المستفيد والمتضرر من هجوم "مانشستر"
2 رمضان 1438
د. زياد الشامي

رغم تأكيد مسؤول بريطاني في مكافحة الإرهاب لشبكة "سي إن إن" : أن السلطات لم تكتشف بعد أي أدلة تشير إلى وجود صلات لمنفذ هجوم "مانشستر" مع جماعة إرهابية معروفة ....إلا أن "داعش" سارعت كالعادة إلى تبني العملية التي أودت بحياة ما لا يقل عن 22 قتيلا و 59 جريحا ما يعتبر الهجوم الأكثر دموية في بريطانيا منذ تفجيرات لندن في2005م .

 

 

 

البيان الذي أعلنت فيه "داعش" المسؤولية عن هجوم "مانشستر" أطلق على منفذ الهجوم وصف "جندي من جنود الخلافة" مشيرا إلى أنه تمكن من وضع عبوات ناسفة وسط تجمعات في مدينة مانشستر وتفجيرها في مبنى "أرينا" للحفلات التي وصفها بالبيان بأنها "ماجنة" ..... مهددا بأن القادم "أشد وأنكى" واضعا العملية في سياق الرد على بريطانيا وعملياتها في "ديار المسلمين" وفق تعبيره .

 

 

 

من جهتها كشفت الشرطة البريطانية عن هوية منفذ هجوم "مانشستر" الذي استهدف حشودًا من الناس كانت تغادر حفلا موسيقيا ؛ حيث قال قائد شرطة مانشستر الكبرى : "إيان هوبكنز" : إن منفذ الهجوم يُدعى "سلمان عبيدي" وكان يبلغ من العمر 22 عاما، كما أعلنت الشرطة منذ أيام إلقاء القبض على مشتبه به جديد على صلة بالهجوم ليرتفع عدد الأشخاص الذين ألقي القبض عليهم حاليا إلى سبعة أشخاص بينهم إمرأة.

 

 

 

قد لا يحتاج المتابع لما يجري في عواصم ومدن القارة العجوز عموما من أعمال عنف يتبناها ما يسمى "داعش" على عجل إلى كثير تأمل أو تفكير في معرفة المستفيد الأول منها والمتضرر الأبرز من آثارها وتداعياتها , فالواقع على الأرض يشير بشكل واضح إلى أن المسملين هناك هم أكثر المتضررين من أمثال تلك الهجمات , في حين أن المتوجسين من تزايد أعداد المسلمين في القارة العجوز والمتربصين بهم الدوائر هم أول المستفيدين من تشويه صورة دين الله الخاتم في أعين مواطنيه والعالم من خلال أعمال عنف وهجمات يتبناها تنظيم لم يعد عاقل ومنصف يشك في كونه صناعة مخابراتية دولية معادية لدين الله الإسلام .

 

 

 

تداعيات الهجوم السلبية على المسلمين في بريطانيا عموما ومانشستر على وجه الخصوص ظهرت سريعا , فقد عبر مسلمو مدينة "مانشستر" عن قلقهم من سلسلة الاعتداءات على المساجد ، التي بدأت بعد بضع ساعات من الهجوم الذي أوقع عشرات القتلى والجرحى في منطقة "أريانا غراند" .

 

 

 

صحيفة "ذا غارديان" البريطانية نقلت عن العضو في مجلس أمناء مركز مانشسترالإسلامي ومسجد "ديزبري" "فوزي حفار" قوله : "نشعر بقلق شديد إزاء التقارير المتزايدة التي نتلقاها بشأن أعمال مناهضة للمسلمين" ...مشيرا أن "السلوكيات المسيئة التي ترتكب بحق المسلمين تتدرج بين الإساءات اللفظية، والأفعال الإجرامية، التي تلحق بالمساجد في المنطقة وخارجها".

 

 

 

بينما أكد مدير ومؤسس منظمة "تل ماما"–  معنية بمتابعة الهجمات المعادية للإسلام في البلاد - ان "هناك ارتفاعا ملموسا في الحوادث التي استهدفت المسلمين خلال الـ 24 ساعة الماضية، بما في ذلك الاعتداء اللفظي والبصق وخلع الحجاب عن رؤس النساء المسلمات".

 

 

 

وأظهر مقطع مصور نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية هجوما متعمدا على مسجد بمدينة "أولدهام" البريطانية , ظهر فيه رجل يقوم بإشعال النار في مسجد بمدينة "أولدهام" ثم يهرب سريعا بعد تصاعد النيران به .... كما شهدت منطقة "جوربالز" في مدينة مانشستر مهاجمة المسجد المركزي أيضا .

 

 

 

قد لا يكون خطاب الكراهية في دول القارة العجوز ضد المسلمين فيها جديدا أو مقترنا ومتزامنا فحسب مع أمثال هذه الهجمات أوغيرها من أعمال العنف ....إلا أن تنامي هذا الخطاب وتزايد حالات الاعتداءات ضد المسلمين يمكن ملاحظتها بجلاء بعد كل هجوم ينسب ويتهم به مسلمون بشكل أو بآخر .

 

 

 

في المقابل لا يمكن لمتابع أن ينكر أو يجادل في أن المستفيد الأول من أمثال تلك الهجمات هم أولائك الذين يضمرون الحقد والعداء لدين الله الإسلام , ويتربصون بأتباعه وأهله ويكيدون لهم باليل والنهار , ويعبرون عن خوفهم وهلعهم من تحول دول القارة العجوز بعد عقود إلى دول إسلامية نتيجة استمرار تزايد وتضاعف أعداد المسلمين فيها بدخول الناس في دين الله أفواجا عن قناعة ورضا .

 

 

 

يمكن إدراك هذه الحقيقة بالنظر إلى الخط البياني لنتائج ما يسمى الأحزاب اليمينية الأشد عداء وكرها لدين الله في الانتخابات البرلمانية في دول القارة العجوز , فلم يكن التقدم اللافت لهذه الأحزاب في انتخابات السنوات الأخيرة هو الأمر الوحيد الذي يمكن ملاحظته فحسب , بل هناك القبول الشعبي العام لتلك الأحزاب الذي أوصلت بعض أكثر قادته تطرفا وعنصرية وعداء للمسلمين إلى سدة حكم دول ترفع شعار الحرية والديمقراطية وما زالت تزعم حمايتها ورعايتها لما يسمى "حقوق الإنسان" .

 

 

 

 لا شك أن هجوم مانشستر وأمثاله في مدن وعواصم دول القارة العجوز كان له دور في تحقيق ما تصبو إليه الأحزاب اليمينية الأوروبية وغيرها من الأحزاب والقوى المعادية لدين الله الإسلام , وذلك من خلال استغلال تلك الهجمات لتشويه صورة الإسلام الذي يزداد مع كل هذا الكيد والمكر انتشارا وتوسعا .