جهود إسلامية إغاثية في شهر الصيام
7 رمضان 1438
تقرير إخباري - محمد الشاعر

تفطير الصائم وإعانة المحتاج ومساعدة المنكوب والسعي على الأرامل والمساكين وإغاثة المنكوبين وتطبيب المرضى وتوفير الدواء اللازم لدائهم .....أعمال بر وخير محمودة في دين الله الإسلام في كل وقت وحين , إلا أنها تزداد أهمية وجزاء في شهر الصيام بكل تأكيد , وكيف لا وقد ورد في الحديث الصحيح عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ) البخاري برقم/6

 

 

 

كثيرة هي الدوافع والأسباب التي تستحث الأفراد والهيئات و المؤسسات في الدول الإسلامية على بذل المزيد من الجهود الإغاثية في شهر الصيام , فإذا كان الحرص على اغتنام فرصة مضاعفة الأجر والثواب على أعمال البر و أبواب الخير في شهر رمضان هي الأبرز ...... فإن تلبية نداء واجب القيام بتكاليف حقوق الأخوة تجاه المكلومين والمضطهدين من المسلمين في مختلف بقاع الأرض , ومحاولة الوصول إلى تجسيد عملي واقعي لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم في صحيحه : ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ).... هي في الحقيقة دوافع لا تقل أهمية في تحفيز وتحريك الأفراد والمؤسسات في الدول الإسلامية لإغاثة إخوانهم .

 

 

 

لا يمكن بأي حال من الأحوال حصر الجهود الفردية التكافلية الإغاثية التي يقوم بها المسلمون فيما بينهم في شهر الصيام وغيره , فهي من الكثرة والحرص على الإخفاء وعدم الإشهار بمكان ..... بينما يمكن إلقاء الضوء على بعض الجهود التي تقوم بها الهيئات والمؤسسات الإغاثية الخيرية , التي تعتمد في استمرار عملها على دعم الدول أو أهل الخير والمحسنين من المسلمين .

 

 

 

أبرز الجهود الإغاثية التي تلفت النظر في مستهل شهر رمضان لهذا العام هي جهود الهيئات والمؤسسات الإغاثية التركية والسعودية والكويتية والقطرية , فقد أكد نائب رئيس “هيئة الإغاثة الإنسانية” التركية عثمان أتالاي على أن الهيئة ستقوم بإرسال 300 ألف حزمة من المساعدات إلى 2.5 مليون شخص في أكثر من 100 منطقة حول العالم على أن تكون الأولوية لسوريا والصومال والسودان واليمن وفلسطين وبنغلاديش والعراق وميانمار.

 

 

 

وبالفعل فإن قوافل الإغاثة التابع للهيئة - التي قالت إنها تخطط للوصول إلى الملايين في جميع أنحاء العالم خلال شهر رمضان المبارك – قد استطاعت ترجمة أقوالها وتعهداتها إلى أفعال , ويمكن للقارئ والمتابع أن يقرأ ويسمع عن أخبار جولات الهيئات والمؤسسات التركية بين الدولة الجارة "سورية" التي أعلنت الهيئة عزمها إيصال المساعدات لنحو مليون سوري خلال شهر رمضان , وصولا إلى الدول العربية كالصومال والسودان , وليس انتهاء بالدول ذات الأقليات المسلمة المضطهدة كالروهينغيا في ميانمار .

 

 

 

يكفي أن نشير إلى بعض الأرقام في هذا الإطار : فقد أرسل وقف الديانة التركي مساعدات لحوالي 1000 أسرة محتاجة في أرياف محافظات الخرطوم وشرق النيل وأم درمان في السودان , كما وزع الهلال الأحمر التركي منذ يومين مساعدات غذائية على النازحين من مدينة الموصل والمقيمين في مخيمات شرقي محافظة نينوى شمالي العراق .

