"إن أكرمكم عند الله أتقاكم"
29 شعبان 1438
شعبان صوان

لاحظ بعض الأصدقاء الكرام أنه في الفترة الأخيرة تداولت مواقع التواصل خبراً مفاده أن جمهورية الصومال فرضت تأشيرة على دخول الفلسطينيين إلى أراضيها، وهذا خبر عادي جداً في زمن التجزئة الذي نصبت فيه الأسوار الاستعمارية العالية بين الأخ وأخيه وأصبح من سماته القبول بدخول الأجانب الغربيين إلى كثير من الدول العربية دون تأشيرة أو بالحصول على تأشيرة فورية في المطارات، وصار الصهيوني نفسه يدخل البلاد العربية بكل ترحيب، وفي نفس الوقت توضع القيود المشددة على دخول العرب والمسلمين، وربما كان هذا هو الحال بين دول كانت حتى عهد قريب تحسب ضمن تشكيلة جغرافية واحدة كمنظومة بلاد الشام أو منظومة وادي النيل أو منظومة الجزيرة العربية أو المغرب الإسلامي، ولكن الجديد الذي استتبع هذا الخبر الخاص بالصومال أنه صار مدخلاً لنكت عنصرية تنال من الشعب الصومالي الكريم وليس من الحكومة وحدها التي اتخذت هذا الإجراء المستنكر كبقية الحكومات العربية، وهذا والله من بقايا الجاهلية فينا والذي يجب أن نحرمه على أنفسنا كما حرمه الله لاسيما بعدما كنا نحن ضحايا العنصرية الغربية التي استهزأت بديننا وحضارتنا وقيمنا ولون بشرتنا وعدتنا من المخلوقات الدنيا، فأجدر بنا ألا نقبل بهذه المقاييس الإجرامية وألا نطبقها على أحد كما طبقها الآخرون علينا، وألا نصبح كالصهاينة المجرمين الذين اشتكوا من اضطهاد الأوروبيين لهم ثم صاروا هم من يضطهدون شعب فلسطين بنفس الإجراءات التي اشتكوا منها فيما سبق، فهل يليق بنا بعد ذلك أن نصبح طبعة صهيونية جديدة ونمارس العنصرية التي مورست ضدنا؟ ثم نشتكي من عنصرية الصهاينة الذين كانوا مضطهَدين فأصبحوا مضطهِدين ! وعلينا ألا نكون كالوزير الاستعماري المشئوم بلفور الذي سلب حقوقنا في فلسطين وبرر ذلك بكون العرب "عموماً برابرة، وهم قبائل سوداء متخلفة ومشرذمة"، إذ كما نرى آخرين كذلك يرانا آخرون.

 

أما عن التأشيرة فهي ممارسة ضد الفلسطيني حتى من الدول التي تصدر له وثائق سفره حيث تمنعه من الدخول إلا بتأشيرة على وثيقة سفره التي تحمل عبارة إن وزارة الداخلية ترجو تسهيل مرور حامل هذه الوثيقة، ولكن الحقيقة أنها غطاء لأبشع وسائل عرقلة المرور وتعطيل المصالح وممارسة الإذلال والانتقام، وهذا ليس خاصاً بتأشيرة دولة دون أخرى فالجميع يقومون بواجبات التجزئة التي أناطها الاستعمار بهم قبل رحيل جيوشه ولهذا يجب ألا يقتصر النقد على الصومال وحدها وهي على كل حال دولة حديثة في تطبيق هذه القيود كما أن النقد يجب ألا ينال شعباً عربياً مسلماً كريماً بجريرة نظامه الحاكم، ولو أردنا الإنصاف فإنه ليس هناك دولة عربية واحدة من الدول القليلة التي تعفي الفلسطيني من التأشيرة، فلماذا تخصيص الصومال بالنقد ثم التجاوز على الشعب الصومالي وليس القرار الحكومي فقط؟

 

المصدر/ صفحة الكاتب على فيس بوك