دلالات حظر الدنمارك دخول بعض الدعاة
7 شعبان 1438
د. زياد الشامي

"آراء معادية للديمقراطية".......بهذه الجملة الغامضة والعبارة الهلامية المطاطية و الذريعة الواهية بررت مصادر رسمية في الدنمارك قرار حظر دخول 5 من الدعاة البارزين في العالم الإسلامي أراضيها حسب ما أعلنت دائرة الهجرة الدنماركية أمس وهم : الشيخ سلمان العودة والشيخ محمد العريفي من السعودية , والداعية السوري المقيم في الأردن محمد راتب النابلسي، إضافة إلى الداعية الأمريكي كمال المكي، والداعية الكندي بلال فيليبس الذي أقام في كوبنهاغن عام2011م .

 

 

 

وياتي هذا الحظر كأول تطبيق لقانون "القائمة الوطنية العامة"، الذي صدر نهاية العام الماضي ، ويتيح للحكومة الدنماركية ذات التوجه اليميني ، حظر دخول حاملي الجنسيات الأجنبية إلى أراضيها ، إذا رأت أنهم "معادون للديمقراطية الأوروبية" على حد وصفها .

 

 

 

وزيرة الهجرة الدنماركية "آنغر ستويبرغ" علقت على قرار الحظر بالقول : إن حكومة بلادها "لا ترحب بهؤلاء الرجال، لممارساتهم المعادية للمجتمع الدنماركي" حسب زعمها مضيفة في بيان : "سعيدة جدا لأنه بات واضحا للجميع أن هؤلاء الدعاة غير مرحب بهم في الدنمارك" !!

 

 

 

لم يصدر عن  الدعاة الذين شملتهم القائمة أي تعقيب أو تعليق على قرار حظر دخولهم للدنمارك ، أو الاتهامات الموجهة لهم.....ربما لأن تصرفات وممارسات دول القارة العجوز تجاه المسلمين عموما فضلا عن الدعاة والعلماء أضحت من العنصرية المقيتة التي تحتويها , والعلانية في عدائها لأهل السنة على وجه الخصوص ...لم يعد يجدي أو يفيد معه أي تعليق أو تعقيب .

 

 

 

كثيرة هي الدلالات التي يمكن للمتابع أن يستخلصها من مثل هكذا قرار لعل أهمها :

 

  • سرعة انحدار دول القارة العجوز نحو المزيد من العنصرية ضد المسلمين ومزيد من التطرف تجاه كل ما يتعلق بدين الله الخاتم , وذلك بالتزامن مع وصول قادة أحزاب يمينية متطرفة إلى المنافسة على كرسي الحكم في أكثر من بلد اوروبي .

 

 

يكفي أن يستمع المتابع لخطاب بعض رؤساء الأحزاب الأوروبية المتطرفة التي تعج بعبارات التمييز ضد المسلمين ويمتلئ بالتحريض عليهم وتهديدهم , سواء في خطابات "ترامب" الأمريكي أثناء حملته الانتخابية قبل أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية لاحقا , وكذلك خطاب مرشحة التيار اليميني المتطرف في فرنسا "مارين لوبان" التي انتقلت إلى الدور الثاني مؤخرا , ناهيك عن نتائج الانتخابات البرلمانية الهولندية التي أفرزت حصول حزب الحرية الذي يتزعمه المعادي للإسلام والمسلمين "فيلدرز" على 24 مقعدا في البرلمان بعد أن كانت سابقا 9 مقاعد فقط .....ليتأكد له أن الأمر يتعدى مسألة رئيس حزب أو تيار إلى توجه اوروبي عام نحو العداء لدين الله الإسلام وأتباعه .

 

 

 

  • اتساع الهوة بين ما تدعيه دول القارة العجوز وما ترفعه من شعارات الديمقراطية والمساواة والحرية وحماية حقوق الإنسان , وبين واقع العنصرية والتمييز وتضييق الخناق وهضم الحقوق الذي يشتكي منه الكثير من المسلمين الذين يعيشون في أوروبا .

 

 

التقارير والإحصائيات التي تصدر تباعا في أمريكا ودول القارة العجوز تؤكد ذلك , والتي تعتمد على وقائع تشير إلى نمو خطاب الكراهية ضد المسلمين هناك بشكل ممنهج ومتسارع , وأحداث عنف واعتداء ضد كل ما هو إسلامي لا تدع مجالا للشك بأن أوروبا تزداد تطرفا .

 

 

 

  • الازدواجية المفرطة في طريقة وأسلوب تعامل الغرب مع المسلمين ورموزه ودعاته في مقابل تعامله مع رموز ودعاة الأديان والملل والمذاهب الأخرى , ففي الوقت الذي يمنع فيه بعض دعاة دين الله الحق من دخول أراضيه – الدنمارك نموذجا – نراه يسمح لرموز الرافضة و ممثلي ملالي قم وأصحاب العمائم السوداء التابعة لخامنئي تصول وتجول في دول القارة العجوز .

 

 

وبينما تفتري تلك الدول الكذب على الدعاة من أهل السنة وتكيل لهم الاتهامات الباطلة من أمثال "نشر الكراهية والغلو والتطرف" دون أي خجل من واقع سيرتهم وحقيقة خطابهم الوسطي المعتدل المناوئ لمظاهر الغلو والتطرف والانحراف عن منهج دين الله الحق .....تراها تتعامى عن حقيقة خطاب الكراهية الذي يبثه رموز خامنئي في دول القارة العجوز , وتستقبل وتحتضن مَن يحرضون على العنف وسفك الدماء من ممثلي إيران الصفوية في عواصمهم .

 

 

 

يكفي الاستشهاد هنا بــ بريطانيا التي أبعدت الكثير من الشخصيات بسبب ما وصفته "الأفكار المتشددة" التي تحملها , بينما تحتضن الصفوي الرافضي "ياسر الحبيب" الذي لم يكتف بخطابه الطائفي المستفز ونشره للكراهية وتحريضه على العنف فحسب , بل وصل إلى درجة تنظيم عرض عسكري في إحدى مناطق المملكة المتحدة تحت دعوة لإنشاء جيش رافضي يصل من لندن إلى المملكة العربية السعودية !!!!!

 

 

 

لم يك عموم مسلمي أوروبا والدعاة على وجه الخصوص وحدهم من تأذى من هذه الازدواجية المقيتة , بل وصل ضررها إلى الجالية التركية المؤيدة لأردغان في عواصم ومدن تلك الدول بعد أن تم منع لقاء بعض ساسة الحزب الحاكم بتركيا مع المؤيدين للتعديلات الدستورية في الوقت الذي تم السماح لممثلي حملة "لا" لتلك التعديلات من الاجتماع واللقاء بمناصريهم .  

 

 

 

لا أحد يدري على أي أساس أو دليل أو برهان اتهمت فيه الدنمارك الدعاة المسلمين الخمسة بما وصفته "معاداة الديمقراطية والمجتمع الدنماركي" , وهو ما يشير إلى أن أوروبا قد وصلت إلى درجة من العداء للإسلام ودعاته بحيث لم يعد يعنيها الإجابة على مثل هذه الأسئلة المشروعة ؟!