 

 

 

من جهة أخرى و بمناسبة حلول شهر رمضان وزع وقف الديانة التركي مساعدات غذائية على ألف و500 أسرة مسلمة في إقليم عفر شرقي إثيوبيا، والذي يعتبر من أكثر الأقاليم الإثيوبية المتضررة من موجة الجفاف، التي تضرب البلاد منذ عام 2014م , كما وصلت مساعدات هيئة الإغاثة التركية إلى حوالي 200 ألف إنسان فروا من "مورو" جنوب الفلبين نتيجة أعمال العنف هناك , وإلى قرى تبعد 800 كم عن عاصمة غانا "أكار" , وإلى أسر في جبال بلدة "دوباج" في البوسنة , وإلى سريلانكا والصومال .....الخ .

 

 

 

وعن جهود مركز الملك سلمان للإغاثة في هذا الإطار فيمكن ذكر تسليم المركز 70 طنا من التمور لبرنامج الغذاء العالمي العامل في السودان , و100 طن لبوركينا فاسو , و50 طنا لـ "بنين" , وتوزيع الآلاف من وجبات تفطير الصائم على اللاجئين السوريين فيلبنان في إطار مشروع تفطير 90 ألف لاجئ هناك , بالإضافة لتوزيع 30 ألف سلة غذائية على النازحين في محافظات سورية عدة , ناهيك عن الكثير من الاتفاقيات التي وقعها المركز لإغاثة وإعانة المسلمين المنكوبين في مستهل شهر رمضان .

 

 

 

ولعل من أشهر تلك الاتفاقيات التي وقعها المركز بمناسبة إهلال شهر الصيام : التوقيع على مشروع مع منظمة الصحة العالمية بأكثر من 8 ملايين دولار لمكافحة وباء الكوليرا باليمن , والتوقيع على مشروع إفطار الصائم يستفيد منه 234 ألف شخص في عدة محافظات يمنية , بالإضافة لمشروع توفير وجبات إفطار الصائم لأكثر من 112 ألف مسلم من الروهينغيا في ميانمار و189 ألف شخص في سورية بالتعاون المشترك مع هيئة الإغاثة الإنسانية التركية "IHH" .

 

 

 

لمؤسسة "راف" القطرية بصماتها الخيرة في شهر الصيام أيضا لعل أبرزها تفطير 15 ألف صائم طيلة شهر رمضان المبارك بالمسجد الأقصى , ومشاريع سلل غذائية وتفطير صائم وحفر آبار في دول القرن الإفريقي يستفيد منها أكثر من مليون وربع المليون شخص و بتكلفة إجمالية وصلت إلى 10 ملايين ريال قطري .

 

 

 

مؤسسة الرحمة العالمية الكويتية أبت إلا أن تكون لها مساهمة إغاثية في شهر المواساة وأن تكون البداية من سورية حيث وزعت المؤسسة سللا رمضانية على النازحين في ريف إدلب الشمالي وريف جرابلس ممن تم ترحيلهم إليها من مختلف المحافظات السورية , ناهيك عن تبنيها مشاريع تفطير الصائم في كل من أوكرانيا وألبانيا , ومشاريع سقيا الماء وكفالة الأيتام ......الخ .

 

 

 

لا يمكن الزعم بأن ما قامت به المؤسسات والهيئات الإسلامية في مستهل هذا الشهر الكريم من جهود ومشاريع لإغاثة المنكوبين والمحتاجين من أبناء الأمة كان كافيا أو وافيا , فاحتياجات المهجرين والمضطهدين من أبناء هذا الدين أكبر وأضخم من الجهود المبذولة بمراحل , إلا أنها على كل حال جهود طيبة مشكورة لا ينبغي إغفالها أو التعتيم عليها , فما لا يدرك كله لا يترك كله كما يقال , ومع التنسيق والتعاون بين هذه المؤسسات والهيئات والجمعيات يمكن تطوير العمل الإغاثي الإسلامي إلى المستوى المرجو والمأمول .