10 ربيع الثاني 1439

السؤال

أنا في حيرة، وأعاني من تردد في حياتي، مخطوبة من شخص أقل مني في الحالة المادية، ونحن مخطوبان من ثلاث سنوات، في البداية وافقت لأني وجدته محترماً ويريدني، لكن أصبحت مترددة من الارتباط به، وأحاول أقنع نفسي به، وعندما دخلت مجال العمل وخالطت بعض الأشخاص وجدتهم يبدون لي اهتماماً، مما جعلني أفكر مجدداً في خطيبي وحياتي، أنا خائفة من أن أندم بعد الزواج.

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

لست وحدك تنتابك الحيرة، لكن كثيرات من الفتيات بعد أن يحددن خطواتهن ويرسمن لأنفسهن طريقاً ليسرن عليه، فعند أول عقبة يصطدمن بها نراهن يعدن للخلف ويشعرن بالتردد ويفكرن في العودة كي يبدأن من جديد في خطوة أخرى وطريق آخر!

 

التردد مشكلة تستنزف من النفس وقتها وجهدها بعد أن تلمع في عينيها الآمال وتعلو الطموحات، فإذا به يشتتها ويصيبها بالقعود والخوف والعودة للوراء.

 

الابنة السائلة:

طالت فترة خطوبتك وقد علمت أن الخطبة لا تحل حراماً، ولا تجيز الممنوعات شرعاً، إلا بعد العقد الشرعي..

لكنك يبدو أنك عبرها قد استطعت أن تحكمي على خطيبك (طباعه - أخلاقه - دينه – حبه للخير – بخله – كرمه – عطاءه)

أشياء كثيرة تحدد لك رفضه أو قبوله كشريك لحياتك، وقد وصفته في رسالتك بأوصاف حسنة.

 

فهذه الجملة التي قد كتبتيها في سؤالك "أحاول أقنع نفسي به"، هذه كان مكانها قبل ثلاث سنوات وليس الآن، فالذي يحاول إقناع نفسه بزوج إنما يكون خلال الشهور الأولى من الخطبة وليس بعد ثلاث سنوات!

 

لكن لمع في عينيك بهرجة هؤلاء الملتفين حولك بمكان عملك، ورنت في أذنك كلماتهم المعسولة، فضعف قلبك أمامهم ونسيت ثلاث سنوات خطبة، وخطيباً ما زال ينتظرك!

 

إذا كان ترددك في خطيبك بسبب سوء أحواله المادية، فاعلمي أنه لن يبقى إنسان على حاله، وكم من أزواج بدؤوا حياتهم من الصفر ثم صاروا بعد فترة من الزواج بفضل الله ثم - بمساندة زوجاتهم لهم - من الأغنياء.

 

لكن الذي صغّر خطيبك في نظرك وقلله أمام عينيك، هم مَن حولك من هؤلاء الشباب.

 

وهذا للحق نوع غير حسن من الصفات تتصفين به في هذا الموقف، أن تتركيه لمجرد أن لمع في ناظريك غيره!

 

ألا ترين أنَّ تركه وارتباطك بأحد منهم ليس من الحكمة، فأنت لا تعرفينهم، فكيف يغرك هذا بكلمة أو سلوك، أو هذا بمظهر ومال، في اختيار شريك حياتك؟!

 

إنها كلها صفات مزيفة ليست حقيقية، بل إن أصلها خاطئ؛ لأن الفتاة المؤمنة تغض طرفها عن كل ذلك، وتنظر بمقياس الحق الذي تعلمته من دينها، كما أن الأصل في فعلك الخطأ إذ سمحت لنفسك بالخلطة الممنوعة في عملك مما حدا بك نحو هذا الذي تقعين فيه من آثار الخلطة..

 

كوني واعية في اختيار شريك حياتك، وأهم شيء أنه لا بد أن يكون صاحب دين وخلق، فصاحب الدين لا تخافي على نفسك معه، فسيكون لديه من الأخلاق والرحمة ما يقيم لك حياة هانئة.

 

لكن لا تغتري بآخر ليس عنده دين مهما امتلك، فهذا يتعسك ولا يسعدك.

 

فالذي يهتم بك الآن بمكان عملك بعد أن يخرج من العمل يهتم بغيرك وغيرك، فلا تنبهري بكل هذه التصرفات والكلمات المعسولة، والجئي إلى حصن الله سبحانه من الالتزام والوقار، والحجاب.

 

أما إذا كان رفضك لخطيبك سببه عدم القبول، فعندئذ لنا وقفة مهمة، فالقبول بين الزوجين هو الذي يقوي العلاقة، حتى عند وجود المشاكل الزوجية بعد الزواج، فيكون القبول بين الزوجين مفتاح عودة كل منهما للآخر، يأتي بعدها الصفات السابق ذكرها والتي لها أثرها على دوام بيت هادئ سعيد، فلو لم تجدي قبولا فعندئذ لا أنصحك بالارتباط.

 

أما ترددك في بعض الأمور فليس من العيب أن يتراجع المرء إذا علم أنه على خطأ، أو ظهر له جديد إضافة لاستنتاجاته أو حساباته، لكن غير ذلك فالتردد مرض لا علاج له إلا العزم والقطع والتوكل على الله سبحانه.

 

عليك إذن بالدعاء والاستخارة من جديد وكوني عادلة في حكمك على خطيبك، وتقية في وزن غيره، ولا تجعلي فقره من أسباب الرفض، فكم من صاحب مال لا يستطيع شراء المودة والرحمة والحياة السعيدة بماله.