحسن الخيرات وهو بابك إلى الجنة، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.