وما زال لبنان مختطفا من مليشيا إيران
8 جمادى الثانية 1438
د. زياد الشامي

لم يكن ما كشفه برنامج "ما خفي أعظم" الذي بثته قناة الجزيرة الفضائية أمس الأحد من حقائق هيمنة حزب اللات على لبنان , وسعيه منذ زرعه في الجنوب - باسم مقاومة الاحتلال الصهيوني - لتحويل هذا البلد العربي إلى بلد يدور في فلك الأطماع الصفوية وأحلام إعادة أمجاد الامبراطورية الفارسية البائدة , وتورطه في اضطهاد وقمع أهل السنة وتهميشهم والقضاء على أي قوة لهم يمكن أن تظهر في بلد الأرز ...... بالأمر الجديد أو الخفي , فحقيقة تعرض هذا البلد للاختطاف بكل ما تحمله الكلمة من معنى من قبل مليشيا إيران باتت أقرب إلى البدهيات التي لا تحتاج إلى مزيد من الأدلة والبراهين .

 

 

 

إلا أن البرنامج الذي يعده الإعلامي الفلسطيني تامر المسحال ، كشف عن فصل خبيث من فصول تورط مليشيا إيران في اضطهاد أهل السنة بلبنان وإفشال أي محاولة منهم للدفاع عن أنفسهم وعن بلدهم , وإسكات أي صوت يطالب بوقف تغول الرافضة ليس في لبنان فحسب بل وفي دول الجوار أيضا "سورية نموذجا" , وإخماد أي مسعى لإنشاء أي نواة لقوة مسلحة داخل لبنان غير عصابتها المسلحة والموالين لها .  

 

 

 

البرنامج كشف عن معلومات خطيرة عن أحداث "عبرا" التي وقعت بين الجيش اللبناني ، وجماعة الشيخ أحمد الأسير عام 2013م , وأثبت بالوثائق المصورة، والمسجلة صوتيا، مشاركة حزب اللات وسرايا ما يسمى "المقاومة" الموالية لها في المعركة ضد الأسير وجماعته .

 

 

و وفقا لتحقيق "الجزيرة" فإن مشاركة حزب اللات في القضاء على ظاهرة الأسير وجماعته بدأت باستئجار شقق لعناصره في "عبرا" بالقرب من مسجد بلال بن رباح الذي كان الأسير يخطب فيه قبل الأحداث .

 

 

 

وفي الوقت الذي نصب فيه الجيش اللبناني حاجزا بالقرب من مسجد الأسير , وتحديدا أثناء تواجد مدير مكتب الشيخ الأسير أحمد الحريري - المتواري عن الأنظار الآن - مع عناصر الجيش للتفاهم حول إبعاد الحاجز قليلا عن مدخل مسجد بلال للتسهيل على المصلين , بدأ إطلاق الرصاص الحي عليه وعلى عناصر الجيش اللبناني ما أدى لمقتل ضابط وإلصاق التهمة فورا بالأسير وجماعته , لتشتعل المعركة التي خلفت 19 قتيلا من الجيش و15 من جماعة الأسير واعتقال العشرات منهم .

 

 

 

الحريري أكد في البرنامج أن عناصر حزب اللات هم من بادر إلى إطلاق النار من الشقق التي استأجروها مسبقا ، وهم من أشعل فتيل المعركة التي أنهت ظاهرة الأسير الذي قال من معتقله في سجن رومية : إن ما جرى في معركة "عبرا" الدامية في صيدا جنوبي لبنان صيف 2013م بين جماعته والجيش اللبناني ، كان مؤامرة حاكتها أطراف سياسية لبنانية مختلفة لصالح حزب الله وحلفائه .

 

 

 

الأسير الذي اختفى بعد المعركة لمدة عامين قبل أن يتم اعتقاله أثناء محاولته الخروج من مطار بيروت متنكرا قال للجزيرة : إن وزير الداخلية السابق "مروان شربل" اتصل به قبل معركة عبرا وأبلغه بأن قرارا اتخذ لإنهائه , مؤكدا أن "إعلان تسليح جماعته كان قانونيا، وبعلم رئيس الحكومة وعدد من الوزراء".

 

 

مدير مؤسسة "لايف" الحقوقية نبيل الحلبي انتقد قيام حزب الله باستئجار شقق بمحيط مسجد "بلال" , وطلبه من سكان العمارات مغادرتها متسائلا : هل تحول الحزب إلى ضابطة عدلية؟

 

 

 

كما اعتبر الحلبي مشاركة حزب الله في القتال جريمة لم يتم التحقيق فيها، ولم يتم كذلك التحقيق مع أي من العسكر الذين عذبوا المعتقلين ومنهم نادر البيومي الذي سلم نفسه ومات تحت التعذيب .

 

 

 

وعلى الرغم من وجود الكثير من الأدلة على تورط حزب اللات بأحداث "عبرا" الدامية , و عدم إنكار رئيس ما يسمى "اتحاد علماء المقاومة" الموالي للرافضة الشيخ ماهر حمود استئجار حزب اللات الشقق قبيل اندلاع المعركة .......إلا أن ذلك لم يدفع مؤسسات لبنان لإدخال الحزب و ما يسمى "سرايا المقاومة" ضمن ملف القضية حتى الآن ، بدعوى : أنه لا بد من التثبت من الصور والفيديوهات التي تثبت مشاركة الحزب في القتال ومن ثم تقديمها للقضاء حسب وزير الداخلية الأسبق مروان شربل .

 

 

 

بل يمكن القول : إنه وبالرغم من مرور 3 أعوام على الحادثة إلا أنها ما زالت حتى هذه اللحظة عالقة جراء ما يعتبره حقوقيون سيطرة فريق سياسي على المحكمة العسكرية التي تنظر في القضية , حيث رفضت المحكمة إدراج اعتراف علي الجعفيل - العنصر في سرايا ما يسمى المقاومة - بأنه أطلق الرصاص بعد وصول تعميم من حزب الله حسبما أكد المحامي محمد صبلوح .

 

 

 

إن أهم ما يمكن التعليق عليه فيما يخص الحقائق التي كشفها برنامج الجزيرة "ما خفي أعظم" أمس أن حزب اللات ما زال مهيمنا على معظم مؤسسات الدولة اللبنانية , وأنه يمارس دور الدولة ضمن الدولة , بل ويستخدم مؤسسات الدولة - وعلى رأسها المؤسسة العسكرية – لإخماد أي صوت يعارض تدخله العسكري لوأد وإجهاض الثورة السورية , أو يناهض سياسته بتحويل لبنان إلى بؤرة لتنفيذ أجندة إيران ومشروعها الصفوي التوسعي .