توتّر العلاقة بين الزوجين: أسباب وحلول (1ـ2)
4 محرم 1439
مجلة الأسرة

يُفْتَرَضُ أن تكون العلاقة الزوجية موطنا للسكن والطمأنينة, وموئلا للأنس والراحة، ومقرا للمودة والألفة، فلماذا تتحول أحيانا إلى مصدر للتوتر والقلق. ومبعث للضيق والكدر.

ولماذا تنشب المشكلات في بيوتنا؟

الأسرة التقت نوال الشهراني، أخصائية تنمية المهارات الأسرية وحاورتها حول هذا الموضوع.

في البداية: تشير نوال الشهراني إلى: أن التوتر في الحياة الزوجية له أثار سلبية على حياة الطرفين، من أبرزها: غياب الشعور بالاستقرار والطمأنينة، وسيادة الشعور بالقلق والاضطراب، وزيادة الفجوة، والتباعد النفسي والعاطفي بين الزوجين، فيعيشان داخل المنزل الواحد وكأنهما منفصلان.

وقد وجدت العديد من الدراسات العلمية: أن ضعف الاستقرار داخل الحياة الزوجية، وتفاقم المشكلات الزوجية، يؤديان إلى ضعف الإنتاجية على كافة الأصعدة الاجتماعية والعملية والوظيفية.

وترصد الشهراني أسباب توتر العلاقات الزوجية في عدد من النقاط:
الغموض وغياب وضوح الرؤية أمام طرفي الحياة الزوجية: 
فتجد الرجل لا يفهم المرأة، والمرأة لا تفهم الرجل، وبسبب تلك الرؤية المشّوشة يصل التوتر بين الزوجين إلى ذروته، وتنشأ المشكلات. ولذا لا بد أن يعّبر كل طرف بوضوح عن مشاعره، ورغبته واحتياجه ودوافع تصرفه.

الغضب:
أكثرنا يعرف وصية النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تغضب)) والأخذ بتلك الوصية الغالية عامل وقائي عظيم، في درء المشكلات الزوجية، فالغضب مفتاح الشرور، ومنبع المشكلات، ولو تأملنا في حالات الطلاق، لوجدنا أن معظم أسبابها تتركز حول الغضب.

الملفّات المفتوحة:
عدم مواجهة المشكلات، ووضعها على الرف دون حل: يصنع جبلا من الضغينة إزاء الطرف الآخر، فتجد كل شخص يحمل في ذهنه وطيات نفسه كمّا هائلاً من الرواسب والمواقف السلبية القديمة، التي ستنفجر في يوم ما، وتخرج إلى السطح لتتسبب في تأزم العلاقة وتوترها.

ولتفادي الوقوع في بئر الملفات المفتوحة: ينبغي إغلاق الملفات وإنهائها، والفصل فيها مع تصفية النفس من الضغينة. فالحياة الزوجية ليست علاقة يوم أو يومين، أو هي علاقة عابرة، بل هي حياة دائمة، لابد أن تكون مملوءة بالمودة الخالصة والنفوس النقية.

الاستعجال في الردود:
لانبالغ إذا قلنا: إن التعجل في الرد على الطرف الآخر: يمثل منبعاً خصباً للمشكلات، وبيئة ملائمة للتوتر والقلق داخل الحياة الزوجية، فالاستعجال في الرد وعدم التروي في اختيار الردود وانتقاء الألفاظ، قد يُمَثّلان شرارة تقدح زناد المشكلات في الحياة الزوجية. إذ إن الردود المتعجلة قد تكون سلبية، وقد تمثل إهانة لكرامة شريك الحياة، مما يعني استثارة لأعصابه ووضعه في موضع الدفاع عن النفس، ومثال على ذلك أن تقول الزوجة لزوجها في كلمة عابرة: ((أنت تحب أن تقهرنا)) أو أن يقول الزوج لزوجته ((أنت هكذا دائما مهملة لمنزلك)). وشيئا فشيئا تكبر المشكلة وتتضخم بسبب كلمة يسيرة أو رد سريع غير متأنّ.

التقليد واستنساخ التجارب:
إن اتباع نصائح الغير دون التأكد من ملاءمتها لشخصية شريك الحياة وظروفه وطريقة تفكيره والمبادرة بتطبيقها بمنأى عن التأكد من جدواها: سبب قوي لنشوب المشكلات. فما يصلح لزوج قد لا يصلح لآخر. وما يصلح لزوجة قد لا ينفع لأخرى. فقد تنتهج الزوجة أسلوباً معيناً في التعامل مع زوجها، وتشعر بنجاحه، فتنصح به شقيقتها أو صديقتها، وقد تمارس تلك الصديقة الأسلوب نفسه مع الزوج فيأتي بنتائج عكسية، فعلى الزوجين أن يدركا أن لكل زوج مفتاحاً لشخصيته وأسلوباً للتعامل معه.

الخلل في فهم الحقوق والواجبات:
جزءٌ كبير من المشكلات الزوجية، يحدث بسبب الإخلال بِالحقوق والواجبات الزوجية كعدم منح الزوجة حقها الشرعي في النفقة، والإخلال بالعشرة الطيبة، والتعامل الحسن، والإخلال بتربية الأبناء.

إنّ نجاح الحياة الزوجية يقوم على الوعي بمبدإأ الحقوق والواجبات، وغياب هذا الوعي يعرّض الحياة الزوجية لهزات عنيفة وبراكين هادرة من التوتر.

عدم السؤال والاستيضاح

          من أكثر أسباب التوترات في الحياة الزوجية: عدم استيضاح كل طرف عن أسباب تصرف الطرف الآخر؛ مما ينشئ بيئة ملائمة للشك وسوء الظن.
فلا بد أن يستوضح كل زوج عن سبب انتهاج الطرف الآخر سلوكا معينا. إذ إن السؤال والاستيضاح يجنبان الحياة الزوجية كثيراً من المشكلات.

وفي الحلقة القادمة نتناول الوسائل الوقائية للمشكلات الزوجية.