دور المنظمة الدولية في دعم الطغاة والانقلابيين
14 رجب 1438
د. زياد الشامي

العدو الحاقد اللدود لا يمكن أن يكون محايدا في أي قضية تتعلق بعدوه فضلا عن أن يكون صديقا , كما أن الأداة التي يصنعها العدو لا يمكن أن تكون إلا نسخة طبق الأصل عن توجهاته وأهدافه , إذ إنها تحمل نفس الجينات العدائية والمورثات الحاقدة .

 

 

 

هذا ما يمكن أن توصف به المنظمة الدولية التي أنشأتها الدول المعادية للإسلام والمسلمين بعد الحرب العالمية الثانية , لتكون الأداة التي يتم من خلالها شرعنة إعلان الحرب على الدول الإسلامية , وقتل أهلها وتهجيرهم من ديارهم وتدمير بلادهم وتمزيقها .....بأيديهم تارة وبأدي عملائهم وأزلامهم وصبيانهم تارة أخرى .

 

 

 

وإذا كانت جريمة تسهيل وتمرير احتلال الصهاينة لأرض فلسطين , وشرعنة تهويد القدس الشريف ومحاولة هدم الأقصى المبارك , والاستمرار بطمس المعالم الإسلامية في الأراضي المقدسة هي من أبرز ثمار المنظمة الدولية الخبيثة , فإن ما تقوم به اليوم من دعم الطغاة والانقلابيين والطائفيين في بلاد الشام واليمن لا يقل خطرا وخبثا .

 

 

 

ففي اليمن ما زالت المنظمة الدولية تدعم الانقلابيين الحوثيين بشتى أنواع الدعم المادي والمعنوي , ويكفي في هذا المقام التركيز على دعم منظمة اليونيسيف التابعة لـ الأمم المتحدة للحوثيين بما يخص عملية تغييرهم للمناهج الدراسية بما يتناسب مع مشروعهم الطائفي الصفوي .

 

 

 

فقد كررت الحكومة الشرعية اليمنية اتهامها لمنظمة اليونيسيف بدعم الحوثيين في طباعة تلك المناهج , وكشف وزير التربية والتعليم اليمني "عبد الله لملس" عن رفض اليونيسيف التعامل مع الحكومة الشرعية لتمويل طباعة الكتب المدرسية بمطابع الوزارة في عدن والمكلا ، بينما قامت بتمويل الحوثيين بألف طن من الورق ومستلزمات الكتب لطباعة المناهج في صنعاء ، وهي التي تضمنت تغييرات "طائفية".

 

 

 

وعن تفاصيل ملامح التغيير الحوثي للمناهج الدراسية كشف الوزير عن قيام الحوثيين بالإساءة للسيدة عائشة رضي الله عنها وحذف سيرتها من الكتب المدرسية ، وكذلك حذف أسماء الصحابة وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم , ناهيك عن عبثهم بــ آيات قرآنية وأحاديث شريفة في صفحات محددة ، وهو ما فعلوه مثلا في سورتيْ الشمس والنور ....

 

 

 

وفي مواجهة هذه التغييرات وجه الوزير اليمني تعميما وزاريا الشهر الماضي بمنع توزيع طبعة كتاب القرآن الكريم والتربية الإسلامية للصف الأول أساسي ، وكتاب مادة القرآن الكريم والتربية الإسلامية للصف الثاني ، وكتاب التربية الاجتماعية للصف الثالث الابتدائي .

 

 

 

لم تستجب المنظمة الدولية - بعد ثبوت تورطها بدعم الانقلابيين الحوثيين – لمطالب الحكومة اليمنية الشرعية باتخاذ موقف حاسم في هذا الموضوع , ولم تتخذ أي إجراء فعلي تجاه الحوثيين , رغم الاحتجاج الذي عبر عنه الوزير اليمني "لملس" لممثلة اليونيسيف باليمن بعد استدعائها , وهو ما يشير إلى إصرار المنظمة الدولية على دعم من ثبت تورطهم بجريمة الانقلاب وجرائم أخرى لا مجال لذكرها في هذه العجالة .

 

 

 

ليس غريبا على المنظمة الدولية ومؤسساتها تلك الازدواجية المتناقضة في تعاملها مع ملفات المنطقة الساخنة , والتي إن دلت على شيء فإنما تدل على أنها في صف أعداء الإسلام والمسلمين على طول الخط مهما كان وصفهم أو موقعهم .

 

 

 

ففي اليمن مثلا تتعامل المنظمة الدولية ومؤسساتها مع الانقلابيين الحوثيين رغم وجود حكومة شرعية معترف بها دوليا ممثلة بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي , بل وتدعم الطائفيين بجميع وسائل الدعم الذي يضفي عليهم وعلى انقلابهم سمة الشرعية والاعتراف الدولي .

 

 

 

ومن هنا يمكن قراءة رفض منظمات الأمم المتحدة دعوة الرئاسة اليمنية والحكومة الشرعية بتحويل مقرات منظماتها إلى عدن باعتبارها عاصمة الشرعية , بل و قيام مسؤولي ومندوبي المنظمات الأممية بالتنسيق مع الانقلابيين وزيارة بعض مناطق صنعاء ، في الوقت الذي يرفضون فيه زيارة المناطق المحررة أو المتضررة بشكل كبير مثل محافظة تعز التي تحاصرها المليشيات الصفوية منذ عامين !!

 

 

 

وضمن هذا الإطار يمكن تفسير امتناع المتحدثة الرسمية لليونيسيف بالشرق الأوسط "جولييت تومة" المقيمة بالعاصمة الأردنية عمّان، عن الإدلاء بأي تعليق لوسائل الإعلام حول الاتهامات الحكومية بدعم المنظمة للحوثيين، مكتفية بترديد عبارة لا معنى لها سوى الاعتراف بالدعم بطريقة مختلفة : "حتى الآن ما زلنا نتقصى حقيقة الموضوع"!!

 

 

 

في المقابل يلحظ المتابع كيف تحاول المنظمة الدولية تبرير تعاملها مع طاغية الشام بدمشق , وتنسيقها الكامل مع زبانيته وأجهزته الأمنية القمعية بحجة كونه الحكومة "الشرعية" , رغم فقدانه للشرعية المزعومة باعتراف معظم دول العالم بسبب المجازر الوحشية التي تم توثيق مسؤوليته عنها بعد انطلاق الثورة السورية , بما في ذلك استخدامه للسلاح الكيماوي المحرم دوليا مرات عديدة .

 

 

 

بل إن دعم المنظمة الدولية لطاغية الشام وصل إلى حد إشرافها المباشر على جريمة تهجيره الممنهج لكثير من الشعب السوري المسلم من ديارهم , والصمت والسكوت عن عمليات حصار الطاغية وزبانيته لمدن وبلدات كثيرة في أرض الشام لأشهر , والتلاعب بالتقارير التي تصدر عن المنظمة الأممية بما يتناسب مع أجندة الطاغية بدمشق .

 

 

 

لم يعد دعم المنظمة الدولية للطغاة والانقلابيين بحاجة إلى دليل أو برهان , فما تقوم به في كل من سورية والعراق واليمن........ كاف لإثبات هذه الحقيقة الصارخة , فهل يدرك ذلك من لا يزال يعول على المنظمة الدولية لحل ازماتنا أو إنصافنا من أعدائنا ؟!!