اللاجئون حول العالم..أزمات لا تنتهي
14 صفر 1439
خالد مصطفى

يفرون من أوطانهم التي عاشوا فيها ولم يعرفوا غيرها لسنوات طويلة من أجل النجاة بحياتهم وحياة أولادهم ويتركون خلفهم أموالهم وبيوتهم وأرضهم وأعينهم باكية وقلوبهم دامية ولكن هل تنتهي مأساتهم عند هذا الحد؟ لا مع الأسف الشديد بل تبدأ مأساة جديدة بتفاصيل كثيرة لا تقل ألما عن المأساة الأولى...إنها أزمة اللاجئين التي تزداد حجمها يوما بعد يوم دون التوصل لحل لها رغم كثرة المؤتمرات التي تشارك فيها الدول الكبرى والغنية وتنتهي دوما بوعود زائفة...

 

في الفترة الأخيرة نشرت وسائل الإعلام العديد من الأخبار التي تشير إلى تفاقم هذه الأزمة؛ فقد قال مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إن أعداد المشردين قسرا في أنحاء العالم يقترب من 66 مليون نسمة، مقارنة مع 42 مليون شخص عام 2009...

 

وأضاف غراندي، في كلمة له خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي، إن "الأزمات المستمرة، بما في ذلك الصراع الكارثي في سوريا والعنف في العراق، شكلا معا ربع كل من هجروا قسرا حول العالم... وأشار إلى أن الأزمة السورية أدت إلى نزوح 11 مليون نسمة، مشددا على أن الاستجابة الكاملة لحركة النزوح الهائلة تلك يمكن أن تتحقق بالعمل على استعادة الأمن وحل الصراع وبناء السلام...

 

وتساءل المسؤول الأممي قائلا "هل أصبحنا غير قادرين على التوسط في السلام ؟"، فيما طالب الدول الأعضاء في مجلس الأمن بضرورة دعم اللاجئين السوريين وكذلك الدول المستضيفة لهم...

 

وحثّ المفوض الأممي، مجلس الأمن على إيجاد حلول سياسية للصراعات في العالم، مشددا على ضرورة تعزيز التدابير الوقائية وقيام الجهات الإنسانية الفاعلة وحفظة السلام بتقديم المساعدة فى حماية المدنيين...في نفس الوقت دعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أستراليا إلى التحرك على الفور لوقف "أزمة إنسانية متصاعدة" بعد احتجاز مئات من طالبي اللجوء في مركز مهمل في بابوا غينيا الجديدة دون طعام أو مياه...

 

وتصدى المحتجزون في مركز جزيرة مانوس طوال يومين لجهود أستراليا وبابوا غينيا الجديدة لإغلاق المخيم، قائلين إنهم يخشون أعمالا انتقامية عنيفة من المجتمع المحلي إذا تم نقلهم إلى "مراكز مؤقتة" أخرى...ومع نفاد الطعام تقريبا، وبدء ظهور أعراض نقص التغذية على مدار اليومين الماضيين على كثير من الرجال، قالت المفوضية إنه حري بأستراليا إيجاد حل لتلك الظروف مع بابوا غينيا الجديدة بشكل عاجل...وقالت المفوضية في بيان: "لا تزال أستراليا مسؤولة عن سلامة أولئك الذين انتقلوا إلى بابوا غينيا الجديدة لحين إيجاد حلول ملائمة وطويلة الأجل خارج البلاد"...أما في ألمانيا فقد قالت صحيفة "بيلد" ، إن حوالي 30 ألف شخص ممن رفضت طلبات لجوئهم، في عداد المفقودين...وأوضحت الصحيفة، نقلا عن مصادر في وزارة الداخلية الألمانية، أن بعض الأجانب الذين ينبغي ترحيلهم خارج البلاد والمسجلين في سجلات الأجانب، إما أنهم غادروا البلاد من دون علم مديرية شؤون الأجانب أو أنهم مفقودون"...

 

من جهتها, قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، أنه في كلِّ 5 دقائق يموتُ طفلٌ نتيجة العنف، ويعيش ملايين الأطفال الآخرين في خوفٍ من العنف البدني والعاطفي والجنسي...واستندت المنظمة في نتائج التقرير إلى بيانات جمعت من 50 بلدا حول العالم من عام 2005 إلى 2016، واستخدمت الاستقصاءات الديموغرافية والصحية لجمع المعلومات...وأظهرت النتائج أنه في المتوسط، يواجه الأولاد خطرا أعلى فيما يتعلق بالوفاة بسبب العنف، ولكن الفتيات أكثر عرضة للإيذاء الجنسي...

 

وشددت المنظمة على أنه لدى جميع الأطفال القدرة على أن يكونوا سعداء وأصحّاء وناجحين، ولكن مشاهدة العنف أو التعرّض له يقوّض هذه الإمكانات ويؤثّر على صحة الطفل، ومستقبله، ويمكن أن تدومَ آثارُ ذلك مع الأطفال مدى الحياة...كذلك توقع مسؤول في منظمة الأمم المتحدة زيادة صعوبة دعم اللاجئين السوريين في الأردن، العام المقبل؛ بسبب "إرهاق المانحين"، و"التركيز على الأزمات الأخرى", على حد قوله...وقال ممثل المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدى الأردن، ستيفانو سيفيريه، إن "برنامج دعم اللاجئين السوريين يحتاج شهرياً إلى 6 ملايين دولار أمريكي، وستزيد في 2018"...وأضاف: "تم طلب 277 مليون و200 ألف دولار للأمور المتعلقة بمساعدة ودعم اللاجئين السوريين في الأردن لعام 2017، إلا أنه لم يتوفر سوى 60%، بواقع 166 مليون دولار"...وتابع سيفيريه: "في العام الماضي تم طلب 318 مليون دولار للأردن، لكن تم تمويل العملية بنسبة 52٪ ، أي 165 مليون دولار"...

 

أضف إلى ذلك وضع العديد من الدول الغربية لعراقيل تمنع استقبال اللاجئين بعد الصعود الكبير لليمين المتطرف في هذه البلدان وتمكنه من الوصول للبرلمان والتأثير في سياسة بعض الحكومات , كما أن الهجمات والاعتداءات التي يتعرض لها اللاجئون على أيدي هؤلاء المتطرفين ازدادت بقوة وأصبحت الشرطة تواجه صعوبات في مواجهتها..

 

كذلك يدفع اللاجئون ثمن الهجمات التي يتم شنها في بعض البلدان الغربية حيث يتبع ذلك موجة من القوانين المناهضة لهم وتشديد شروط السماح باللجوء أو ضم شمل العائلات المتفرقة...إن اللاجئين ومعظمهم من الأطفال والنساء يدفعون ثمن صراعات دامية لا دخل لهم بها ولم يشاركوا في إشعالها فهل من العدل تركهم في مهب الريح؟!