مظاهرات الغضب في إيران
12 ربيع الثاني 1439
خالد مصطفى

المظاهرات التي اندلعت في عدة مدن إيرانية مؤخرا احتجاجا على غلاء الأسعار وشهدت هتافات من نوعية ”الموت (للرئيس حسن) روحاني“ و”الموت للدكتاتور“, هزت أركان الحكم في طهران خصوصا مع بث مقاطع فيديو أظهرت متظاهرين يهتفون ”اتركوا سوريا، فكروا فينا“ في انتقاد لدعم إيران العسكري والمالي للرئيس بشار الأسد..

 

وقد وصل الأمر لدعوة ممثل المرجع الإيراني علي خامنئي في مشهد، ثاني أكبر مدن إيران، قوات الأمن إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتظاهرين وهو أمر إن دل على شيء فإنما يدل على مخاوف حقيقية من تطور الأمور وخروجها عن السيطرة ..

 

المعروف عن نظام طهران أنه لا يسمح بمثل هذه المظاهرات وأنه يتصدى بقوة لمثل هذه الأمور قبل حدوثها ويشن حملات ترهيب واعتقال ضد من يدعو إليها أو يفكر في الدعوة إليها بأي شكل من الأشكال وخروج هذه المظاهرات بهذه الهتافات المدوية التي تطال رأس النظام وتدين تدخله السافر في الدول الأخرى وإنفاقه لأموال طائلة لحماية نظام الأسد ولدعم الميليشيات الطائفية في المنطقة, يؤكد أن الشعب الإيراني بدأ الخروج من حالة الفزع التي أصابه بها قمع نظام الخميني ومن بعده طوال العقود الماضية, وأنه قرر الحصول على حقوقه المسلوبة..

 

لقد أهدر نظام طهران مليارات النفط على مغامرات وأحلام الزعامة وإعادة تكوين الإمبراطورية الفارسية, وتجاهل الأزمات العديدة التي يعيش فيها الشعب الإيراني باعتراف المسؤولين أنفسهم حيث صرح رئيس لجنة "الخميني" الإغاثية الحكومية في إيران، برويز فتاح، أن 40 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر، أي نصف مجموع السكان البالغ عددهم 80 مليوناً...

 

وقال فتاح :إن الفقراء الذين تشملهم إعانات لجنة الإغاثة، ومنظمة الرفاه، والجمعيات الخيرية، لا يتجاوز 10 ملايين نسمة، بينما رسمياً هناك 20 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر، وفي تعريف الدولة ووفقاً لمحاسبتها فهناك 40 مليون شخص يحتاجون إعانات بمبلغ شهري قدره 45 ألف تومان"...
وأضاف: "عندما يتم تعريف خط الفقر، فإن الجميع يقارن نفسه بهذا الخط، لذلك فالكثير من الناس يعيشون تحت هذا الخط ويعتبرون فقراء، وهذا له انعكاساته الاجتماعية والمحلية والدولية، ويخلق المطالبات"...

 

لقد وصل مستوى الفقر في إيران إلى أن يسكن عدد من الإيرانيين في المقابر ويتخذونها منازل لهم في العاصمة طهران، حيث كشفت صحيفة "شهروند" الإيرانية أن عشرات الإيرانيين يسكنون داخل قبور إحدى المقابر، في منطقة نصير أباد التي لا تبعد سوى ساعة عن قلب العاصمة طهران، وأضافت "شهروند" أن الفقر المدقع جعل أسرا تتخذ من القبور مساكن للاحتماء من البرد القارص خلال فصل الشتاء، مشيرة إلى أن بعض القبور تؤوي شخصين أو ثلاثة، وبعض الأحيان أربعة أشخاص من عائلة واحدة.

 

 ونقلت الصحيفة الإيرانية عن أحد سكان القبور، قوله إنهم لا يملكون الخشب لإشعال النار من أجل التدفئة. وكشفت "شهروند" أن هناك العديد من الأسر أيضا تنام في الخيام وداخل الأنفاق في المنطقة ذاتها...

 

وأشارت الصحيفة إلى أن سكان القبور يقضون يومهم في التسول بشوارع طهران، قبل أن يعودوا إلى النوم داخل القبور عندما يحل الظلام..يأتي هذا بينما يمتلك عدد من المسؤولين في إيران ثروات هائلة؛ فقد كشف النائب الأمريكي بروس بولينك عن أن حوالي 70 مسؤولا إيرانيا اكتسبوا الكثير من الثروة الشخصية، وأضاف: "من حق المواطنين الإيرانيين وكافة شعوب العالم أن يعرفوا حجم ثروات الرعاة الرئيسيين للإرهاب والأهداف التي ينفقون هذه الأموال حولها"...

 

كما أكد أن كبار المسؤولين الحكوميين الإيرانيين، بمن فيهم المرشد الأعلى والمسؤولون السياسيون والعسكريون الرئيسيون في إيران، قد اكتسبوا ثروة هائلة من خلال البنية الديكتاتورية والفساد في البلاد...

 

وكانت لجنة الشؤون المالية في مجلس النواب الأمريكي، أقرت مشروع قانون في نوفمبر الماضي ينص على مطالبة الحكومة الأميركية بالكشف علناً عن جميع ممتلكات كبار القيادات في إيران، وكيفية حصولهم على هذه الممتلكات واستخدامها"....

 

لقد ظن النظام الإيراني أن سياط التعذيب وجدران السجون وأعواد المشانق قادرة على تلجيم الجبهة الداخلية إلى الأبد فركز اهتمامه وحشد ثرواته من أجل تصدير التشيع ومحاولة السيطرة على العواصم العربية وبث الفتن والنزاعات فيها ولم يفطن إلى خطورة المارد المحبوس داخل القمقم عندما يكسر سلاسله ويخرج غاضبا.